"أزمة المال ومواقع التواصل" يُفقدان الإذاعات المحلية بريقها في الانتخابات

الاذاعات المحلية
الاذاعات المحلية

على ضوء التطور السريع الذي شهدته مواقع التواصل الاجتماعي خلال الخمس سنوات الأخيرة، تزداد المنافسة بينها وبين وسائل الإعلام الأخرى بمختلف أقسامها المكتوبة والمسموعة والمرئية، الأمر الذي انعكس سلباً على بعض هذه المؤسسات، والتي باتت غير قادرة على الإيفاء بالتزاماتها تجاه العاملين، كما حدث مع بعض الفضائيات والإذاعات الفلسطينية التي أغلق جزء منها مؤسسته، وقلص الجزء الآخر موظفيه إلى النصف.

وشهد نهاية العام المنصرم 2020م تسريح عشرات الصحفيين من ثلاث مؤسسات في الضفة الغربية، "إذاعة راية ، مركز إعلام النجاح التابع لجامعة النجاح الوطنية، وإذاعة أجيال"، بحجة الخسائر المالية التي تكبدتها جراء جائحة كورونا.

تراجع الاعلانات في ظل كورونا

يقول رئيس التحرير في إذاعة وشبكة راية الاعلامية في مدينة رام الله شادي زماعرة، إن نسبة الاعلانات في إذاعتهم انخفضت إلى خمسين في المئة خلال العام المنصرم لسببين رئيسين، الأول جائحة كورونا وتداعياتها التي ألقت بظلالها على نسبة كبيرة من الشركات المنتجة التي خفضت حجم إعلاناتها في الإذاعات إلى النصف بسبب تردي حالها الاقتصادي، والثاني مواقع التواصل الاجتماعي التي باتت بديلاً مناسباً لكثير من تلك الشركات.

ويضيف أن الإذاعة حاولت أن تنقذ نفسها من خلال تطوير إمكانياتها على مواقع التواصل التي باتت تستخدمها بشكل أساسي في نشر المحتوى الاعلاني لكثير من الشركات، إلا أن جائحة كورونا أفشلت ذلك، الأمر الذي دفع الإذاعة إلى تقليل مواردها البشرية والاستغناء عن خدمات عدد من العاملين فيها، لأنها باتت غير قادرة على الإيفاء بالتزاماتها تجاههم.

اقرأ أيضاً: وسائل التواصل الاجتماعي تزاحم الإذاعات على الدعاية الانتخابية

ويبين أن ذلك سيؤثر على تغطية الإذاعة للانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في مايو القادم، حيث أن تغطية الانتخابات بشكل قوي ومهني يحتاج إلى كوادر وإمكانيات، وسيكون صعباً على الإذاعة تأدية ذلك بشكل قوي في الوقت الراهن.

إذاعات على شفى الانهيار

ويبين مقدم البرامج في إذاعة "حياة" في مدينة نابلس الاعلامي سامر خويرة، أن نسبة كبيرة من الإذاعات المحلية في الضفة الغربية تعاني أزمات اقتصادية كبيرة إما معلنة أو مخفية، وهي بحال لا تحسد عليه.

ويقول: "قد نخدع بأسماء بعض الاذاعات على أنها قوية، لكنها على شفى الانهيار جراء الأزمات الاقتصادية المتلاحقة خلال الآونة الأخيرة وتراجع الإعلانات التي تشكل شريان حياة الإذاعات بشكل كبير جدا".

ويلفت إلى أن بعض الإذاعات تتبع لفصائل معينة وهذه الإذاعات ستعمل بقوة على تغطية الدعاية الانتخابية للفصائل التابعة لها، مع الاشارة إلى أن بعض الإذاعات المحلية ستتجه إلى الترويج لبعض القوائم التي تختلف توجهاتها مع توجهات القائمين والعاملين في تلك الإذاعات، وأنها ستضطر لذلك من أجل تأمين المال الذي سيساعدها على سد احتياجاتها في وقت تعاني فيه هذه المؤسسات الإعلامية من حالة شبه انهيار بسبب الضائقة المالية.

وتابع: "هذا الأمر ليس فقط في الانتخابات بل يحدث بشكل دائم في الآونة الأخيرة، حيث هناك بعض البرامج التي تبث تروج لأفكار مؤسسات NGO وتعد للعشرة كمقدم لهذه البرامج قبل الحديث في الأفكار التي تطرح، إلا أننا كمذيعين نضطر إلى ذلك بسبب الحاجة إلى المال".

الإذاعات ستتحول لباحثة عن المال في الانتخابات

ويرى أستاذ الإعلام في جامعة فلسطين التقنية خضوري فرع العروب الاستاذ سامر رويشد أن بعض الإذاعات وبسبب الازمات المالية التي تمر بها انتقل دورها من صانعة للمحتوى، وهو دورها الأساسي إلى منصة إعلانات بشكل كامل بسبب حاجتها الماسة للمال.

وبالنسبة للانتخابات يرى الأستاذ رويشد أن دورها سيتحول إلى باحث عن المال أكثر من توجيه الناس إلى قائمة معينة ترى فيه الأنسب للمواطنين في تمثيلهم بالبرلمان القادم.

اقرأ أيضاً: حرية الصحافة خارج مرسوم الحريات

ويتوقع رويشد أن تفرد المساحات بشكل كبير لمن سيدفع المال أكثر وستصبح هذه الإذاعات بوق لتلك القوائم، بدل من أن تعمل مع القوائم على أساس التفاضل بينهم بما ستقدمه تلك القوائم في برامجها الانتخابية، الأمر الذي سينعكس على توجهات المواطنين في ترددهم ألف مرة ومرة في اختيارهم للقائمة التي سيدلون بأصواتهم لها.

وأشارت منظمة اليونسكو العالمية في تقريرها الصادر بمناسبة اليوم العالمي للإذاعة من خلال منصتها عبر الانترنت إلى أنه في الوقت الذي يشهد فيه العالم تطوراً تكنولوجياً هائلاً وسهولة في التواصل والانفتاح، إلا أن الاذاعة حافظت على شعبيتها كونها تمثل مصدراً قوياً للمعلومة وسهلة الوصول، وأثبتت قدرتها كوسيلة إعلامية على الاحتكاك المباشر مع الناس وقضاياهم وهمومهم وتطلعاتهم، سيما في المناطق المهمشة والنائية، واستطاعت الاستفادة من التقنيات الحديثة وتلاءمت مع العصر الرقمي الذي تعيشه.

المصدر : رام الله- خاص زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo