تقرير تحليل: تأجيل الانتخابات قرار خاطئ سيعمق الانقسام

تأجيل الانتخابات
تأجيل الانتخابات

أجمع كتاب ومحللون سياسيون على أن قرار تأجيل الانتخابات الذي اتخذه الرئيس محمود عباس، بسبب عدم سماح الاحتلال الاسرائيلي لإجرائها في مدينة القدس المحتلة، قرار خاطئ سيعمق الانقسام والوضع الفلسطيني.

وكان الأجدر بالاستمرار في إجراءات الانتخابات والاشتباك ميدانياً وسياسياً على الأرض وفرض أمر واقع كما فعل المقدسيون مؤخراً في إفشال مخططات الاحتلال الإسرائيلي في فرض الحواجز والكاميرات ومنع صلاة التراويح ورفع الآذان عبر مكبرات الصوت.

الاحتلال لن يسمح بإجرائها في القدس

المختص في الشأن الإسرائيلي حمزة أبو شنب، أكد في حديث لـ "زوايا"، أن دولة الاحتلال الإسرائيلي تنتهج سياسة تغيير الواقع في الضفة الغربية بصورة تدريجية.

وأضاف أنها لن تسمح بإجراء الانتخابات في مدينة القدس المحتلة، بعد أن حصلت على قرار أمريكي بالاعتراف بالسيادة الإسرائيلية عليها في عهد إدارة دونالد ترامب، كون إجراء الانتخابات يمس بالسيادة الإسرائيلية على المدينة المقدسة.

وأوضح، أن اليمين الصهيوني الأكثر تطرفاً من بنيامين نتنياهو الذي يسعى لتشكيل حكومة ائتلافية مع أحزاب اليمين، يؤمنون بأن الضفة الغربية هي جزء من دولة الاحتلال الاسرائيلي.

وأضاف، أن دولة الاحتلال تقرأ المشهد جيداً، ولديها إشكالية في التعاطي مع حركة حماس في قطاع غزة، وتشن حرب مستمرة في الضفة لملاحقة كافة أشكال المقاومة بحق حماس والفصائل الأخرى، لمنع تشكل أي تواجد لحماس في الضفة، نظراً لأن الأجهزة الاستخباراتية الاسرائيلية تعتبر الانتخابات الفلسطينية نقطة تهديد لها ستسمح لحماس بإعادة تشكيل بنيتها التنظيمية وبشكل شرعي وسيفتح المجال أمامها للعمل العسكري.

اقرأ أيضاً: (فيديو) الحقوقي البارز عصام يونس: اعتبار الانتخابات نقطة البداية لتفكيك الأزمات محل شك

ولفت إلى أنه ورغم الحصار الإسرائيلي لحركة حماس خلال السنوات الماضية، إلا أن استطلاعات الرأي تفيد بأن المقاومة حاضرة بقوة، في المقابل هناك مشكلة داخلية في حركة فتح بوجود ثلاث قوائم، وهو ما سيعطي حماس التفوق وإن كان بشكل أقل من انتخابات 2006، وهو ما ترفضه دولة الاحتلال الإسرائيلي.

 

وأوضح أن حكومة الاحتلال لا يريد أن يعطي شرعية سياسية للسلطة الفلسطينية، ويريد للانقسام أن يبقى قائماً، ولا تريد أن تشكل حكومة فلسطينية موحدة، لأن ذلك من شأنه أن يضغط على دولة الاحتلال للعودة للمفاوضات التي لا تريدها دولة الاحتلال.

وأشار إلى أن القيادات العسكرية الإسرائيلية ومن بينهم منسق المناطق كميل أبو ركن قال بأنه سيتم رفع توصية للمستوى السياسي الإسرائيلي ضد الانتخابات.

جوهر التأجيل خلافات فتح الداخلية

في ذات السياق، أوضح الكاتب والمحلل السياسي الأردني والمختص في الشأن الفلسطيني حمادة فراعنة، أن القدس يفترض أن توحد موقف الفلسطينيين سواء الفريق المتمسك بإجراء الانتخابات أو الفريق الذي عمل على تأجيل الانتخابات.

وقال فراعنة في حديث لموقع "زوايا"، أن هناك اتهامات باطلة سيئة مؤذية غير أخلاقية بين الطرفين، وكل طرف يتهم الآخر بتنازلات غير موضوعية وهذا غير صحيح.

