تقرير "إنعاش الرواتب".. ورقة السلطة وحماس لاستقطاب الناخبين

موظفون يطالبون برواتبهم كاملة
موظفون يطالبون برواتبهم كاملة

منذ الإعلان عن موعد إجراء الانتخابات الفلسطينية، تضاعف سعي السلطة الفلسطينية وحركة حماس، لمعالجة بعض القضايا الشائكة المتعلقة برواتب موظفي الطرفين في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وخلال اجتماع جلسة مجلس الوزراء مطلع شباط/فبراير الجاري، أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية أن الحكومة بدأت معالجة قضايا تتعلق بموظفي السلطة في قطاع غزة، تشمل ملف نحو 6800 موظف تم إحالتهم إلى التقاعد المالي، ووقف الخصومات على رواتب نحو 20 ألف موظف، واستكمال صرف رواتب فئة من الموظفين يعرفون باسم "تفريغات 2005"، وعددهم 12 ألف موظف.

وفي قطاع غزة، خصصت دولة قطر منحة مالية للقطاع بقيمة 360 مليون دولار أمريكي تصرف على مدى عام كامل، ابتداء من كانون ثاني/يناير 2021، حيث سيستخدم جزء منها لدفع رواتب الموظفين، وتقديم المساعدات المالية للأسر المتعففة، وتشغيل محطات الكهرباء، للحد من تفاقم الوضع الإنساني والظروف المعيشية الصعبة في القطاع.

ووفق مصادر فلسطينية مطلعة، فإن توجيه جزء من هذه المنحة سيكون لموظفي التعليم والصحة في قطاع غزة، وقد جاء بعد تفاهمات بين قيادات حماس ومسؤولين قطريين.

اقرأ أيضا: صالح رأفت يكشف لـ “زوايا” فصائل المنظمة تدرس تشكيل قائمة موحدة لخوض الانتخابات

ويتابع موظفي السلطة الفلسطينية وحكومة غزة، بقلق التصريحات الصادرة عن المسؤولين والتي تتعلق بالرواتب، حيث يعيشون ظروفاً قاسية بسبب خصومات الرواتب، والدفعات التي يحصلون عليها والتي لا تكفي في ظل ازدياد متطلبات الحياة اليومية والظروف الاقتصادية التي تزداد صعوبة في قطاع غزة.

معاناة امتدت سنوات

ولم يبدِ الموظف في حكومة غزة، يوسف المشهرواي "35 عام" أي تفاؤل تجاه التصريحات المتعلقة بتحسين الرواتب والصادرة عن المسؤولين الفلسطينيين، مؤكداً أنها عبارة عن "محاولات بائسة لتجميل الصورة قبيل الانتخابات"، وأنه لن يصدق أي من هذه الأخبار قبل استلام راتباً كاملاً بيده.

ويؤكد المشهراوي، المثقل بالديون والذي يعاني من ظروف صعبة للغاية بسبب عدم تلقيه راتب كامل منذ سنوات، أن ما يحصل عليه موظف حكومة غزة من دفعات مالية لا تكفي لتأمين متطلباتهم واحتياجاتهم اليومية.

أما الموظف لدى السلطة الفلسطينية، محمد الكفارنة 46 عاماً، فتمنى أن تتطابق التصريحات الإعلامية لمسؤولي السلطة مع خطوات عملية على الأرض، وألا تكون مجرد دعاية انتخابية.

ويبدي الكفارنة تفاؤلاً مشوباً بالحذر تجاه قضية الرواتب، حيث عانى خلال السنوات الخمس الماضية ظروفاً صعبة، بسبب قيام الحكومة الفلسطينية بخصم قرابة 30% من الرواتب، ولا يتبق من راتبه ما يسد احتياجات عائلته الأساسية.

واعتبر محللان في الشأن الفلسطيني أن كلاً من السلطة الفلسطينية وحركة حماس تسعيان إلى نيل رضا الموظفين مع اقتراب الانتخابات الفلسطينية، بعد تقصير الطرفين بحق موظفيهم خلال الفترة السابقة.

"الموظف لن ينس معاناته"

أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر بغزة الدكتور مخيمر أبو سعدة، أكد أن كل الأطراف تسعى مع تحديد موعد الانتخابات التشريعية في 22 مايو 2021، لتحسين علاقتها مع الشعب والجمهور والناخبين، من خلال بوابة "رواتب الموظفين".

ووصف أبو سعدة في حديث لموقع "زوايا" هذه الخطوة بأنها "استغلال رخيص لمعاناة وحاجات الناس ورشوة للموظفين"، مؤكداً أن هذه الأطراف تركت الناس في المعاناة سنوات طويلة وتأتي اليوم قبل الانتخابات بأشهر لتحل مشاكلها.

وأكد أبو سعدة أن هذه المحاولة لتحسين صورة هذه الحركات أو القوى والأحزاب أمام الناخب، لن تنسيه معاناته على مدار سنوات طويلة، وسيحاسب المواطن الفلسطيني كل من كان سبباً في معاناته.

واعتبر أستاذ العلوم السياسية أن تحسين الرواتب لن يغير كثيراً من الواقع المعقد والأزمات المركبة، ولن تفيد حماس أو فتح على الصعيد الانتخابي.

وقال أبو سعدة: "يجب أن تفهم السلطة الفلسطينية أن موظفها بغزة والذي سحق على مدار أربع سنوات منذ شهر 4 عام 2017 عبر خفض الرواتب والتقاعد المالي والمبكر وعدم حصوله على الاستحقاقات الوظيفية لن ينسى مرارة هذه السنوات".

واعتبر أن ما سيتم دفعه عبارة عن "رشوة للموظفين"، مضيفا "في النهاية المواطن سيحدد قراره في اقتراع سري، فمن الممكن أن يأخذ راتبه الآن وعند الاقتراع ينتخب ما يريده أو يقوم بوضع ورقة فارغة، فهذا الموظف قد عانى وسيسعى لمحاسبة من تسبب في معاناته، عبر هذا الصندوق".

وتوقع أبو سعدة ألا تحصل حركتي فتح وحماس على الأصوات التي حصدتاها في انتخابات التشريعي عام 2006.

وفيما يتعلق بحركة فتح فسيكون من الصعب حصولها على النسبة التي حصلت عليها في 2006، إذا لم تدخل بقائمة واحدة، وكذلك حماس من الصعب أن تحصل على النسبة التي حصلت عليها سابقاً، وفقا لأستاذ العلوم السياسية أبو سعدة.

اقرأ أيضا: المهم.. ما بعد الانتخابات الفلسطينية!!

وأكد أن أصوات حركة فتح ستتشتت بين القوائم إذا وجدت أكثر من قائمة في ظل الأحاديث المتكررة عن وجود قوائم القيادي الفتحاوي (المفصول) محمد دحلان، والقيادي الفتحاوي الأسير مروان البرغوثي.

وفي انتخابات عام 2006 التشريعية، والتي اعتبرت زلزالاً سياسياً في المنطقة، حصلت حركة حماس على 76 مقعداً في المجلس التشريعي الفلسطيني، مقابل 43 مقعدا لحركة فتح، وفق النتائج الرسمية التي أعلنتها لجنة الانتخابات.

"شراء أصوات الموظفين"

من جهته، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني طلال عوكل، أن ملف رواتب الموظفين مركب ومعقد، وليس من السهل حله، فهناك الكثير من التفاصيل، المتعلقة بالراتب نفسه، والمستحقات، والعلاوات والكثير من التفاصيل التي لا يمكن حلها بين ليلة وضحاها.

وعَدَ عوكل في حديثه لموقع "زوايا"، أن ما تقوم به تلك الأطراف الفلسطينية، جزء من محاولة استرضاء بشكل عام وتحسين مزاجهم " لشراء أصواتهم".

ورغم الأحاديث عن تحسين الرواتب والخطوات العملية لذلك، فان عوكل يعتبر أن شراء صوت أي موظف ليس بالأمر الهين، فهؤلاء الموظفين سيذهبون إلى صناديق الاقتراع، ولن يعلم أحد لمن سيصوتون هذه المرة.

وأكد أن هذا السلوك لن يغير كثيراً من القناعات التي تشكلت لدى الموظفين والمواطنين العاديين، والذين عانوا الأمرين خلال السنوات الماضية، ولا يوجد أي ضامن حقيقي لنتيجة أي سلوك من الأطراف الفلسطينية فيما يخلص تحسين الرواتب وإعادة الحقوق.

وأضاف عوكل: "أمام انتخابات من هذا النوع، كل طرف سيستخدم ما لديه من وسائل غير متوفرة للكل سواء المستقلين أو فصائل أخرى في محاولة لاستمالة المواطن، فمثلا قائمة المستقلين هل تستطيع أن تقدم للمواطنين أو فئة معينة خدمات أو امتيازات من هذا النوع حتى تنتخبها؟! الجواب (لا)".

وكذلك الجبهتان الشعبية والديمقراطية وحزب الشعب والمبادرة "لا يمكنهم تقديم هذه الامتيازات والرواتب لكل الناس أو فئة منهم كما الحال بالنسبة لحماس وفتح لاستمالة الجمهور"، حسب ما قاله عوكل.

ومنتصف كانون ثاني/يناير الماضي، أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مرسوماً رئاسياً حدد فيه مواعيد إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني على 3 مراحل، حيث ستجرى الانتخابات التشريعية في أيار/مايو والرئاسية في تموز/يوليو، والمجلس الوطني في 31 آب/أغسطس 2021".

اقرأ أيضا: قيادي في حماس يتوقع عدم فوز حركته بأغلبية في الانتخابات

إعلان عباس عن موعد الانتخابات الفلسطينية، جاء بعد تخلي حركة حماس عن شرط تزامن الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني، التي رحبت بالإعلان، وأكدت أنها تلقت ضمانات من عدة دول عربية ودولية بعقد الانتخابات بالتتابع خلال ستة أشهر.

وفي نيسان/أبريل عام2017، خصمت الحكومة الفلسطينية قرابة 30% من رواتب موظفي السلطة الفلسطينية في غزة، دون أن تشمل هذه الخصومات الموظفين بالضفة الغربية، ولم يتم إعادة هذه الرواتب حتى هذه اللحظة، الأمر الذي أثار غضب موظفي السلطة في غزة، الذين شعروا بتمييز واضح من قبل الحكومة الفلسطينية.

وآنذاك أكدت الحكومة الفلسطينية أنها اتخذت هذا الإجراء من أجل ضمان استمرارية دفع الرواتب للموظفين العموميين، وأكدت أن الاقتطاع من الرواتب سيتواصل حتى تستطيع الحكومة تجاوز أزمتها المالية، داعية حركة حماس، في الوقت ذاته، إلى تسليم كافة المؤسسات الحكومية في غزة لحكومة الوفاق لتتمكن من "الخروج بالقطاع من حالة الظلام التي يعيشها".

ومنذ قرابة ثمان سنوات، يعيش نحو أربعين ألف موظف بين عسكري ومدني، عينتهم حركة حماس، ظروفاً معيشية صعبة، حيث لم يتلقوا رواتب كاملة منذ ذلك الحين، وما يتقاضونه لا يتجاوز سلفة لا تتجاوز في أحسن الأحوال 50% من قيمة الراتب.

المصدر : غزة- خاص زوايا- أحمد عبد العال

مواضيع ذات صلة

atyaf logo