انتخابات الكنيست تفتح فخ الاستقطاب بين فلسطينيي الـ48

الانتخابات الاسرائيلية
الانتخابات الاسرائيلية

تتعاظم التحذيرات من استقطاب "خطير" بصفوف فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 1948، بسبب انتخابات الكنيست المقررة في 23 آذار/مارس الجاري.

وتخوض الأحزاب العربية الانتخابات مع انشطار "القائمة المشتركة" إلى قائمتين "المشتركة" و"الموحدة".

وما حدث للنائب منصور عباس، المحسوب على "الموحّدة" من هجوم وطرد خلال تظاهرة أم الفحم الجمعة الماضية ضد الجريمة والعنف، دقت ناقوس خطر عمليات التحريض والاستقطاب، بمنظور مراقبين.

الاستقطاب الأخطر!

ويقول الناشط عمر ربيع من مدينة الطيبة في أراضي الـ48، لموقع "زوايا" إن العنوان في البلدات العربية هو التخوين والتحريض والتأليب والشيطنة".

وأوضح أن فلسطينيي الداخل عايشوا استقطاباً  إبان الثمانينيات، لكنه الآن أخطر.

كذلك، حذر ربيع من تطور الاستقطاب تجاه التحريض على العنف وصولا لسفك الدماء وإزهاق الأرواح.

وتابع: "لا أبالغ حينما أقول ذلك؛ لأنه كان من الممكن أن يحصل دماء حينما تعرض النائب منصور عباس لهجوم".

وأضاف: "لا أحد يعلم متى تندلع الشرارة التي ستُشعل الدماء إذا لم يتم لجم عمليات التحريض والتخوين المتصاعدة".

أصل الخلاف

وبيّن عمر ربيع أن ثمة مشكلتين في موضوع الاستقطاب الخطير؛ الأولى أن ما يجري يعيد قضية الصراع بين العَلمانية والدينية.

فالقائمة "الموحدة" تتبنى النهج المحافظ والديني بحكم وجود الحركة الإسلامية- الجناج الجنوبي، في حين تعبر "المشتركة" عن الخط العلماني.

ويعتبر ربيع الصراع "صراعا خفيا لكنّه دائم وليس جديداً".

لكن الإشكالية الأكثر خطورة في الاستقطاب، بحسب ربيع، متعلقة بالنهج.

فالمشتركة تتبنى طريقة محاربة بنيامين نتنياهو عبر التحالف مع قوى اليسار والوسط الإسرائيلي.
اقرأ أيضا: حنين زعبي لـ”زوايا”: غياب المقاومة والنضال الفلسطيني يقوّي اليمين الإسرائيلي

بينما ترى القائمة "الموحدة" أنه لا وجود لليسار الاسرائيلي، وأن الموجود فقط يمين.

وتطالب "الموحدة" بأن ينأى فلسطينيو الداخل عن الدخول في صراعات الأحزاب الاسرائيلية.

كذلك ترى "الموحدة" ضرورة أن يكونوا قوة بحد ذاتهم، بعيداً عن الإصطفاف لجانب كتل إسرائيلية بعينها.

ويرى عمر ربيع أن هذه نقطة الخلاف الأعمق بين القائمتين، وهو ما أنتج الاستقطاب غير المسبوق.

لكن، لماذا لا يتحول الاختلاف إلى تنافس حُر بين برنامجين، وأن يختار الناخب العربي في الداخل بهدوء أيهما يريد؟

ويجيب عمر ربيع: بالمنطق لا مشكلة بالتنافس الحر. غير أن ما يحصل على أرض الواقع هو عكس ذلك، في ظل الحملات القائمة على شيطنة الآخر، وليس استمالة الناخب العربي.

وأضاف أن "الفيسبوك ولافتات الشوارع والدعاية والبرنامج الانتخابي كلها ضد الآخر، والمنافسة الشريفة مفقودة في ظل التهجمات الشخصية والتضليل".

 التعددية إيجابية، ولكن..

من جهته، يقول عضو الكنيست الأسبق طلب الصانع إن وجود قائمتين، قد يكون إما ايجابياً أو سلبياً، بناء على طريقة التعاطي مع الأمر بمسؤولية.

ويقول: "الإيجابية تتمحور حول إحداث نقاش فكري وسياسي وبرامجي".

وأكد الصانع أنه في السابق كان هناك غياب لمثل هذه المنافسة، وكانت محاولة دائمة لإخفاء التعددية تحت غطاء "الوحدة غير الحقيقية"

وشدد السياسي طلب الصانع في حديثه لموقع "زوايا" على وجود تيارين الآن بطرحين منفصلين.

ويقول: "الناخب لديه القدرة على اتخاذ القرار لاختيار هذا أو ذاك عبر صندوق الاقتراع بعد نحو أسبوعين".

"التكفير" مقابل "التخوين"!

 لكنّ الصانع نوه إلى أن الخطر بالموضوع أن يتم استخدام الخطاب الطائفي من طرف القائمة الموحدة لاستقطاب ناخبيها.

ويترتب على ذلك "مردود سلبي وكارثي جداً على المبنى الاجتماعي"، كما يقول الصانع.

وأيضا، حذر من أن انتخابات الكنيست قد تؤدي إلى تعزيز الطائفية إذا تم تبني الخطاب الديني وليس السياسي، كما أدت الانتخابات البلدية إلى العائلية.

بيدَ أنّ "الموحدة" تتهم "المشتركة" باستخدام خطاب تخويني اتجاهها، عبر القول إن "منصور عباس متحالف مع نتنياهو، وتسبب بتفتيت المشتركة".

ويقول الصانع إنه في أكثر من مناسبة ركز على ضرورة الارتقاء في الأداء والخطاب من قبل الأحزاب العربية بأراضي 48.

ويلفت إلى أنّ خطاب التكفير أو التخوين يجب أن يخرج من قاموس اللعبة السياسية، وأن تكون منافسة شرعية لإقناع الناخب.

 "الناخب أذكى مما يظنون"

وشدد الصانع على أن التيارات السياسية هي وطنية والناخب أذكى مما يظنون، وعلى كل من يتبنى هذا الخطاب سيكون هو الخاسر.

 وأعرب عن أمله بأن تكون "القيادة السياسية عند ثقة الجماهير، وأن تتعاطى بمسؤولية وطنية في هذه القضية".

ولذلك، يعتقد طلب الصانع أن التعددية صفة طبيعية، والنقاش الفكري يغني، وهذا إيجابي ضمن منافسة حرة وشريفة، وهو ما سيخدم المواطن أكثر.

اقرأ أيضا: فلسطينينون في دولة الاحتلال.. من هو “الحاضر” ومن “الغائب”؟

بيدّ أن الصانع يُفرّق بين التعددية الإيجابية القائمة على الخطاب الوطني والمسؤول، وأخرى السلبية القائمة على خطابي التكفير أو التخوين.

 ودعا إلى تبني نهج الخطاب الوطني خلال الحملة الانتخابية.

لكن ثمة رأي آخر، يرى أن "التعددية" في حالة الفلسطينيين في أراضي الـ48 ليست ذات جدوى في ظل الهجمة العنصرية التي تمارسها المؤسسة الاسرائيلية بحقهم.

"الأنا العليا والغرور أنتج الاستقطاب"

ويرى الشاب الفلسطيني المقيم في السويد مصطفى ملحم أن الشرخ قد حصل، وأنه موجود قبل انفصال المشتركة إلى قائمتين.

 وقال ملحم في منشور له على صفحته "فيسبوك" إنه ليس من داعمي المشتركة بالتحديد، ولكنه يميل الى أن فكرة تعددية الأحزاب العربية في سياق فلسطينيي الداخل، سيكون لها سيئاتها أكثر من إيجابياتها.

وأضاف: "كان من الأفضل إيجاد صيغة مختلفة للتحالف بدل الانقسام. لكن للأسف، عوامل الأنا العليا، الغرور وعقلية الاستقطاب والشللية طغت على المشهد".

إما عُزوف أو أصوات عربية لأحزاب صهيونية!

ولكن، ما دامت المشتركة قد انقسمت، ما هي الخطورة بأن يخلق هذا عزوفاً لدى الناخب العربي عن الانتخاب، أو أن تحصد الأحزاب الصهيونية أصواتاً عربية "حاسمة"؟

يجيب السياسي طلب الصانع أن وجود قائمتين ببرنامجين يمكن أن يحفز فلسطينيي48 أكثر على المشاركة والتصويت بشرط توفر حملة هادئة ومقنعة تُشعر الناخب أنه شريك في صناعة القرار.

أما إذا سيطرت لهجة المناكفة والتخوين والتكفير بين القائمتين، فإن هذا سيؤدي إلى إحباط وخيبة أمل.

 وسينتج عن هذا الوضع ظاهرتين: تراجع نسبة المشاركة، والتوجه نحو الأحزاب الصهيونية.

ولتلافي هذين السيناريوهين، حثّ طلب الصانع على استنهاض الناخبين العرب والالتزام بميثاق شرف بين القائمتين "المشتركة" و"الموحدة".

وتابع "لا أعلم ما هو سبب عدم وجود ميثاق الشرف؟"، مضيفا "قد يكون نتاج خلافات شخصية وصراعات، ولكن المشترك بين القوائم يجب أن يكون أكبر بكثير مما يختلفون عليه".

مع العلم، أن ثمة تحوّلاً قد حدث بانتخابات الكنيست العام الماضي عندما خاضت الأحزاب العربية "مُوحدة" تحت عباءة القائمة "المشتركة".

وتمثّل التحول بتراجع نسبة الأصوات الفلسطينية التي كانت تذهب تقليدياً للأحزاب الصهيونية في كل انتخابات.

وفي انتخابات العام الماضي زادت نسبة هذه الأصوات الفلسطينية عن العشرة بالمئة، بعدما كانت في جولة انتخابات أيلول/سبتمبر من عام 2019، 15 بالمئة.

فمثلاً؛ كانت الأحزاب الصهيونية تحصل في سنوات مضت على حصة الأسد من أصوات المناطق البدوية والدرزية، أي بما يعادل الثلثين وأكثر.

لكنّ القرى البدوية صوتت لـ"المشتركة" في انتخابات السنة الماضية بنسبة تعدت 87 في المئة لأول مرة.

غير أن انقسام الأحزاب العربية لقائمتين بهذه الانتخابات مروراً بالمناكفة الحادة بينهما، من شأنه التأثير على هذا الإنجاز.

 ومن المتوقع أن يعزف الصوت العربي عن المشاركة، أو عودة ارتفاع نسبة الأصوات العربية لصالح الأحزاب الصهيونية، حسب مخاوف مراقبين في أراضي 48.

ويخوض انتخابات الكنيست 39 حزبا ، للتنافس على 120 عضوا فيه، وتشير الاستطلاعات إلى تمكن 11 قائمة منها من دخول الكنيست.

وتتوقع الاستطلاعات فوز أحزاب اليمين المتطرف والأشد تطرفا والأحزاب الأصولية بثلثي مقاعد الكنيست.

المصدر : زوايا - خاص

مواضيع ذات صلة

atyaf logo