يُجمع مراقبون على أن المشهد الفلسطيني الداخلي بات أكثر تعقيداً نتيجة تأجيل رئيس السلطة محمود عباس للانتخابات، في ظل حالة الاستقطاب و"التخوين" المتبادل والتهديد وإطلاق النار على منازل مرشّحين، ومروراً ببلورة جسم تنسيقي لقوائم مرشحّة بهدف توحيد الخطوات المُضادة للتأجيل.
وبدأ المناخ الجديد مُستجدّاً تجعل تمرير أي مخرج لأزمة تأجيل الانتخابات من قبيل تشكيل حكومة وحدة ليس بالأمر اليسير، كما تؤكد قيادات مقربة من رئيس السلطة محمود عباس لموقع "زوايا" وكذلك ما وصل مِن إشارات من حركة "حماس" انها لن تتعاطَ بإيجابية مع مقترح حكومة الوحدة على الاقل حتى بضعة أسابيع.
أولوية حماس هي الضغط على عبّاس
فقد أكد مصدر من "حماس" لموقع "زوايا" انّ الحركة لديها قرار يقضي بعدم منح الرئيس عباس "سُلّم نجاة" عبر استعجال الموافقة على حكومة "الوحدة"، بل أنها تريد "مُراكمة فوزها المعنوي باعتبار أنها لم تكن سبباً بالتأجيل" لا أن "تقلل خسارة الخصم"، على حد تعبيره.
لذا، شدد المصدر الحمساوي على أنه لن يحدث تطور في موضوع حكومة "الوحدة" خلال الأسابيع القليلة، مشيراً أيضاً لسبب آخر لعدم رغبة "حماس" بالتعاطي مع فكرة حكومة "الوحدة".. ألا وهو أن محمود عباس وضع اشتراطاً مسبقاً اماما حماس حينما تحدث عن شرط الالتزام بالشروط الدولية من قبل أركان هذه الحكومة.
وألمح المصدر إلى أن "حماس" تتدارس في هذه الأثناء إمكانية دعم قوائم انتخابية كان من الممكن ان تشكل حضوراً بالمجلس "التشريعي- لو حدثت الانتخابات- أسوة بخطوة القيادي المفصول من "فتح" محمد دحلان الذي دعم تجمع نحو عشرين قائمة انتخابية لتكون بمثابة جسم تنسيقي.
بل وتذهب "حماس" لأكثر من ذلك في سبيل زيادة الضغط على عباس، وذلك بنقاشها في أروقتها الضيقة لإمكانية عقد مؤتمر وطني بعد شهر رمضان بغية إيجاد مرجعية للخروج من ازمة ما بعد التاجيل، على حد قوله.
حماس غير راغبة بحكومة "الوحدة"؟
الواقع، أن قيادات فتحاوية أكدت لموقع "زوايا" ان مشكلة "حماس" ليس بشروط مسبقة من الرئيس محمود عباس، وإنما هي لا ترغب بحكومة الوحدة، خاصة وأن "حماس" تشعر بالخذلان من تراجع قيادة فتح عن وعودات قدمتها لحماس، ومفادها "أن تكون فتح رافعة لتمكين حماس من الحصول على شرعية دولية اتجاهها بموازاة السماح بعودة نشاطها في الضفة الغربية، وعدم المساس بسلاحها في قطاع غزة".
اقرأ أيضاً: ما موقع معركة “خلافة عباس” من تأجيل الانتخابات؟
وزعمت وسائل إعلامية عبرية أن "حماس" مصممة على إشعال ميدان الضفة الغربية ضد الاحتلال، كوسيلة ضغط غير مباشرة على عباس، بدليل خروج قائم القسام محمد الضيف من "خزانة الصمت" لتحذير تل أبيب من مغبة ممارساتها بحق المقدسيين وسكان حي الشيخ جراح.
حكومة "الوحدة" إحدى قضايا الحوار الوطني القادم!
بدوره، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة "التحرير" الفلسطينية د.احمد مجدلاني لموقع "زوايا" إن ثمة نية لدى القيادة الفلسطينية لإطلاق حوار سياسي بعد عيد الفطر قد يبدأ ثنائياً او ثلاثياً ثم يُتوّج بحوار وطني شامل بغية ترتيب العديد من القضايا.. موضحاً أن "حكومة الوحدة" هي واحدة من القضايا على جدول الحوار وليست الوحيدة، تماماً كما كانت الانتخابات واحدة من عدة قضايا في الحوار الوطني.
شروط عباس الثلاثة
لكنّ مصدراً حكومياً كشف لموقع "زوايا" أنه حينما سئل رئيس السلطة محمود عباس على هامش مشاركته اجتماع مجلس الوزراء الاسبوع الجاري عن موضوع حكومة الوحدة، أجاب بالإشارة إلى ثلاثة شروط حتى ترى "الوحدة" النور وقد أبلغ دول عالمية بها؛ وهي: أولاً، أن توافق حماس وجميع المشاركين بهذه الحكومة على الاتفاقيات الموقعة مع دولة الاحتلال حتى تحظى باعتراف دولي وللخروج من لهجة التخوين الداخلي. والثاني، ان تمتد صلاحية هذه الحكومة من رفح حتى جنين دون أي معوقات.
بينما يتمثل الشرط الثالث بضمانات من قطر ومصر وتركيا بشأن ضبط حماس والتزامها بأي اتفاق وطني وأن تنفذ التزاماتها دون اي تلكؤ أو تراجع.
ويُستشف من هذه الشروط من قبل عباس أن الطريق الى حكومة الوحدة لن يكون يسيراً، وهو ما دفع "حماس" الى التفكير بوسائل ضغط مختلفة لتخفيض سقف قيادة السلطة واشتراطاتها، بوجهة نظرها.
حالة من التغيير ستشهدها القيادة الفلسطينية ولو بعد حين!
بالمحصلة، يتنبأ سياسيون ومراقبون أن الوضع الفلسطيني الذي يشوبه تعقيد ممزوج بالغموض سينتج عنه حالة من التغيير في مشهد القيادات الفلسطينية في المرحلة المقبلة، بالرغم من حدوث ذلك من بوابة الانتخابات أو بطريقة أخرى.
اقرأ أيضا: تحليل: تأجيل الانتخابات قرار خاطئ سيعمق الانقسام
بدورها، ذكرت صحيفة "يديعوت احرونوت" إن الأزمة الفلسطينية الحالية تشير إلى أن أبو مازن وصل إلى نهاية حياته السياسية، وأن مشكلة اليوم التالي أصبحت ذات دلالة أكبر من الماضي. وتزعم الصحيفة، أنه في غياب القدرة على تقديم أفق على الصعيد الداخلي - الفلسطيني أو مفاوضات مع حكومة تل أبيب، من المتوقع أن يواصل الرئيس عباس الحكم بالوسائل المعتادة من دون رؤيا للمستقبل حتى نزوله عن المنصة، إلّا إذا حدثت سيناريوهات مفاجئة، مثل وفاته أو "إزاحته" من جانب أطراف في القيادة الفلسطينية.
ولكن، حتى هذه اللحظة على الأقل ليس هناك دلائل تشير إلى أن هذا على وشك الحدوث، وفق ادعاء الصحيفة العبرية.