 

وأضاف، أن الفلسطينيين يجب أن يتوحدوا في مواجهة الاحتلال، معرباً عن اعتقاده أن السبب في تأجيل الانتخابات لا يعود لرفض الاحتلال السماح بإجرائها في القدس، موضحاً ان السبب الجوهري في تأجيل الانتخابات يعود لقضايا ذاتية تنظيمية له علاقة بحركة فتح.

اقرأ أيضاً: الانتخابات الفلسطينية على شفا التأجيل.. ماذا يجري في الكواليس؟

وتابع أنه بعد الانتفاضة التي انفجرت في وجه الاحتلال في القدس كان يفترض أن تشكل هذه الانتفاضة حوافز قوية لمواصلة خيار الانتخابات وفرض الانتخابات على العدو الاسرائيلي.

وشدد فراعنة على أن قرار تأجيل الانتخابات الذي اتخذ من قبل الرئيس محمود عباس، يجب أن لا يكون هذا القرار ذريعة زعزعة العلاقات الفلسطينية-الفلسطينية، ويفترض أن تناقش بروح من الاخوة والشراكة الفلسطينية.

وقال:" يكفي ما عاناه قطاع غزة بالتحديد من الانقسام ونتائج هذا الانقسام منذ حزيران 2007 إلى الان. وأضاف أن الشعب الفلسطيني ليس بحاجة لمزيد من المتاعب لمزيد من الانقسامات حول هذا الموضوع.

ورأى أن الذين يطالبون بإجراء الانتخابات لن يحققوا نتائج إيجابية سياسية لحالة القدس، وكذلك أولئك الذين طالبوا وعملوا على تأجيل الانتخابات.

وأوضح أن الاحتلال يواصل طريقه في أسرلة وعبرنة وتهويد مدينة القدس. ولا توجد عوامل رادعة للعدو إلا فقط من قبل أهل القدس.

وأشار إلى أن المقدسيين هم الذين وجهوا صفعة سياسية كبيرة لحكومة نتنياهو خاصة في تموز 2017، حينما أفشلوا برنامجه في فرض البوابات الالكترونية والجسور الحديدية والكاميرات الذكية.

وفي شهر شباط 2018 أيضاً أهل القدس أفشلوا برنامج نتنياهو المالي نحو كنيسة القيامة والكنائس المسيحية، ولذلك جاءت انتفاضة القدس من أول رمضان من أجل فرض الوجود الفلسطيني في القدس وإحباط مشاريع نتنياهو التي يسعى من خلالها لفرض المعايير الاسرائيلية في منع صلوات التراويح ومنع الاذان عبر مكبرات الصوت.

ولفت إلى أن الفريق الفلسطيني لو اعتمد على هذه التوجهات كان يمكن أن تكون النتائج أفضل وسيكون هناك وحدة فلسطينية في مواجهة العدو.

وأعرب عن اعتقاده أن ممارسات الرئيس الراحل أبو عمار "العقلية العرفاتية" التي كانت دائماً تسعى نحو الوحدة واستيعاب الآخر والحفاظ على التعددية سواء في داخل حركة فتح أو التعددية الفلسطينية؛ ولكن اليوم نجد أن هذه الروح الوحدوية التي تتمسك بالتعددية واحترام الاخر مفقودة مع الاسف في المشهد السياسي الفلسطيني سواء تم ذلك من خلال الانقسام بين الضفة الفلسطينية وقطاع غزة، وفي داخل حركة فتح ووجود ثلاث قوائم ترشحت للانتخابات.

وأوضح أن كل الأطراف لا تملك المزايدة على بعضها البعض، وكل الاطراف في حالة معاناة وفي حالة مواجهة مع الاسرائيلي بشكل أو بآخر، كما أن كل الاطراف متورطة في العلاقات مع الاحتلال الاسرائيلي، حيث رام الله وتل ابيب بينهما اتفاق التنسيق الأمني ، وهناك التهدئة الأمنية بين غزة وتل أبيب.

واعتبر أن نتائج تأجيل الانقسام ستؤدي إلى استمرار الانقسام وتفاقمه، لكنه لن يؤدي لاشتباكات مسلحة كما حدث في السابق.

وأضاف أن الخلافات السياسية ستبقي قائمة وستتعمق إلا أن يكون هناك فعاليات فلسطينية ربما تؤدي لتغيير صورة المشهد السياسي بين الاطراف الفلسطينية.

