رغم عودة المساعدة الأمريكية "الأونروا" تشكو العجز.. ما السبب؟

وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين (الاونروا)
وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين (الاونروا)

عقب إعلان الولايات المتحدة استئناف مساعدتها للفلسطينيين التي توقفت إبان ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب، رحبت جميع الأطراف المعنية بالقرار، ولكنه قوبل بانتقادات إسرائيلية شديدة.

وأعلنت الإدارة الأمريكية عن ميزانية بـ150 مليون دولار لصالح وكالة أونروا، و75 مليون دولار لصالح مشاريع إنسانية في الضفة الغربية على ألا تتم عبر السلطة الفلسطينية.

في حين، سيتم تخصيص 15 مليون من المبلغ المذكور لدعم المستشفيات في شرقي القدس، كما سيتم تحويل 10 ملايين دولار لمنظمات تسعى "للتعايش وثقافة السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين".

"زوايا" رصدت ردود أفعال اللاجئين الفلسطينيين والجهات المعنية بقرار إعادة المساعدات للأونروا رغم أنها منقوصة عما كانت في السابق، وحول مدى المساهمة العربية فيها، ومدى كفايتها لسد العجز لدى الأونروا، وهل هذه العودة مشروطة سياسياً؟

كما حصلت من "الأونروا" على الأرقام المتوفرة لديها، حول احتياج اللاجئين من المساعدات في شتى المجالات التي تعمل بها، والقيمة الإجمالية لحجم المساعدات والتدخلات خلال الفترات السابقة، وهل يمكن أن تتراجع الأونروا عن تقليصاتها؟.

وتأسست "أونروا" عام 1949 بموجب قرار صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهي تقدم خدمات في قطاعات مختلفة لنحو 5.6 ملايين لاجئ فلسطيني مسجلين لديها في أقاليم عملياتها الخمسة: الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة.

ووفقاً للجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء، فقد أشارت سجلات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إلى أن عدد اللاجئين المسجلين للعام 2019، حوالي 5.6 مليون لاجئ فلسطيني، يعيش حوالي 28.4% منهم في 58 مخيماً رسمياً تابعاً لوكالة الغوث الدولية.

ويتوزع اللاجئون الفلسطينيون على 10 مخيمات في الأردن، و9 مخيمات في سوريا، و12 مخيماً في لبنان، و19 مخيماً في الضفة الغربية، و8 مخيمات في قطاع غزة.

وتمثل هذه التقديرات الحد الأدنى لعدد اللاجئين الفلسطينيين، باعتبار وجود لاجئين غير مسجلين، إذ لا يشمل هذا العدد من تم تشريدهم من الفلسطينيين بعد عام 1949 حتى عشية حرب حزيران 1967 "حسب تعريف الأونروا" ولا يشمل أيضاً الفلسطينيين الذين رحلوا أو تم ترحيلهم عام 1967 على خلفية الحرب والذين لم يكونوا لاجئين أصلاً.

 آمال بالزيادة ووقف التقليصات

وكثيرة هي التأملات التي عبر عنها اللاجئون الفلسطينيون لـ"زوايا" بأن ينعكس قرار عودة الدعم الأمريكي للأونروا عليهم بشكل مباشر لتحسين ظروفهم المعيشية وتلقي خدمات أفضل.

ومن جملة هؤلاء اللاجئين، كمال خليل من مخيم البريج وسط قطاع غزة، حيث أعرب عن أمله في عودة ما تسمى "الكوبونة الصفراء" التي تم تقليصها نتيجة للعجز الذي أعلنته الأونروا في موازنتها عقب قطع المساعدات الأمريكية عنها.

والغصة في قلبه، يقول اللاجئ الخمسيني خليل "أن تلقيه نصف الكمية السابقة من المواد التموينية كل ثلاثة أشهر لا يسد احتياجات أسرته المكونة من عشرة أفراد"، مطالباً بإعادة حصته من المواد التموينية، فضلاً عن حاجته لإيجاد عمل لأبنائه في برامج التشغيل التابعة لوكالة الغوث.

اقرأ أيضا: عودة المساعدة الأمريكية للسلطة.. هل تنتظر اتصال بايدن-عباس؟

في حين يتملك القلق اللاجئة المسنة "أم علاء نسمان" من مخيم الشاطئ، خوفاً على توقف مساعدتها المزدوجة من المواد التموينية والأدوية التي تتلقاها في عيادة الأونروا للعلاج من مرض السكر المزمن، معبرة عن ذلك خشيتها من توقف هذه المساعدات، حسب ما يتم تدواله في مجلسها مع جاراتها من حين لآخر.

وكانت "الأونروا" قد أعلنت في العشرين من مارس الماضي 2021، إلغاء "الكابونة الصفراء السلة الغذائية المضاعفة" التي كانت تصرف للأسر الأشد فقراً، والبدء في تطبيق نظام السلة الغذائية الموحدة لجميع اللاجئين المستفيدين.

وحال الشباب الفلسطيني، لا يقل وجعاً وقطار العمر يمر بهم دون الحصول على فرصة عمل، فقد عبر اللاجئ الثلاثيني زياد مطر عن انزعاجه من عدم توفر فرصة عمل له بعد ثمانية أعوام على تخرجه، لافتاً إلى أنه اضطر للزواج والانفصال عن منزل عائلته، لتجنب انقطاع كوبونة المواد التموينية عنهم.

ويأمل مطر وهو خريج بكالوريوس تجارة وأعمال، أن يحصل على فرصة عمل ولو مؤقتة تعينه على صعوبة الحياة الاقتصادية، معتبراً أن عودة المساعدات للأونروا، ربما تكون فرصة لزيادة حصة التشغيل للاجئين وخاصة الخريجين.

يشار إلى أن السنوات الأخيرة، نظمت اللجان المساندة للاجئين في قطاع غزة فعاليات مختلفة وصلت حد تعليق وإغلاق مؤسسات الأونروا، احتجاجاً على تقليصات وكالة الغوث للمساعدات والخدمات المختلفة.

ووفقاً لحقائق وأرقام مسجلة لآخر تحديث مطلع كانون الثاني/ يناير 2018 على الموقع الرسمي للأونروا، فإن لديها في قطاع غزة 1,4 مليون لاجئ مسجل من أصل 1,9 مليون نسمة (حوالي 73 في المائة) في 8 مخيمات للاجئين، وأكثر من 13,000 موظف، و 275 مدرسة لأكثر من 272,000 طالب وطالبة، و22 مركزاً صحياً، و16 مكتباً للإغاثة والخدمات الاجتماعية، و3 مكاتب للتمويل الصغير، و11 مركزاً لتوزيع المساعدات الغذائية لحوالي مليون مستفيد.

 العجز مازال قائماً

وحول القرار الأمريكي بإعادة المساعدات للأونروا، اعتبر عدنان أبو حسنة المستشار الاعلامي للأونروا، بأنه "قرار مهم وإيجابي للغاية"، مؤكداً أنه سيكون له انعكاسات هامة على برامج الأونروا المختلفة في أماكن تواجد اللاجئين الفلسطينيين في منطقة الشرق الأوسط.

وفصل أبو حسنة في حديثه لـ" زوايا" توزيعات هذه المساعدات الأمريكية، قائلاً: "إن 150 مليون دولار ستوزع بين البرنامج العام، والذي نقدم من خلاله التعليم والصحة والإغاثة لـ5,7 مليون لاجئ فلسطيني".

وأوضح أن "أكثر من نصف مليون فلسطيني من العدد السابق، يتلقون الخدمات في مدارسنا وعياداتنا، فهناك ثمانية ونصف مليون زيارة طبية لعيادات الأونروا وهي 150 عيادة في منطقة الشرق الأوسط العام الماضي".

وذكر أن لدى الاونروا مليون و700 ألف لاجئ يتلقون منها مساعدات نقدية ومساعدات غذائية أيضاً، مشيراً إلى أن جزء من هذه المساعدات سيكون موجهاً لبرنامج الطوارئ أو لمواجهة آثار كوفيد19"كورونا".

وأكد أبو حسنة أنه بالرغم من استئناف هذه المساعدات الأمريكية إلا أنها "لا تكفي لسد العجز لدى الأونروا"، لافتاً إلى أنه بعد دفع هذه المساعدات سيكون لدى ميزانية الأونروا للعام 2021 "عجز بحوالي 150 مليون دولار".

وحول مدى دعم الدول العربية للأونروا، فقد أكد أبو حسنة أن هذه الدول في عامي 2018 و2019 وبالذات الخليجية منها، هي من ساندت الأونروا بعد قرار الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب، بقطع 360مليون دولار عن الأونروا.

غير أن هذا الدعم العربي تراجع العام الماضي–حسب أبو حسنة- من 200 مليون دولار إلى حوالي 37 مليون دولار فقط، مما شكل للأونروا أزمة كبيرة.

وعما إذا كان للأونروا نوايا بتعويض اللاجئين عن الخدمات والمساعدات التي تم تقليصها خلال الأعوام الماضية، فقد قال أبو حسنة أن "الأونروا مازالت في أزمة، حيث لديها نقص في حوالي 150 مليون دولار، ويجب الحصول على هذا المبلغ، وإلا سنظل في إشكالية العجز".

وأضاف "الأونروا لم تتعاف بعد من عجز الـ 150 مليون دولار، وبالعكس هناك أزمة تتعمق بسبب زيادة احتياجات اللاجئين الفلسطينيين وأعدادهم (..) لا أحد يستطيع أن يقول بأن الأزمة انتهت وأننا في وضع ممتاز، وأنه يجب أن نتحرك في اتجاهات أخرى على الإطلاق، الأزمة لا زالت مستمرة، وهناك عجز".

ولكن أبو حسنة استدرك بالقول: "نحن نعول على المؤتمر الدولي خلال الشهور القادمة، حيث نأمل أن نستطيع من خلاله أن نقدم رؤية حول احتياجات الأونروا المستقبلية وكيفية تطوير البرامج وتحديثها، وفي نفس الوقت سنطالب المجتمع الدولي بأن يقدم للأونروا تعهدات متعددة السنوات، حتى يمكن لنا أن نقدم برامج أكثر جودة وأن نقوم بعمل خطط أفضل في المستقبل".

وعاد ليؤكد بأن أزمة الأونروا مازالت مستمرة رغم استئناف الدعم الأمريكي، منوهاً إلى أن الأونروا تتطلع إلى دعم أمريكي قادم أكبر، منوهاً إلى أن الأونروا ليست لغزة فقط، فالأخيرة فيها 20% من اللاجئين الفلسطينيين الذين تقدم لهم الأونروا المساعدات.

وفي معرض رده على من يقول إن استئناف الدعم الأمريكي للأونروا له شروط سياسية، أجاب أبو حسنة "أن المساعدات الأمريكية للأونروا ليست مشروطة، فالشفافية والمحاسبة والحيادية هي دائماً اشتراطات في كل المساعدات وليس الأمريكية فقط"، مكرراً في نهاية حديثه "هذه مساعدات هامة ولها تأثير إيجابي على خدمات الأونروا".

 هل المقابل سياسي؟

ولا يخل القرار الأمريكي من الاشتراطات السياسية، من وجهة نظر البعض الفلسطيني، الأمر الذي نفاه البتة، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس دائرة شؤون اللاجئين أحمد أبو هولي قائلاً "أنه لا توجد أي اعتبارات أو اشتراطات سياسية، مقابل قرار الإدارة الأمريكية استئناف المساعدات للفلسطينيين، بما في ذلك استئناف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) التي توقفت خلال فترة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب".

وأشار أبو هولي في حديث خاص لـ"زوايا" أنهم في دائرة شؤون اللاجئين لمنظمة التحرير، أوضحوا لمساعد وزير الخارجية السيد ريتشار أولبرايت لشؤون الإسكان والهجرة واللاجئين "موقفهم الثابت بأن الحل الأمثل هو إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف وتنفيذ قرار 194".

وأكد أبو هولي أنه لا توجد أي شروط سياسية لاستئناف هذا الدعم المالي للفلسطينيين، مشدداً "موقفتا ثابت من رفضنا لصفقة القرن، ورفضنا لاستهدف ملف اللاجئين، ورفضنا لإغلاق وكالة الغوث أو إضعافها، أو التقليل من شأنها، وبالتالي لا توجد أي شروط سياسية تجعلنا نوافق بشكل مشروط على استئناف هذا الدعم".
اقرأ أيضا: أسرلة المنهاج الفلسطيني في القدس…استراتيجية إسرائيلية شاملة وردات فعل فلسطينية رسمية وشعبية مرتبكة!

وذكر أنه في لقائهم مع ريتشار أولبرايت، رحبوا بإعادة استئناف المساعدات الأمريكية لوكالة الغوث، وطالبوه أن تعود المساعدات الأمريكية كما كانت قبل 2018، حيث كانت بمقدار 365 مليون دولار، أي قبل أن تقطع إدارة الرئيس السابق كل المساعدات الأمريكية عن الأونروا.

واعتبر أن هذه بداية جيدة وتصحيح لمسار دعم الأونروا، مشدداً على ضرورة مشاركة الولايات المتحدة الأمريكية في المؤتمر الدولي للمانحين المزمع عقده في 15 حزيران لدعم الأونروا مالياً.

وأضاف في نفس الوقت طالبنا الإدارة الأمريكية ومن مساعد وزير الخارجية بالتحديد "حث الدول التي قطعت الدعم المالي أو مساعداتها أو قلصتها في عهد ترامب، على عودة هذا الدعم".

ونوه أبو هولي إلى أن مساعد الخارجية الأمريكية أكد بشكل واضح أن الدعم سيستمر وأنه يتفهم الدور الحيوي للأونروا في تقديم الخدمات لمجتمع اللاجئين، كما أكد الأخير أن الولايات المتحدة ستشارك في المؤتمر الدولي للمانحين، وأنها أعطت تعليماتها للدبلوماسية الأمريكية لحث الدول على إعادة وزيادة دعمها لوالة غوث وتشغيل اللاجئين.

ومن وجهة نظر أبوهولي، فإن الولايات المتحدة الأمريكية، صححت خطأً كان موجوداً في قطع المساعدات عن وكالة الغوث، وبالتالي نحن رحبنا بعودة هذا الدعم المالي غير المشروط، ولن نساوم على قضايانا السياسية وفي القلب قضية اللاجئين".

وقال" نحن قلنا بشكل واضح أن الأونروا مؤسسة أممية أنشأت بموجب القرار الأممي 302 عام 1949، وجودها مشروط لأن ينفذ قرار 194 في حق العودة والتعويض للاجئين".

وأضاف "العالم بأسره بأكثر من 170 دولة صوتت قبل عام لدعم استمرارية الأونروا لـ2020-2023، فالتصويت السياسي كان واضح المعالم، وأن القرار الخاطئ لمن صوت ضد".

وحول تأثيرات عودة المساعدات الأمريكية على اللاجئين الفلسطينيين، أوضح أبوهولي أن الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر الداعم الأول والأكبر للأونروا، وعندما قطعت -قبل سنوات- إدارة ترامب المساعدات المالية عن وكالة الغوث بقيمة 365 مليون دولار، دخلت الأخيرة في أزمة مالية خانقة ولا تزال، الأمر الذي انعكس بالسلب على مجتمع اللاجئين، وبالتالي فإن استئناف هذه المساعدات بالطبع سيعود بالنفع على اللاجئين.

واعتبر أبو هولي أن الهدف من صفقة القرن والمساعي التي بذلها جاريد كوشنر مستشار الرئيس الأمريكي السابق، تركزت حول إغلاق وكالة الغوث واستهداف مجتمع اللاجئين الفلسطينيين.

وذكر أنه جرت تسريبات إبان عقد "مؤتمر المنامة" بأن هناك 50 مليار دولار لتوطين اللاجئين ومشروع اقتصادي للسلام، وأن ينسى الفلسطيني قضية اللاجئين، وأن الأونروا تطيل أمد الصراع وأنها جزء من المشكلة وليست جزءا من الحل، وبالتالي اتخذت الإدارة الامريكية وكوشنر قرارها بقطع المساعدات، وأكثر من ذلك حرضت العديد من الدول على وقف دعمها لوكالة الغوث ووقف المساعدات للفلسطينيين.

وعد أن الهدف لما سبق، كان سياسيا بامتياز واستهداف لملف اللاجئين، وبالتالي فشلت صفقة القرن وثبت الشغب الفلسطيني وقيادته، وعاد الدعم المالي الأمريكي "غير المشروط" لوكالة غوث تشغيل اللاجئين.

وأضاف "مجرد أن تعود الولايات المتحدة لدعمها المالي، يعني ذلك فشل صفقة القرن في إغلاق وكالة الغوث وتشغيل مواردها".

وعما إذا كانت دائرة ملف اللاجئين في المنظمة قد خاطبت الأونروا بأن ينعكس هذا الاستئناف الجديد للمساعدات على زيادة حصة اللاجئين من المساعدات الغذائية وفرص التشغيل في قطاع غزة تحديداً بسبب الحصار الإسرائيلي وتردي الحالة الاقتصادية، فقد أوضح أبو هولي أنه في لقاءين منفصلين مع مساعد وزير الخارجية ريتشارد، وليني ستينسيث نائب المفوض العام للأونروا، كانت المطالب واضحة بالخصوص، بأن تكون هناك خطة للطوارئ لتقديم مساعدات أكثر.

وعبر عن أمله في أن ينجح المؤتمر الدولي للمانحين في 15 حزيران القادم، في سد العجز المالي لوكالة الغوث، وعندها لا يوجد أي مبرر للأونروا بأن تتكيف الأزمة المالية على حساب مجتمع اللاجئين والموظفين.

وركز أبو هولي على أنه نقل لـ"ريتشار ونيلي" أن الأزمة المالية للأونروا لا يجب أن تحل على حساب الخدمات التي تقدم لمجتمع اللاجئين ورواتب الموظفين، والمتمثلة في خدمة مليون و700 ألف لاجئي بالمساعدات الغذائية وتخدم 535 ألف طالب وطالبة في مدارسها في الأقاليم الخمس لغزة، وخدمة أكثر من 150 عيادة صحية تقدم العلاج بزيارات متكررة عددها مليون ونصف زيارة لهذه العيادات وغيرها.

وتابع "مطلوب من الأونروا، تقديم خدمات أكثر، وخاصة في ظل انتشار فايروس كورونا والذي أثر على مجتمع اللاجئين في الأقاليم الخمسة".

تقليص الخدمات

من ناحيته، يرى عصام عدوان بصفته باحثاً في شؤون اللاجئين، أن العودة المساعدات الأمريكية "بشكل جزئي"، لا تسد عجز الأونروا بالكامل، حيث أن العجز يزيد عن 300 مليون دولار، والولايات المتحدة استعدت أن تدفع 150 مليون دولار، وبالتالي هذا المبلغ يسد نصف العجز، ولكن يبقى هناك عجز، وفقاً لمعلوماته.

واعتبر عدوان في حديث لـ"زوايا" أن الأونروا عليها أن تبذل مزيدا من الجهد لسد هذا العجز، مستذكراً أنه في العام 2017 عندما أوقفت الولايات المتحدة مساعداتها للأونروا بالكامل، تسبب ذلك بعجز في ميزانية الأونروا بأكثر من 25%، ولكن الأخيرة استطاعت قبل انتهاء ذاك العام، إغلاق العام دون أي عجز، وهذا شيء فريد منذ 20 عاماً لم يحدث.

والشاهد في حديث عدوان، أنه عندما قررت إدارة الأونروا أن تبذل جهداً حقيقياً لسد العجز استطاعت ذلك، عاداً أن ذلك ما يريده اللاجئون ومؤسساتهم المطالبة بحقوقهم وهو "أن تبذل كل جهد لديها".

وذكر أن الواقع يشير من جانب إلى قدرة الأونروا على بذل مزيد من الجهد، ومن جانب آخر –وفق معلومات عدوان- بأن الولايات المتحدة لم تضع شروطاً محددة أو سياسية لقاء هذه المساعدات مثل تقليص أعداد اللاجئين أو تغيير صفة اللاجئ أو القبول بالاعتراف بـ"إسرائيل" أو أي شيء من هذا القبيل.

واعتبر أن إدارة ترامب هي التي شذت عن السياق العام للإدارات الأمريكية المتعاقبة، واتبعت سياسة استفزازية لم تؤيدها بها دول العالم، وبالتالي عاد الرئيس الحالي بايدن إلى السياسة التقليدية للولايات المتحدة، مضيفاً "الغريب ليس سياسة بايدن بالعودة للمساعدات، ولكن الغريب هي سياسة ترامب التي قطعت المساعدات بطريقة استفزازية وأججت المشاعر الفلسطينية".

ورغم عدم توفر أرقام دقيقة لدى عدوان حول عدد اللاجئين وحجم المساعدات التي يتلقوها، إلا أن معلوماته تؤكد أن المساعدات التي تقدمها الأونروا للاجئين تتناقص شيئاً فشيئاً، كماً ونوعاً، من حيث المواد الغذائية والتموينية التي يتم تزويد اللاجئين بها وتقليص أعدادهم.

ونوه إلى أن الأونروا تتحدث عن زيادة في أعداد المستفيدين، ولكنها تقوم بحذف بعض الأسماء من قوائمها، تحت مبررات عدم احتياجهم أو أن منهم موظفين، مؤكداً أن "الكوبونة" التي يستفيد منها اللاجئون كل ثلاثة أشهر بمتوسط 100 دولار "لا يمكن أن تسد رمقهم"، متسائلاً "ماذا يمكن أن تكفي 100 شيكل للأسرة في الشهر الواحد".

وعبر عدوان عن استغرابه من حذف الأونروا من مساعداتها كل الذين لديهم دخل يزيد عن 1000شيقل، عاداً أن موظفين الحكومة الذين يتقاضون 1000-1500 شيقل يمكن أن يكونوا فقراء ويستحقون الزكاة، لأن رواتبهم لا تلبي احتياجاتهم ولوازم أسرهم من التعليم والعلاج وغيرها.

وقال عدوان: "خدمات الأونروا للاجئين في تراجع، وهذا يحتاج إلى وقفة من اللاجئين للاعتراض والاحتجاج، ولكن لا يدرون من أين يبدأون في التعامل مع الأونروا، لأن هجمة التقليصات كبيرة وتمس كل قطاعات الخدمات سواء في الصحة والتعليم والتشغيل والمساعدات الغذائية وغيرها".

وحول تعليقه على إمكانية أن تنزلق القيادة الفلسطينية في المساومة على حقوق اللاجئين مقابل عودة المساعدات الأمريكية بشروط سياسية معينة، فقد عبر عدوان عن توقعاته في هذه الظروف أن لا تنزلق –قيادة السلطة- في أي مساومات على قضية اللاجئين أكثر مما انزلقت به من "تأجيل لقضية اللاجئين لمفاوضات الحل النهائي التي لم تأت بعد رغم مضي ربع قرن عليها".

وأضاف: "لا أعتقد أن تُقدم قيادة السلطة الفلسطينية على مزيد من التنازلات الاستفزازية، خصوصاً في ظل الحديث عن الانتخابات، وترتيبات مجلس وطني ورئاسة جديدة وهكذا، حيث أن ذلك يضر بالسلطة وقيادتها، وبالتالي لا أتوقع في المنظور القريب أي اختراقات في هذا المجال"، حسب تعبيره.

المصدر : غزة- خاص زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo