الانتخابات الفلسطينية استثنائية الإجراء والإلغاء..

نيفين عبد الهادي
نيفين عبد الهادي

استثناءات الحال الفلسطيني لا تنتهي، ففي كلّ تفاصيل الحياة من سياسية واقتصادية واجتماعية وحتى الدينية منها أيضا تعيش بظروف استثنائية مختلفة، فهي دولة محتلّة من عدو هو الأكثر عنفا وانتهاكا على هذه المعمورة، بالتالي يصعب أن نحكم على أي قرار تتخذه دولة فلسطين على أراضيها بمقاربة أو انطلاقا من أي تجربة عربية كانت أو دولية، فمواجهتها للإحتلال وضغوطاته تجعلها دوما دولة تقف في مواجهة في مهبّ عواصف انتهاكاته.

ورغم قناعتنا بأن لدولة فلسطين استثناءاتها الكثيرة، إلاّ أن عنصر المفاجأة سيطر على كثيرين بعد قرار الرئيس الفلسطيني بتأجيل الانتخابات البرلمانية الفلسطينية، فقد رأى كثيرون أن في هذه الانتخابات التي كان مقررا اجراؤها يوم 22 أيار الحالي، لتجري الرئاسية يوم 31 من تموز المقبل، أنها حاجة سياسية وشعبية هامة لخلق أجواء سياسية ربما القضية الفلسطينية اليوم بحاجة لها في ظل حجم الانتهاكات والعدوان الإسرائيلي الذي ترتفع وتيرته يوميا ضد الشعب الفلسطيني، إذ شكّلت هذه الانتخابات نافذة أمل بتغييرات تغيّر من شكل الأدوات التي يتم بها مواجهة اسرائيل.

اقرا أيضاً: الانتخابات الفلسطينية ..بين المضي والعرقلة والتأجيل

كما أسلفت كلّي قناعة وايمان بأن لدولة فلسطين استثناء بكل مناحي الحياة، لكن يبقى شأنها عامّا، يعني كافة الدول، فضلا لكون سلامة أراضيها ونيل حقوقها بعدالة يحقق أمنا وسلاما للمنطقة بشكل عام، فإجراء الانتخابات بعد 15 عاما على آخر انتخابات أجرتها السلطة الفلسطينية، حتما ستنعش روح الأمل بالتغيير نحو حالة أنشط من مواجهة «الظلم» الإسرائيلي الواقع على الفلسطينين، والإعتداءات المستمرة ضد الشعب والمقدسات والتي لا تراعي مناسبات دينية أو غيرها، فوصل حجم عدوانها للإعتداء على المصلين في الأقصى وكذلك في كنيسة القيامة، أو ربما بارقة أمل لتغيير أدبيات التعامل مع هذا الواقع الذي بات يزداد سوءا يوما بعد يوم.

هو قرار حتما يمكن قراءته من خلال فلسفة «أهل مكة أدرى بشعابها»، لكن علينا أن نؤكد أن في قرار إجراء الانتخابات هذا العام كان الكثير من التفاؤل بجديد سيغيّر من تفاصيل كثيرة لصالح القضية الفلسطينية، ففي التغير دوما وبثّ روح الشباب وهو ما بدا واضحا بنسبة الشباب بين عدد المرشحين للانتخابات، ذلك أن (5ر38 %) ممن كانوا سيخوضون الانتخابات لا تزيد اعمرهم عن (40) عاما، كلّ هذا من شأنه انعاش الآمال بتغيير للمشهد الفلسطيني تفرزه صناديق الإقتراع، فكانت فرصة ليؤكد الفلسطينيون للعالم أنهم قادرون فكما هم مناضلون في حماية تراب وطنهم هم أيضا قادرون على التغيير من خلال صناديق الإقتراع.

اقرأ أيضاً: متذيلو قوائم الانتخابات التشريعية.. لماذا يخوضون منافسة خاسرة؟

ما يمكننا تأكيده أن الدور السلبي والتخريبي الإسرائيلي له انعكاساته على الكثير من تفاصيل المشهد الفلسطيني، ولهذا الدور بطبيعة الحال ربما السبب الأكبر في قرار التأجيل، والذي ربما يحتاج إلى حالة سياسية جديدة في الشارع الفلسطيني تدفع باتجاه تغيير خارج صندوق النمطية بشكل يضمن تحقيق خطوات عملية لإلزام اسرائيل بالقوانين والشرعية الدولية، فيجب أن لا يغلق باب التغيير نحو الأفضل، وليكن هذا المشروع الفلسطيني مفتاحا لحلول سياسية واقتصادية واجتماعية يتوق لها الفلسطينيون الشعب الذي ما يزال محتلا حتى الآن للاحتلال الوحيد الباقي في العالم، ناهيك لسعي الإقليم والعالم لها.

ومن منطلق تحليلي فحسب، فإن الآمال تعقد على أن تبقى الانتخابات الفلسطينية نافذة أمل سيتم من خلالها التغيير الايجابي للمشهد الفلسطيني، حتى وإن تم تأجيلها، نافذة لرؤية بيئة فلسطينية تعمل بيد واحدة بعيدا عن أي انقسامات لنيل الحق الفلسطيني، فحتما الانتخابات كباقي حال الشأن الفلسطيني تتسم باسثنائية الإجراء وكذلك الإلغاء.

أصل المقال

المصدر : كتب: نيفين عبد الهادي

مواضيع ذات صلة

atyaf logo