أسرى يدافعون عن قرار التأجيل

وخلافاً للمواقف الرافضة لقرار التأجيل، فقد دافع ثلاثة أسرى من سجن نفحة الصحراوي في مقال مشترك.

وهم الأسير حسام زهدي شاهين، والأسير ناصر عويص والأسير ماجد المصري، عن قرار تأجيل الانتخابات بسبب رفض الاحتلال السماح بإجرائها في القدس المحتلة.

مؤكدين أن الانتخابات ليست أهم من القدس، ولا أهم من الوحدة الوطنية، وتأجيلها بسقف زمني واضح لترتيب البيت الداخلي ليس هروباً وإنما ضرورة أكثر إلحاحاً من إجراءاها.

اقرأ أيضاً: حرب التشهير والإشاعات الممولة.. هل تؤثر على الناخب الفلسطيني؟

وبين الأسرى في مقالهم أن المسؤوليات التي يمكن أن يتحملها المجتمع الدولي تجاه الديمقراطية الفلسطينية والقدس في ظل التأجيل أكثر وأكبر بكثير من تلك التي سيتحملها في حال انعقاد الانتخابات، لأنها ببساطه ستكون قد جرت بالفعل.

وبالتالي تم إعفاء المجتمع الدولي من التزاماته وتعهداته في الضغط على دولة الاحتلال بموجب الاتفاقيات التي شارك في صناعتها، والتي تؤكد أن القدس الشرقية جزء من الأراضي المحتلة وهي عاصمة دولة فلسطين، وأن قبول الفلسطينيين بإجراء الانتخابات بدون القدس يعني التنازل عنها فلسطينياً وليس أوروبيا ودولياً

وأجمع الأسرى الثلاثة في مقالهم على أن الدعوة لتصويت المقدسيين في السفارات والقنصليات الأوروبية والأجنبية المتواجدة في مدينة القدس، أو في المؤسسات الدولية التابعة لهيئة الامم المتحدة، أو في الأماكن الدينية ككنيسة القيامة والمسجد الأقصى، دعوة فيها الكثير من المغالطات، لأن المقدسيين ليسوا رعايا أجانب في دولة أخرى، حتى نستعين ببعض الدول الصديقة لاستخدام سفاراتهم، كما أن أرض السفارة وفق القانون الدولي تعتبر خاضعة لسيادة الدولة التي تمثلها، والتصويت في هذه الحالة بُعد سياسياً وقانونياً تصويت على أرض أجنبية.

لا مصالحة وانتخابات في ظل وجود عباس

من جانبه، رأى الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف، أن قرار تأجيل الانتخابات هو لإلغاء الانتخابات، لأن الرئيس عباس رهنها بالموافقة الاسرائيلية، والموافقة لم تحدث وهذا يعطيها اطمئنان بأن الانتخابات لن تكون.

وعزا الصواف التأجيل في حديث لـ موقع "زوايا"، إلى هو خشية عباس من الهزيمة.

وأكد على ضرورة المجابهة من أجل تشكيل جبهة وطنية موحدة في مواجهة قرار الالغاء والاحتلال في القدس، وهذا ما يجب ان تقوم به الفصائل والقوائم التي ترغب في الانتخابات ليكون وسائل ضغط قوية على عباس للتراجع والعودة لما يريده الشعب.

وأشار إلى أن 93 في المئة من الشعب مسجلين في سجل الناخبين، و36 قائمة ستخوض الانتخابات، هو دليل على رغبة عارمة من أجل التغيير.

 

واعتبر الصواف أن قرار التأجيل زاد من حدة الانقسام لأن عباس هو أساس الانقسام ويريد الاستمرار لمصالح ذاتية، لافتاً إلى أن من يريد وحدة الشعب لابد أن يستمع للشعب، والشعب خرج بعشرات الآلاف ضد قرار التأجيل.

واعتبر الصواف أن الانقسام اليوم بات رأسه الرئيس عباس، ولا مصالحة ولا انتخابات ستجرى في ظل وجوده.

وفي ظل حالة الرفض الطاغية على قرار التأجيل يترقب الشارع الفلسطيني إلى ما ستؤول إليه الأوضاع، وسط أمنيات بأن يتم العدول عن قرار التأجيل.

المصدر : خاص زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo