تقرير كاميرات المراقبة الإسرائيلية .. شبح يطارد الفلسطينيين

كاميرات المراقبة
كاميرات المراقبة

لساعات طويلة مكث المواطن " م . ش " من مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية على الحاجز الإسرائيلي المقام على مدخل شارع الشهداء في الخليل بسبب قراءة خاطئة من كاميرات المراقبة المثبتة على الحاجز، جنود الاحتلال اتهموه بنيته القيام بعمل تخريبي وانتحاله شخصية غير شخصيته، الى أن تبين غير ذلك بعد ساعات طويلة من الاحتجاز والتدقيق والتفتيش .

حال هذا المواطن حال الكثيرين ممن يسكنون المنطقة الجنوبية في مدينة الخليل، حيث باتت حركتهم وذهابهم وإيابهم هم وعائلاتهم موثقة بالثانية، الأمر الذي فرض مزيداً من القيود على حياتهم ما ساهم في تفكيك أواصر الترابط الاجتماعي بينهم وبين من يفكر في زيارتهم أو الوصول إليهم .

يقول منسق تجمع شباب ضد الاستيطان في مدينة الخليل المهندس عيسى عمرو لموقع "زوايا" إن تجربة زرع كاميرات مراقبة ذات جودة عالية أمام منازل المواطنين بدأت بشكل واضح عام ألفين وسبعة عشر في مدينة الخليل، وبعد النجاح الذي حققته هذه التقنية تم تعميم التجربة في بقية المحافظات الفلسطينية، وتركزت أكثر على طول الطريق الالتفافي الواصل بين المحافظات.

اقرأ أيضاً: صحيفة بريطانية: الفلسطينيون يستحقون قيادة أفضل من فتح وحماس

ويظهر عمرو أن هذه الكاميرات ساهمت بشكل كبير في انتهاك خصوصية المواطن، حيث تزودك هذه الكاميرات بكل ما له علاقة بتفاصيل حياتك من خلال الشركات المزودة لهذه الخدمة، الأمر الذي يعيق دخول أي مواطن فلسطيني خارج هذه المناطق مما يؤدي الى مزيد من الفرقة الاجتماعية بين أهالي المنطقة الواحدة.

ويلفت عمرو إلى أن هذه الكاميرات أصبحت بديلاً لجنود الاحتلال المتمركزين في المناطق الأكثر احتكاكاً مع المستوطنين، حيث تحدد هذه الكاميرات من خلال التقنيات المزودة بها من يسمح له بالدخول إلى تلك المناطق من عدمه، الأمر الذي يؤثر كثيراً على حياة الناس سيما أن هذه تكنولوجيا قابلة للخطأ في بعض الأحيان، ما يزيد ظروف الحياة تعقيداً على المواطنين.

ويوضح أن تجمع شباب ضد الاستيطان بدأ في العام ألفين وتسعة عشر حملة دولية لمقاطعة شركة(Hp) التي كانت تبيع هذه التكنولوجيا إلى مستخدمي تلك الكاميرات، مبيناً أنهم طالبوا كل العالم مقاطعة أي شركة تساهم في تطوير قدرات الاحتلال، وهو الأمر الذي لاقى نجاحاً في بدايات الحملة، حيث أن شركة (Hp) تراجعت عن بعض العقود التي كانت موقعة مع الاحتلال الإسرائيلي

ويكشف الخبير الأمني محمد شديد لموقع "زوايا"، أن دولة الاحتلال الإسرائيلي امتلكت مؤخراً برنامج يطلق عليه اسم " بيقاسوس" وهو تابع لشركة " نيكتو" الإسرائيلية، ويعد البرنامج الأضخم على مستوى العالم في تتبع الأجهزة والموبايلات وكاميرات المراقبة، مبيناً أن الاحتلال يستخدم هذا البرنامج في بعدين، الأول أمني حيث يتبع من خلاله كل الأنشطة التي تتم عبر كاميرات المراقبة والموبايلات لحظة بلحظة سيما أن كاميرات المراقبة التي يضعها الاحتلال متصلة بالإنترنت بشكل دائم، والبعد الأخر هو اقتصادي من خلال تتبع كل ما له علاقة بالنشاط الاقتصادي بما يخدم مصلحة الاحتلال .

اقرأ أيضاً: الفراغ يحتل مسارح فلسطين والفنانون يعانون بدون منقذ

ويضيف شديد أن الاحتلال الإسرائيلي باع هذه المنظومة للعديد من الدول العربية منها السعودية ودبي ولبنان، وتبين أن مجموعة كبيرة من الشخصيات المهمة حول العالم تمتلك هذه المنظومة، لافتاً الى أن ثغرات أمنية كثيرة شهدها مجال المراقبة والتتبع، بحكم ان هذه تكنولوجيا حديثة وناشئة ولا زالت تواجه الكثير من الثغرات.

ويبين شديد أن من يمتلك المعلومة اليوم هو من يمتلك العالم، مبرهناً ذلك بقوله إن الصراع القائم اليوم بين الدول الكبرى مثل الصين وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية صراع معلومة أكثر من كونه صراع على امتلاك السلاح، لافتاً إلي كاميرات المراقبة تشكل جزء من هذا الصراع، ولو لم تكن تلك الكاميرات غاية في الأهمية، لما قامت دولة الاحتلال بتركيبها على الطرق الإلتفاقية الرابطة بين محافظات الضفة الغربية واستغلتها أوسع استغلال.

ويوضح شديد أن كاميرات المراقبة موضوع ناشيء في التكنولوجيا الحديثة ومليء بالثغرات، الأمر الذي ساعد إسرائيل في الوصول إلى المعلومة عن طريق الثغرات المتعددة، سيما أن فلسطين تعتبر من الدول ذات الخبرات المتواضعة في هذا المجال إذا ما قورنت بإمكانيات دول أخرى قطعت شوطاً طويلاً في هذا المجال المليء بالتعقيدات من جهة، وانتهاك خصوصية المواطنين من جهة أخرى.

وهذا ما يفتح باب النقاش على مصرعيه حول قانونية ما تقوم به إسرائيل في مجال كاميرات المراقبة ومدى مخالفة ذلك للقوانين والأعراف الدولية، وإن كانت إسرائيل لا تلقي بالاً لذلك بحسب ما يقول شديد .

وفي ظل عدم سن قانون خاص أو لائحة تنظم استخدام كاميرات المراقبة، لابد من الرجوع للقوانين العامة ذات الصلة وعلى وجه الخصوص، المادة (17) من القانون الأساسي الفلسطيني والتي نصت على أن ( للمساكن حرمة، فلا يجوز مراقبتها أو دخولها أو تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب ووفقاً لأحكام القانون، ويقع باطلاً كل ما يترتب على مخالفة أحكام هذه المادة، ولمن تضرر من جراء ذلك الحق في تعويض عادل تضمنه السلطة الوطنية الفلسطينية).

المصدر : خاص زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo