"نحن قادرون".. هل استعار فياض شعار حملته الانتخابية وما هي ضالته؟

"نحن قادرون" شعار مثير اختاره رئيس الوزراء الأسبق سلام فياض لقائمته الانتخابية، وكأنه يسرد لنا قصة بكلمتين؛ قصة تروي إصراره على تغيير الواقع هاتفاً أمام من يتبعه “نحن قادرون".


من أين جاء فياض بهذا الشعار؟ هل استعاره؟ هل ابتكره؟ وكيف سيدرك ضالته؟.


الحقيقة هي آن شعار "نحن قادرون" هو نسخة تقليدية بحتة، وليس من ابتكار فياض، إنه الترجمة الحرفية لشعار “yes we can” الذي رفعه باراك اوباما في حملته الانتخابية للرئاسة الأمريكية في ٢٠٠٨.، وكان أيضاً شعاره في ٢٠٠٤ أثناء حملته لمجلس الشيوخ الأمريكي ممثلا عن ولاية إلينوي.


لذا لم يكن صعباً على فياض الذي أقام وانغمس في الثقافة السياسة الأمريكية أن يستعير الشعار الانتخابي، فما الذي دفعه لاستخدام شعار أوباما الانتخابي؟.


اقرأ أيضاً: الانتخابات الفلسطينية على شفا التأجيل.. ماذا يجري في الكواليس؟

هل يحمل ذات طموحه السياسي ويريد أن يستعير نسخته كاملة من عضو في الكونغرس إلى رئيس البلاد أم سيكتفي فقط باستعارة شعاره الانتخابي.



ما هي قصة شعار حملة أوباما في الانتخابات الأمريكية؟


يعود أصل هذا الشعار كما تحدث عنه أوباما وكتبت الصحافة الأمريكية عام 1972 حيث أقر في ولاية أريزونا الأمريكية قانوناً يمنع عمال الزراعة من الإضراب وقت جمع المحصول، مما أضر بقدرة العمال على المطالبة بحقوقهم، وهنا حصل نقاش بين قادة العمال بشأن الإضراب وكان رأيهم بأنهم لا يستطيعون، فتوجهوا إلى سيزر شافيز مؤسس منظمة عمال المزارع المتحدة للتشاور معه، فرفع شافيز المريض رأسه وقال لهم بالإسبانية ”Si se puede” أي بما يعني باللغة الإنجليزية “yes we can”، وباللغة العربية "نحن قادرون" وقامت شريكته في قيادة الحركة العمالية دولوريس هويرتا بتحويل ما قاله شافيز إلى شعار “yes we can” حمله مئات آلاف العمال على يافطات احتجاجية.


أوباما استخدم هذا الشعار للمرة الأولى في انتخابات الكونغرس عام 2004، وكان خطابه الذي بُثَّ محلياً خلال المؤتمر الوطني الديمقراطي سببا ليصبح نجما صاعدا على الصعيد الوطني.


وبعد انتخابه لعضوية مجلس الشيوخ بأعلى نسبة تصويت بدأ يتطلع إلى انتخابات الرئاسة الأمريكية، وفي عام 2007 أصبح مرشح الحزب الديمقراطي في الانتخابات الأمريكية بعد أن هزم هيليري كلنتون كأول مرشح من أصل أفريقي في انتخابات الرئاسة الأمريكية وذو ميول يسارية.


اقرأ أيضاً: متذيلو قوائم الانتخابات التشريعية.. لماذا يخوضون منافسة خاسرة؟

ونافس في عام 2008 المرشح الجمهوري جون ماكين، وأطلق حملته الانتخابية تحت شعار “yes we can”، وبذلك أصبح هذا الشعار شعاراً انتخابيا على مستوى الولايات المتحده وليس على مستوى ولاية. أوباما كشف من تلقاء نفسه للجمهور أن هذا الشعار مستعار، ولم يقم بتسجيل ملكيته كما فعل تجاه العديد من شعارات حملته الانتخابية، بل أقر بالجميل عام 2012 حين كرم دولوريس هويرتا على دورها في الحركة المدنية، وشكرها لأنها سمحت له باستخدام الشعار في حملته الانتخابية.



ما الذي دفع فياض لاستعارة شعار أوباما الانتخابي؟


قدم رئيس الوزراء الأسبق سلام فياض الشعار الانتخابي للمجتمع الفلسطيني كنسخة أصلية وليس شعاراً تقليدياً مترجماً، وهذا فيه إلى حد ما استغفال للجمهور رغم علم الجمهور المسبق بأن فياض مغرم باستعارة سلوكيات رؤساء الولايات المتحده حين كان رئيساً للوزراء، فقد كان يقدم خطابا إذاعيا أسبوعيا على غرار العديد من رؤساء الولايات المتحده، وكان يظهر أحياناً بطريقة تشبههم من حيث اللباس غير الرسمي.


فماذا يدور بذهن فياض سياسياً حين اختار هذه الاسم لحملته؟


تختلف أصول الدكتور سلام فياض الفكرية عن أصول اوباما اليسارية، فأصوله المهنية والفكرية كانت البنك الدولي ثم صندوق النقد ثم البنك العربي، لكن تبنيه هذا الشعار يحمل في طياته تشابه الطموح السياسي لـ"أوباما" أكثر من التشابه الفكري، فهو على ما يبدو يطمح أن يكون وصوله إلى المجلس التشريعي مقدمة لوصوله إلى كرسي الرئاسة، ولطالما أثير اسمه كخليفة للرئيس عباس كونه مقبولا للمجتمع الدولي خاصة الولايات المتحدة وأوروبا وإسرائيل.



ما هو سيناريو فياض المتوقع وهو يعلم قوته الانتخابية؟


في النظرة الأولى تبدو هذه الفرضية ضعيفة ولا تمت إلى الواقع بصله، والسبب أن قائمتة الإنتخابية ضعيفة إلى حد ما وغير متجانسة، فهي تضم الليبرالي الجديد والرأسمالي واليساري والمقرب من التيار الإصلاحي، وعدم تجانسها لا يؤهلها إلى تبني سياسات اقتصادية واجتماعية قادرة على التغيير، وفرص وصولها إلى المجلس التشريعي ضئيلة، تكاد تصل إلى عضوين أو اكثر قليلا إن اجتازت نسبة الحسم هما فياض ورجل االاعمال الذي منحه الموقع الثاني في قائمته تكريماً له على تغطيته النفقات المالية للحملة الانتخابية، لقد أنشأت القائمة وسجلت ورئيسها فياض مقيم في الولايات المتحده.


يعلم سلام فياض ما يفعله جيداً، ولا تشكل عضوية المجلس التشريعي أي إضافة شخصية أو سياسية له حين سئل إن كان سيتحالف في الانتخابات التشريعية مع قوائم أخرى في إشارة إلى قائمة القدوة أو قائمة دحلان؟ أجاب فياض لن نتحالف مع أي قائمة قبل الانتخابات. ولم يقل بعد الانتخابات مما زاد في طمأنة حركة فتح بأنه لن يتحالف مع دحلان أو القدوة، وشكل قائمة متواضعة لا تثير بقوتها حركة فتح، بدليل أنها لم تسجل بحقه أي طعن كما فعلت مع الآخرين.


فما الذي سيجري في اليوم الذي سيلي انتخابات المجلس التشريعي؟


أعتقد أنه في اليوم التالي لانتخابات المجلس التشريعي ستتفكك ثلاثة قوائم انتخابية هي "نحن قادرون" و"الحرية " و"المستقبل"، وستشكل معاً كتلة برلمانية ستضم غالباً من 20 – 25 عضواً في المجلس التشريعي، وستكون ثالث كتلة في التشريعي.


قائمة الحرية ستتفكك، وجزء منها سينضم إلى الكتلة الجديده، وجزء منها سيعود إلى حركة فتح. اثنتان من القوائم المذكورة بلا رؤوس، قائمة المستقبل لا يوجد بها رأس سياسي على المستوى الوطني، وقائمة الحرية رأسها الغائب مروان البرغوثي، لذا ستكون الحظوظ العالية لفياض ليترأس الكتلة البرلمانية الجديده، وسيتحول إلى فاعل سياسي مؤثر كونه سيحظى بدعم خليجي للكتلة الجديدة خاصة من دولة الإمارات، وستتعزز فرصه السياسية باعتباره أقوى مرشح للانتخابات الرئاسية، فيما ستتراجع فرص الأسير مروان البرغوثي إلى الخلف بوجود مرشح جديد قوي ينافسه على الانخابات الرئاسية، وهنا سيقترب فياض خطوة أكبر باتجاه الرئاسة، خاصة إذا حصل انقسام وتنافس بين مرشحي حركة فتح.


بهذا السيناريو نستطيع تفسير كيف استعار فياض شعار الحملة الانتخابية للرئيس أوباما؟ وكيف استعار حلمه الشخصي بالإنتقال من البرلمان إلى الرئاسة؟.


فهو شخصية سياسية يرتكز في توجهاته السياسية على مراكز دولية متخصصة في التخطيط السياسي، ولا يمكن أن يخضوض مغامرة سياسية تنهي مستقبله السياسي دون أن يكون لديه سيناريو يمكنه من استعادة دوره السياسي حين كان رئيس وزراء.


بقلم: ماجد العاروري

مواضيع ذات صلة

atyaf logo