تقرير قانون للجمعيات بفلسطين يفاقم مخاوف تغول السلطة التنفيذية

مجلس الوزراء الفلسطيني
مجلس الوزراء الفلسطيني

أثار قرار الرئاسة الفلسطينية بتعديل قانون الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية، موجة واسعة من الرفض من قبل مؤسسات المجتمع المدني والفصائل الفلسطينية.

ومطلع الشهر الجاري، نشرت "جريدة الوقائع الفلسطينية"، قرارًا بقانون رقم (7) لسنة 2021 بشأن تعديل قانون الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية رقم (1) لسنة 2000.

تجميد وانفتاح على الحوار

دفعت الانتقادات رئيس الوزراء محمد اشتية إلى تجميد البنود الخلافية بتعديلات القانون، لحين مناقشتها مع الجهات ذات العلاقة.

وقال اشتية: "وصلتنا ملاحظات ومخاوف من بعض مؤسسات المجتمع المدني، متعلقة ببعض بنود القانون الذي جرى تعديله".

 وفي إطار تأكيده على دور المجتمع المدني، ذكر اشتية أن حكومته منفتحة لمراجعة التعديلات المطروحة، بما يزيل أية مخاوف.
اقرأ أيضا: استقلالية موؤودة.. تغول السلطة التنفيذية على قضاء فلسطين

 وأضاف: "ستشرع الحكومة في حوار مع ممثلي المجتمع المدني للتوافق على النصوص التي تعزز الشفافية والحكم الرشيد..".

وتابع: "إلى حين استكمال الحوار فإنني أوصي بتجميد العمل بالبنود التي بحاجة لتفاهم أكثر".


لكن مؤسسات المجتمع المدني واصلت مطالبها بإلغاء القانون وليس تجميده، مؤكدة أنه لا مبرر لهذه التعديلات.

وطالبت بإحالة النقاش والتعديلات إلى المجلس التشريعي، المقرر انتخابه في أيار/مايو المقبل.

إلغاء وليس تجميد

من جانبها، قالت رئيسة مجلس إدارة "شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية" شذى عودة إن القرار بقانون التعديلات يجب أن يلغى وليس فقط أن يجمد.

وفي حديثها لموقع "زوايا"، أوضحت أنهم أوصلوا رسالة إلى رئيس الوزراء من خلال مستشاره السياسي د. احمد العزم، للمطالبة بإلغاء القرار، وأنهم ينتظرون رد الحكومة.

وبناء عليه، حذرت من أنه "سيكون خطوات لمؤسسات المجتمع المدني في حال لم يتم إلغاء القرار".

وطالبت بضرورة إشراك مؤسسات المجتمع المدني في نقاش تعديلات قانون يمس علمها واستقلاليتها.

وأكدت عودة على ضرورة إلغاء القرار بالقانون المعدل من خلال إصدار بقانون جديد، لأن تجميده يعني إمكانية إعادة العمل به.

وتساءلت "ما هي الضرورة القصوى لتعديل مثل هذا القانون الذي يعتبر من أفضل القوانين في المنطقة العربية؟".

وأضافت: "إذا كان يوجد حاجة لتعديله ونقاشه، لماذا لا ننتظر شهرين بعد إجراء انتخابات المجلس التشريعي لنقاشه من خلاله".

وأشارت إلى أنه يوجد قضايا أهم بكثير من هذا القرار، والأولى حل مشكلة لقاح كورونا، ونقص الأدوية.

"نية مبيّتة بالهيمنة"

ورأت عودة أن طبيعة التعديلات التي تمت على القانون تحمل "نية مبيّتة بالهيمنة والسيطرة وتقويض دور المجتمع المدني".

ووفق التعديلات الجديدة فيتوجب على مؤسسات المجتمع المدني أن تقدم خططها التشغيلية وموازناتها الخاصة إلى الوزارة المختصة، كي تصادق عليها.

وتعلق عودة "لا نستطيع أخذ هذه التعديلات ببراءة. دورنا حماية استقلاليتنا والدفاع عن حرية العمل والرأي بالاستناد للقانون الأساسي والمعاهدات الدولية".

وتعتبر أن التعديلات محاولة للإقصاء وتنافي مبدأ الشراكة والتكامل مع الحكومة.

وذكرت أن التعديلات تنافي أيضا ما أطلقه اشتية، خلال لقاءات جرت معه عند استلامه منصبه الحكومي، تعهد فيها على الشراكة والحرية لمؤسسات المجتمع المدني.

تشغيل 40 ألف موظف

وأوضحت "نحن عنصر فاعل في المجتمع الفلسطيني، ومشغل لأربعين ألف موظف".

