تقرير عودة المساعدة الأمريكية للسلطة.. هل تنتظر اتصال بايدن-عباس؟

الرئيس محمود عباس في اجتماع سابق مع الرئيس الامريكي الجديد جوزيف بايدن (ارشيفية)
الرئيس محمود عباس في اجتماع سابق مع الرئيس الامريكي الجديد جوزيف بايدن (ارشيفية)

 

يترقب الفلسطينيون استئناف وكالة التنمية الأمريكية "USAID" عملها في الضفة الغربية بعد توقف دام قرابة عامين، بناء على قرار أصدره الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في سياق الضغط على الجانب الفلسطيني كي يقبل بخطته السياسية المعروفة إعلامياً بـ"صفقة القرن".

لا خطوات عملية للعودة حتى الآن

ويقول مصدر حكومي فلسطيني لموقع "زوايا" إن إدارة وكالة التنمية الأمريكية "USAID" تجري بعض الاتصالات مع شركائها من المجتمع المدني، لكنها لم تتصل جدياً بالحكومة حتى الآن، بالرغم أن مشاريع البنى التحتية التي كانت تعمل عليها تقتضي التواصل مع السلطة الفلسطينية.

وأوضح المسؤول، مفضلاً عدم ذكر اسمه، أنه لم تجر أي خطوات عملية حتى اللحظة لعودة الـ"USAID"، مبيناً أن الإدارة الأمريكية تتعامل مع موضوع عودة مساعداتها للأراضي الفلسطينية ضمن مبدأ "الرزمة الواحدة"، بحيث تتضمن عودة هذه الوكالة للتنمية ومشاريعها، إلى جانب المساعدات المباشرة للأجهزة الأمنية الفلسطينية.

وتوقع المصدر المسؤول، عدم عودة عمل "USAID" قبل شهرين، لكنّه رجح أن يتحقق ذلك قبل الانتخابات الفلسطينية.
ورغم ذلك، بدا المسؤول الحكومي غير متحمس لإطلاق أي تصريح يظهر وكأنه بمثابة "دعاية مجانية" للإدارة الأمريكية الحالية، وخشيته من أن يتم "رفع سقف التوقعات والآمال بينما لم نر شيئاً منها حتى الآن".

العودة تحتاج وقتاً ومُراقبة!

من جهته، ذكر موظف فلسطيني سابق في الوكالة الأمريكية للتنمية، أن عودة أنشطة الوكالة في الضفة الغربية يحتاج إلى قوانين وتعليمات وإجراءات، مشيراً إلى أن وقفها أخذ مدة سنتين منذ قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب (اتخذ القرار في 2016 وتوقف عملها في 2019)، وهذا يعني أيضاً أن عودتها ستأخذ وقتاً ربما أشهراً.

وبين الموظف، مفضلا عدم ذكر اسمه، أن إدارة "USAID" لم تصرح أي شيء في هذا الوقت، لأن الإدارة الأمريكية تريد أيضاً مراقبة نتيجة الانتخابات الفلسطينية المقررة في أيار/مايو المقبل، وفي ضوئها يمكن أن تبحث الولايات المتحدة آلية عمل معينة في الأراضي الفلسطينية، وفق توجه الرئيس جو بايدن.

             نشاط USAID يُحرك الاقتصاد الفلسطيني!

وفي الواقع، هناك من ينتظر استئناف وكالة التنمية الأمريكية أنشطتها في الأراضي الفلسطينية من منطلق أن ستُفعّل الأعمال والاقتصاد. وهذا ما أكده الخبير الاقتصادي د. نصر عبد الكريم لموقع "زوايا".

اقرأ أيضا: حصري: “زوايا” تكشف تفاصيل حوار القاهرة والاتفاق على محكمة للانتخابات

وأوضح عبد الكريم أن للوكالة الامريكية دوراً مهماً بالنظر إلى حجم الإنفاق السنوي، إذ كان مجموع المساعدات المدنية الأمريكية للأراضي الفلسطينية يبلغ سنوياً نحو 350 مليون دولار، بعضها يخصص لدعم موازنة الحكومة الفلسطينية بمقدار 50 مليون دولار، فيما يذهب بقية المبلغ لصالح مشاريع وبنى تحتية وبناء القدرات، وهذا يعني تشغيل موظفين ومقاولين ومهندسين وإداريين.

وبين عبد الكريم أن USAID عندما أوقفت عملها بقرار من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، استغنت عن موظفين يشكلون عمالة مباشرة بنحو 200 إلى 300 فلسطيني.

ولكن، هل ستغير الوكالة الأمريكية آلية عملها في الأراضي الفلسطينية عند عودتها المُنتظرة؟

يرجح عبد الكريم أنها لن تقدم على تغيير آلية العمل، لأنها بمثابة ذراع للمساعدات التنموية والتعاون الاقتصادي الرسمي مع دول العالم النامي.

وأوضح أنها تأخذ مخصصات من موازنة الحكومة الامريكية الفيدرالية ثم تقدمها ضمن أولويات لهذه الدول التي تحتاج إلى مساعدات.

وبناء عليه، لا يعتقد عبد الكريم ضمن هذا المعيار، أن الوكالة ستغير المنهجية؛ ذلك أنها معتمدة رسمياً.

اقرأ أيضاً: “زوايا” تكشف خفايا المصالحة بين عباس ودحلان

وعملياً، تعمل "USAID" من خلال مكاتب لها في الضفة الغربية، فيما يوجد المكتب الرئيسي للوكالة في تل ابيب ومن هناك يشرف على العمل هُنا.

وبهذه الطريقة، تدير الوكالة مشاريع تنموية وبنى تحتية في الضفة الغربية عبر شركائها حيث تمنحهم عقود تنفيذ، سواء كانوا متمثلين بمؤسسات NGO فلسطينية أو ربحية محلية وحتى حكومية فلسطينية.

باختصار، فإن USAID تقدم المساعدات وتشرف عليها، لكنها ليست هي الجهة المنفذة، وإنما شبكة من الشركاء.

وبالنسبة لتوقيت العودة، رأى عبد الكريم أن الأمر يحتاج بعض الوقت، ربما أشهراً، مشيراً إلى أنه حسب اجتماع الدول المانحة الأخير برئاسة النرويج فإن الولايات المتحدة التي شاركت به لأول مرة منذ سنوات، لم تقدم دولارا واحدا للسلطة الفلسطينية.

وانعقد اجتماع المانحين لفلسطين عبر الاتصال المرئي في 23 شباط/فبراير الماضي، وأقر مساعدة مالية قدرها 300 مليون دولار.

بايدن متردد!

وبين عبد الكريم أن واشنطن لا زالت مترددة، وربما هذا ما يؤخر استئناف مساعداتها للفلسطينيين، حتى أن إدارة بايدن لم تعلن حتى اللحظة استئناف مساعداتها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".

وأوضح أن هناك أولوية في إدارة الملفات الامريكية عالمياً، وأن موضوع المساعدات للفلسطينيين ليس ضاغطاً وليس أولوية في هذه المرحلة بالنسبة لواشنطن.

اللافت أن هناك شقاً من المساعدات الأمريكية كان يُقدّم مباشرة لدعم أجهزة الأمن الفلسطينية، لكن من الواضح أنه لا يزال هو الآخر متوقفاً.

وأكد الخبير الاقتصادي عبد الكريم أن حجم المساعدات الأمنية الشهرية سرّي، ولا يمكن لأحد تقديره بشكل دقيق.

خطوات العودة تسير قدماً

من ناحيتهم، أجمع خبراء بشأن السياسة الامريكية في أحاديثهم لـ"زوايا" على أن الإدارة الامريكية تسير ضمن مبدأ "process" عملية مستمرة تقوم على ثلاث أولويات: الأولى دعم وكالة الأونروا، والثانية مستشفيات القدس (المقاصد والمطلع والفرنسي والعيون)، والثالثة فهي دعم مشاريع المياه والبنى التحتية بالضفة الغربية.

وبحسب الصحفي المتخصص بالشأن الأمريكي داود كُتاب فإن استئناف الدعم الأمريكي للفلسطينيين لا يحتاج أي تغييرات أو تعديلات بالأنظمة الداخلية لـ"USAID"، وإنما تحتاج فقط إلى قرار سياسي.

وبناء على توقعات كُتاب، فإن ثمة نظرة ايجابية من قبل الإدارة الأمريكية حيال ذلك.

إعلان العودة لن يتم قبل اتصال بايدن-عباس

ورجح داود كتاب أن إعلان الإدارة الأمريكية عن الشروع بعودة المساعدات ونشاط وكالة التنمية "USAID" للأراضي الفلسطينية، لن يتم قبل الاتصال الهاتفي الذي سيجريه الرئيس الأمريكي جو بايدن مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

لكنّ كُتاب أوضح أنه لا يُعرف متى سيكون موعد هذه المكالمة، وربما تتم خلال أسابيع، ثم على هامشها يُمكن الإعلان عن عودة المساعدات.

الحال، أن مراقبين يرون أن ثمة أكثر من مشكلة مرتبطة بالعلاقة الأميركية-الفلسطينية وتعترض عودة المساعدات الآن؛ على رأسها قوانين تتعلق بالإرهاب.

وذلك يعود، إلى أن الولايات المتحدة لا تزال تعتبر منظمة التحرير الفلسطينية "منظمة إرهابية"، وكان يُفتح مكتب المُنظّمة في واشنطن بناء على استثناء يمنحه القانون، حيث دأب الرؤساء الأمريكيون منذ اتفاق أوسلو عام 1993 على التوقيع لتجديد فتح المكتب كل ستة أشهر.

وهذا ما دفع السلطة الفلسطينية إلى المطالبة بإلغاء هذا البند ومعاملتها كجهة دبلوماسية وشريك سلام، كما جاء في تصريحات رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية، الأسبوع المالية.

وأعرب اشتية عن أمله في أن تعيد واشنطن دعم مستشفيات القدس وفتح "مكاتب وعمليات وكالة الولايات المتحدة للتنمية الدولية –USAID".

بيدَ أنّ اشتية عبّر عن غموض الموقف الأميركي تجاه إعادة دعم "وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين- الأونروا"، مُخبرا مستمعيه أن الدبلوماسي الأمريكي هادي عمر الذي شارك في اجتماعات لجنة المانحين (AHLC) الأسبوع الماضي لم يذكر كلمة "الأونروا" مكتفيا بالإشارة إلى "اللاجئين الفلسطينيين".

وينظر مراقبون على نحو واسع أن القضية الفلسطينية ليست أولوية بالنسبة لإدارة الرئيس جو بايدن، بل أن الأمور الداخلية في الولايات المتحدة والاقتصاد، والصين، واتفاقية باريس للمناخ، واليمن، والاتفاق النووي الإيراني، هي ملفات أكثر إلحاحا أمام بايدن من الملف الفلسطيني-الإسرائيلي.

المصدر : خاص زوايا- أدهم مناصرة

مواضيع ذات صلة

atyaf logo