تقرير التعليم الإلكتروني بجامعات غزة.. امتياز بلا جهدٍ وانتشار "التجارة العلمية"

التعليم الالكتروني
التعليم الالكتروني

دفعت جائحة "كورونا" التي ضربت الصين أوائل ديسمبر/2019 وتبعها العالم أجمع، الجامعات الفلسطينية في غزة، للانتقال من التعليم الوجاهي إلى التعليم الإلكتروني وهو ما يعرف بـ "التعليم عن بعد" بشكلٍ مفاجئٍ.

ففي ظل معوقاتٍ وصعوبات بالجملةِ تعتري "التعليم الإلكتروني" والذي يحتاجُ لإمكانات تكنولوجيا عالية التي يفتقدها طلبة غزة.

كما أتاح التعليم الإلكتروني لكثيرٍ من الطلبة للجوء لحالات الغش وانتحال الشخصية واللجوء لمراكز متخصصة للإجابة عن الامتحانات مقابل المال ما يعرف بـ "التجارة العلمية" غزيًا.

وذلك رفع تحصيلهم للعلامات، دونَ أدنى خبرة والتي يحتاجها سوق العمل الفلسطيني.

حيث يوجد في قطاع غزة، 19 جامعة وكلية جامعية ومتوسطة بقطاع غزة، وذلك بحسب وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية.

غير قانونية

وقال الخبير في التعليم الإلكتروني الدكتور حازم سكيك، أنّ ظاهرة انتشار الإعلانات الممولة لمؤسسات تعليمية، تدعو الطلبة الجامعيين للجوء إليها للإجابة عن الامتحانات الجامعية، غير قانونية، داعيًا وزارة التربية والتعليم لسحب رخصتها.

وأكد مسئول دائرة الجودة في جامعة الأزهر بغزة، على رفضه استمرار "التجارة التعليمية".

قائلًا: " في بريطانيا اكتشفت السلطات مؤسسات تعليمية تتاجر بالإجابة عن الامتحانات الجامعية، وتم إغلاقها فورًا".. واصفًا إياها بـ "المرفوضة مجتمعيًا".
اقرأ أيضا: السوشيل ميديا في فلسطين… هروب من الواقع وبحث عن الذات

مشيرًا إلى أن الظروف الصعبة التي تعيشها غزة أتاحت الفرصة لحالات غش كهذه، والقوانين والأنظمة التعليمية تحتاجُ لفترة هدوءٍ بعيدًا عن أجواء جائحة كورونا وغيرها.

وبيّن أن حالات الغش ليس في مجملها في مصلحة الطلبة الجامعيين، فالبعض يتناقلون إجاباتٍ خاطئةٍ.

مبينًا أن في الفصول الأولى شهدت حالات غش أعلى، وأن مع حضور المحاضرين دوراتٍ تدريبية، دفعهم لوضع من 300-400 سؤال.

حيث يختار البرنامج منهم عددًا محددًا، فلا يتشابه امتحانان، فيصعب على الطلبة تناقل الإجابات، ولا سيما أنه مقيد بوقتٍ معين.

الحل الأنجح

ورأى "سكيك" أن الحل الأنجح في ظل جائحة كورونا وغيرها من الصعوبات التي تحتم على الجامعات الاستمرار في التعليم الإلكتروني.

وهي أن يدرس الطلبة المساقات إلكترونيًا، وأن يحضروا وجاهيًا فقط عند تقديم الامتحانات.

ولفت إلى الأنظمة الجديدة المبتكرة "المراقب الذكي" والذي يراقب أداء الطالب أثناء تقديمه الامتحان إلكترونيًا، ويسجل ملاحظاته، ويرسل لأستاذه الجامعي.

مراقب ذكي.. مكلف

وعن الصعوبات التي تواجه الجامعات بغزة، باتباع أسلوب المراقب الذكي، فلقد عدّ "سكيك" تكلفة البرنامج حيث يبلغ 10.000 دولار لكل مؤسسة تعليمية.

إضافة إلى اصطدام البرنامج بالعادات والتقاليد الشرقية، حيث يرفض أغلب الطلبة تشغيل الكاميرا أثناء التعليم الإلكتروني، وهو ما لوحظ أثناء تعلم المحاضرات في برامج مثل الزوم.

وأضاف أن فتح الكاميرا يستنزف سرعة الانترنت البطيء أصلًا في غزة.

ولام "سكيك" الجامعات الفلسطينية التي وضعت الامتحانات، داعيًا لتطوير أساليب التقييم بدلًا من التقليدية، والتي سمحت لعدد كبير من الطلبة بحالات الغش، مثل الاستعانة بأصدقاء واللجوء لمختصين وغيرها.

مبينًا أن هناك طلبة ظلمهم التعليم الإلكتروني، وأن هناك جزءًا استفادوا منه.

وأعرب عن أمله في التغيير للأفضل بقوله " في ظل التعليم عن بعد، فإن هناك فرصة حقيقية لنغير المنهاج التعليمي، كي نستطيع تقييم الطلبة بصورة صحيحة.

والانتقال من مرحلة الاستذكار إلى التحليل لحل المشكلات والابتكار والإنتاج مثل إنشاء المشاريع، من أجل الدفع بطلبة قادرين على خوص سوق العمل.

أكثر كلفة من الوجاهي

وبين أن التعليم الإلكتروني أكثر كلفةً من التعليم الوجاهي، حيث يستنزف جهود المحاضرين في إعداد المساقات التعليمية.

ويحتاج لفريق عمل متكامل لضمان سير العملية التعليمية، وكثير من المحاضرين أصيبوا بـ "الديسك" نتيجة جلوسهم الطويل ومتابعة الطلبة واستفساراتهم.

بالإضافة إلي تسجيل المحاضرات واستخدام التقنيات العالية وحل مشاكل الطلبة.

مشيرًا إلى أن جامعات أوروبا تطلب رسومًا أكثر للطلبة الذين يختارون التعليم الإلكتروني عنه في الوجاهي.

معضلة تقييم الطلبة

وقال الدكتور إياد المصري مدير التعليم الإلكتروني في جامعة فلسطين بغزة، أن جامعات غزة لجأت للتعليم الإلكتروني "عن بعد" كبقية العالم، نظرًا لجائحة كورونا التي ضرب العالم أجمع.

وبيّن في حديثـه لـ "زوايا" أن جامعات غزة تتفاوت في برامج التعليم الإلكتروني، وجامعة فلسطين تعتمد منذ البداية على التعليم المزدوج بين الوجاهي والإلكتروني، وقد تحولت الجامعات للتعليم الإلكتروني نتيجة الجائحة، وهو ما يحتاج إلى إمكانيات تكنولوجيا كثيرة.

وأكد "المصري" أن من أبرز سلبيات التعليم الإلكتروني علمية "تقييم الطلبة" الذي لوحظ ارتفاعًا في تحصيل العلامات نتيجة التحول من التعليم الوجاهي إلى التعليم الإلكتروني، ونحتاج متخصصين لتجاوز هذه المعضلة.

تجارة التعليم الإلكتروني

وعدّ لـ "زوايا" أبرز حالات الغش وأخطرها وهي تجارة التعليم الإلكتروني، وهي دفع الطلاب المال لمختصين في مجالٍ ما، لكي يجيب عن أسئلة الامتحان.

كما أن هناك عمليات كثيرة لانتحال شخصية الطالب، مشيرًا أنه لا يوجد برامج متطورة في غزة لإثبات هوية الطالب مثل الخارج.

اقرأ أيضاً: تشغيل الخريجين بين حكومة متخمة وقطاع خاص يعاني

ولاحظ "المصري" ارتفاعًا في معدلات الطلبة نتيجة حالات الغش المتعددة.

مبينًا أن المنظومة التعليمية الإلكترونية تحتاج لعملية تطوير، وتدريب طويلة، وهو ما عجزت عنه المنظومة التعليمية الفلسطينية، خلال جائحة "كورونا" المفاجئة.

نحتاج إلى تطوير

ونوّه أن امتحانات التعليم الإلكتروني في جامعات غزة، تعتمد على الحفظ، وتحتاج لعملية تطوير بحيث تعتمد على الاستنباط والتفكير، وليس نظام أسئلة مباشرة، بنظام "open book".

وأكد أن هذا النظام يحارب العديد من حالات الغش.

كما أن اعتماد الجامعات على أدوات تقييم مثل النشطات والأبحاث تقلل من خطر التقييم التقليدي.

وكمثال اعتماد الجامعات على 20% نشاطات، وحتى وإن حصل الطالب الضعيف أو المقبول على علامة كاملة في الامتحان نتيجة الغش وتجارة الامتحانات، يعجز عن الوصول للامتياز بسبب النشاطات والأبحاث.

ولفت إلى أنه رغم كل تلك العيوب التي تعتري التعليم الإلكتروني، فإن له مزايا أبرزها تتمثل في المرونة والفعالية وإتاحة الفرصة للجميع، وتوفير المال والمواصلات وغيرها.

وبيّن "المصري" لـ "زوايا" أن هناك أنظمة رقابة الامتحان، وهي عبارة عن برامج مدمجة مع أنظمة التعليم، ووظيفتها حماية الامتحان.

وتحتاج لكاميرا والمطابقة بين صورة الكاميرا وصورة البطاقة الجامعية، معتمدة على الذكاء الاصطناعي، بحيث تستطيع الكاميرا تفحص المكان والتحركات واختلافات الوجه والأصوات في المكان، آسفًا أن النظام غير موجود في جامعات غزة.

على عاتق الجامعات

وقال منسق الحملة الوطنية لتخفيض الرسوم الجامعية إبراهيم الغندور لـ زوايا"، إن تردي التعليم الإلكتروني بشكل عامٍ في غزة يقع على عاتق الجامعات.

وخاصة في متابعة سير الامتحانات، لأنه يجب عليها توفير لجانٍ مختصة بالتعليم عن بعد لمتابعة الامتحانات، لمنع أو الحد من حالات الغش.

وشدّد أن غزة أرضيتها غير صالحة للتعليم الإلكتروني، وتواجهه صعوبات عديدة، مثل انخفاض جودة الانترنت.

بالإضافة إلي الأدوات المساعدة مثل اللاب توب وما شابه ذلك، وكل ذلك يؤثر على أداء الطلبة، داعيًا لإصلاح المنهاج الفلسطيني في الجامعات.

وطالب بتخفيض الرسوم الجماعية على غرار دول الجوار والتي خفضت النسبة لـ 30% بسبب التعليم الإلكتروني.

وذلك بسبب استغناء الجامعات عن كثير من الخدمات في ظل جائحة كورونا، وعن محاضري العقود.

نافيًا أن يكون التعليم الإلكتروني أكثر كلفة من الوجاهي كما ذكر "سكيك" سابقًا.

وفي ظل التعليم الإلكتروني وتهالك المنظومة التعليمية في غزة وعجزها عن مواكبة التعليم الإلكتروني المتطور عالميًا، يبقى الطالب الجامعي في غزة بين مطرقة التعليم الإلكتروني وسندان سوق العمل المكتظ.
والذي يحتاج لخبرة عاليةٍ وكفاءة متطورةٍ، وهو ما لم يتوفر لأغلب الطلبة في ظل التعليم الإلكتروني المليء بالتحديات والصعوبات.

المصدر : خاص زوايا
atyaf logo