 وتابعت "نعمل في المناطق المهمشة والفقيرة، ونقوم ببناء نماذج تنموية لا تستطيع الحكومة القيام بها".
اقرأ أيضا: قانون الانتخابات المعدل.. جدل المزايا والعيوب

وبشأن الرواتب العالية لموظفي ومدراء بعض مؤسسات المجتمع المدني، حيث ينص القانون الجديد على أن رواتب موظفي الجمعيات والمصاريف التشغيلية يجب ألا تزيد عن 25 بالمئة في الجمعية، من إجمالي الموازنة السنوية.

أجابت عودة بالقول: "إن هذه مبررات لتعديل القانون"، لكنها تساءلت في ذات الوقت "لماذا يتم السكوت عن هذه المؤسسات ولا يتم محاسبتها؟"

وأضافت: "لماذا لا يتم النظر الى الأمثلة الإيجابية من المؤسسات المحترمة التي لها أنظمتها المالية والإدارية؟ ولماذا يتم النظر إلى النموذج الشاذ ولا يتم تعميم النموذج الإيجابي؟"

"نقض جوهر مؤسسات المجتمع المدني"

من جانبه، اعتبر مدير المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء "مساواة " إبراهيم البرغوثي أن تعديلات القانون تحول العاملين في مؤسسات المجتمع المدني إلى ما يشبه العاملين لدى وزارات الاختصاص.

وتنص التعديلات على التزام المؤسسات عند وضع خططها أن تكون منسجمة مع خطط الوزارات المختصة.

وفي حديثه لـ"زوايا"، يعقب البرغوثي بالقول: "هذا يعني أن تكون خططنا تمثيلية لتوجهات وسياسات وإرادة الحكومة ووزارات الاختصاص"

ويضيف: "هذا يناقض جوهر دور مؤسسات المجتمع المدني ومبرر عملها القيمي الأخلاقي والدستوري، بل إن هذا التعديل ينهي دور ووجود هذه المؤسسات".

ورأى أن التعديلات "ستحول كوادر هذه المؤسسات إلى مروجين ومسوقين لسياسة الحكومة، وستنتقيهم وفق معاييرها".

وذكر القانون الجديد أنه إذا لم تنسجم خطط مؤسسات المجتمع المدني مع خطط الوزارات المختصة فيجوز حلها.

وعندها، تضع وزارة الداخلية يدها على مقدرات الجمعية وتصفي عملها، وتعمل على إيداع ممتلكاتها في خزينة الدولة.

"بترينات للحكومة"

وعلق البرغوثي: "إن تحويل أموال المجتمع المدني إلى خزينة الدولة هو انتهاك فظ لحقوق الدول المانحة، لأنه ليس مالا فلسطينيا، بل هو للجهات التي قدمته ولدافعي الضرائب في الدول المانحة".

 وتابع: "صحيح أن هذا المال يخضع في إنفاقه وإدارته لقواعد إنفاق المال العام، لكنه ليس مالا عاما".

وأردف "الجميع سيصبح تحت المقصلة، ولن نجد لاحقا مؤسسات مجتمع مدني إلا على مقاس الحكومة، أي بترينات على شكل مؤسسات مجتمع مدني تابعة للحكومة".

ورأى البرغوثي أن هذا القرار يأتي في سياق مجموعة من القرارات بقوانين التي صدرت عن فئة نافذة داخل السلطة التنفيذية.

وكان الرئيس عباس قد أصدر في 5 آذار/مارس قراراً بقانون يقضي بتأجيل انتخابات النقابات والاتحادات والمنظمات الشعبية لمدة ستة شهور.

يضاف لذلك، قرارات أصدرها عباس في كانون ثاني/يناير الماضي اعتبرت مساسا باستقلالية القضاء الفلسطيني.

ويقول البرغوثي: "لا أعتقد أن أعضاء الحكومة مطلعين على هذه القرارات، أو تمت مشاركة مقومات المجتمع الفلسطيني بنقاشها قبل إصدارها".

وأردف "لا يفسر ذلك إلا محاولة السلطة التنفيذية خلق أمر واقع أمام المجلس التشريعي المنتخب، للتعاطي مع هذا الواقع".

الداخلية: القانون أصبح قديما

من جانبه، امتنع مدير عام الإدارة العامة للمنظمات غير الحكومية والشؤون العامة بوزارة الداخلية عبد الناصر الصيرفي عن التعليق لـ"زوايا" على القرار.

وبرر ذلك معتبرا أن القانون أصبح مجمدا بقرار من رئيس الحكومة، بهدف مناقشته مع مؤسسات المجتمع المدني.

وكان الصيرفي قد قال في وقت سابق إن التعديلات على قانون الجمعيات جاءت بهدف تطوير العمل وضبط المسائل غير الدقيقة، لأن القانون أصبح قديما وظهرت فيه بعض نقاط الضعف.

المصدر : خاص - زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo