تقرير مرضى السرطان بغزة.. واقع مأساوي والمؤسسات الداعمة عاجزة

مرضى السرطان بغزة
مرضى السرطان بغزة

أن تكون مريضا هذا يعني أنك تحتاج إلى الدواء، لكن عندما يكون المرض خطيرا فإنك ستكون في أمس الحاجة إلى العلاج والمساعدة، نتابع في التقرير الحالي أحوال مرضى السرطان بغزة.. واقع مأساوي والمؤسسات الداعمة عاجزة.

مرض السرطان أو "المرض العضال" كما يطلق عليه البعض، يحول حياة الإنسان المصاب، ويقلبها رأسا على عقب، ليجد نفسه أمام تحد كبير يحتاج منه تحمل المسؤولية لتخطي هذه المرحلة بأمان.

خلال السنوات الأخيرة ونظراً للواقع الاقتصادي والصحي الصعب الذي يعاني منه مرضى السرطان، نشط عمل المؤسسات والجمعيات الخيرية بقطاع غزة في سبيل توفير كافة المتطلبات التي يحتاجها المرضى معنوياً وصحياً ومادياً، عبر التعاون والترابط بين مؤسسات المجتمع المدني وشرائح المجتمع المختلفة.

"خليكم سندنا"

ورغم الخدمات والمساعدات التي تعلن تلك المؤسسات والجمعيات عن تقديمها لمرضى السرطان في قطاع غزة، يؤكد المرضى وعبر لقاءات أجراها مراسل مؤسسة "زوايا" على أن هذه الخدمات لا تلبي إلا الجزء اليسير من متطلباتهم، متهمين بعض هذه المؤسسات باستغلال أوضاعهم وقضيتهم الإنسانية لتحقيق مصالح مادية، دون مراعاة لأوضاعهم الصحية والنفسية.

وفي ظل هذا الواقع، اضطر عدد من مرضى السرطان إلى إطلاق مبادرة إنسانية عبر مواقع التواصل الاجتماعي تحمل اسم "خليكم سندنا"، تهدف إلى إيصال صوتهم للجهات المعنية حتى تقف عند مسؤوليتها في دعمهم وإسنادهم.

المريض المتعافي "حسين مطر"، أحد القائمين على المبادرة، أكد لموقع "زوايــا"، أن إطلاق المبادرة كان بجهد شخصي، حين قرر مع مجموعة من المرضى أن يتحدثوا عن واقعهم بأنفسهم، كونهم خاضوا معركة طويلة مع المرض وعاشوا ظروف المعاناة في رحلة العلاج بما فيها من عقبات وصعوبات، تارة بنقص الدواء والإمكانات، وتارة أخرى بإغلاق الاحتلال للمعابر ومنع وصولهم إلى مستشفيات الضفة والقدس.

ونظرا لأن احتياجات مرضى السرطان لا تقتصر عند هذا الحد من العلاج، أطلق"مطر" عبر مبادرته عدة مناشدات من أجل توفير الكهرباء بشكل دائم للمرضى داخل منازلهم، خاصة من هم بحاجة إلى التنفس الاصطناعي، وكذلك تزويد المرضى بخدمة الاتصالات والانترنت بشكل مجاني.

كذلك ناشد الأطباء وأصحاب الصيدليات بتخفيض أسعار كشف العيادات والأدوية، مراعاة للأوضاع الاقتصادية التي يعاني منها مرضى السرطان، حيث يحتاج بعضهم إلى علاج مرتفع الثمن وطويل الأمد.

ويشير "مطر" إلى أن مرضى السرطان بحاجة ماسة إلى من يتحسس أوضاعهم ومشاكلهم، خاصة النفسية منها، موضحاً أن المريض لا يجد حرجاً في التحدث عن معاناته، عندما يشعر أنه يخاطب مريضاً آخراً خاض نفس التجربة، وعايش تلك الظروف والأجواء القاسية.

تعدد المؤسسات وشح التمويل

وبدورنا قمنا بنقل هذه الرسائل والشكاوى التي أطلقها هؤلاء مرضى إلى مؤسسة "بسمة أمل لرعاية مرضى السرطان"، إحدى المؤسسات العاملة في قطاع غزة على تقديم خدمات تحسين أوضاع مرضى السرطان وذويهم، ورفع مستوى الوعي المجتمعي حول المرض وآثاره على الفرد والمجتمع.

اقرأ أيضا: الاحتلال يحارب أراضي الفلسطينيين في الضفة بالمواد السامة

وأوضح د. محمد منصور، المدير التنفيذي لمؤسسة بسمة أمل لموقع "زوايــا" أن المؤسسة تقدم خدماتها عبر عدة برامج أهمها "البرنامج الصحي، والاستشارات الطبية، وتوفير الأدوية، وبرنامج المواصلات الذي يعد من أهم وسائل الدعم المادي والاجتماعي والمعنوي للمرضى طوال رحلة علاجهم، عبر توفير خدمة نقل المرضى بشكل يومي ذهابا من معبر بيت حانون إلى مختلف المستشفيات في القدس والضفة المحتلة بشكل مجاني.

وأوضح "منصور" أن مرض السرطان معقد بطبيعته وأن المريض يشكل جزء من المجتمع الفلسطيني في غزة، الذي يعاني صعوبة الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وحالة الانقسام الفلسطيني، ما ينعكس سلباً على تلبية احتياجات المرضى.

وأقر "منصور" أن تعدد المؤسسات العاملة في غزة تحت مسمى رعاية مرضى السرطان تشكل نقطة ضعف وعبئا في تقديم الخدمة الإغاثية المأمولة، بسبب غياب جسم حقيقي يضمن توحيد هذه الجهود، مشيراً إلى أن هذه المؤسسات يجب أن تحصل على التراخيص اللازمة، وأن تخضع إلى جهات رقابية لضمان تقديم خدماتها بشفافية، ووصول المساعدات الإغاثية والطرود الصحية والغذائية لكافة المرضى.

كما أوضح المدير التنفيذي لمؤسسة "بسمة أمل" أن شح التمويل يلقي بظلاله على المؤسسات العاملة في خدمة ورعاية المرضى، وهو ما ينعكس أيضاً على الخدمة المقدمة للمرضى.

نخضع لرقابة وزارة الداخلية والبنوك ونُقر بوجود أخطاء

رئيس مجلس الإدارة في الجمعية الفلسطينية لرعاية مرضى السرطان "رزق الصوص"، وخلال حديثه لـ"زوايــا"، أكد أن جائحة كورونا وشح الدعم المالي والانقسام كلها عوامل تسببت في "وقف كثير من المشاريع والخدمات التي تقدمها المؤسسات لهذه الفئة"، مطالباً المرضى وذويهم تفهم هذه الأوضاع، وأن المؤسسات تقدم كل ما لديها، لتوفير سبل الراحة وتلبية احتياجاتهم.

وحول شبه الفساد الموجهة من المرضى لهذه المؤسسات، أكد "رزق الصوص" أن كافة الجمعيات العاملة في القطاع تخضع لرقابة مالية مشددة من وزارة الداخلية بغزة التي تتابع تنفيذ المشاريع، ومنابع الأموال، وطرق صرفها داخل المؤسسة بشكل رسمي وغير رسمي.

اقرأ أيضا: بالضربة القاضية.. كورونا تفتك بعمال غزة والمساعدات شعارات

كما أوضح أن البنوك في غزة أصبحت جهة رقابية أخرى خلال السنوات الأخيرة، وأنها ترفض صرف الأموال حتى يستكمل المشروع كافة الإجراءات الرقابية المتمثلة بطبيعة المشروع ومن يستهدف، وفي ظل وجود خطة كاملة حوله، دون أن يستبعد وجود أخطاء وإهدار للمال في بعض المشاريع والبرامج التي تنفذ.

وفي ختام حديثه أشار رئيس مجلس إدارة الجمعية الفلسطينية لرعاية مرضى السرطان أن دور المؤسسات العاملة في هذه المجال يقتصر على المساندة والرعاية حسب الإمكانات المتاحة، موضحاً أن محاربة مرض السرطان ورعاية المصابين به بحاجة إلى موازنة دول عظمى، لأن احتياجاتهم من العلاج والدعم النفسي والصحي مكلفة الثمن.

واستنادًا إلى إحصاءات وزارة الصحة الفلسطينية، فإن هناك زيادة طردية في عدد الحالات المصابة بالسرطان بنسبة تتراوح بين 10-15% سنويًا، ويتم اكتشاف ما بين 120-130 حالة جديدة شهريًا، وهذه الزيادة يقابلها نقص في إمكانات العلاج والرعاية الصحية اللازمة والسريعة، حيث بلغ إجمالي عدد حالات مرضى السرطان 10 آلاف و326 حالة موزّعة بين النساء والرجال والأطفال، خلال الست سنوات الأخيرة (2015-2021).

المصدر : زوايا - خاص

مواضيع ذات صلة

atyaf logo