كأن الزمن توقف بأهالي "خربة حمصة الفوقا" ولم يصلهم القرن الحادي والعشرين بفعل إجراءات الهدم والترحيل القسري بحقهم ومنع وسائل الحياة عنهم من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي تسعى إلى السيطرة على الأغوار الشمالية وفق مخططها ببسط السيطرة على المنطقة كأمر واقع ، بعد أن فشل رئيس حكومة الاحتلال بتنفيذ وعده الذي أطلقه بأنه سيعلن عن ضم الأغوار في الأول من تموز/ الماضي، إثر إصرار الفلسطينيين على رفض المخطط، واتخاذ السلطة اجراءات بوقف العمل بالاتفاقات مع الاحتلال الإسرائيلي آنذاك.
وتقع خربة حمصة الفوقا في منطقة الأغوار الشمالية، على حدود الضفة الغربية مع الأردن، في سهل البقيعة الممتد على مسافة 60 ألف دونم، وتعد من أخصب الأراضي الفلسطينية للزراعة.
فمشاهد الحياة اليومية في خربة حمصة الفوقا، التي تبدأ بطريق وعرة منعت من التعبيد إلى أصغر طفل في التجمع والبالغ من العمر أربعة أشهر يستحم في إناء بلاستيكي داخل خيمة مؤقتة، إلى شيخ ركن على قطعة صفيح من بواقي خيمة تأويه وعائلته، هي شواهد على نوايا الاحتلال الاستعمارية.
وتعرضت الخربة للهدم أربع مرات من قبل الاحتلال الاسرائيلي في شهر نوفمبر الماضي تلاها ثلاث عمليات هدم ومصادرة لوسائل حياة المواطنين في الأيام الأخيرة.
قرابة ١٢٠ مواطنا بينهم زهاء الستين طفلاً أصغرهم طفل لم يتجاوز الأربعة أشهر، باتوا لياليهم في العراء وافترشوا الأرض وتلحفوا السماء في ظل البرد القارص، متحدين جبروت الاحتلال، مؤكدين على تمسكهم بأرضهم.
الناشط صلاح الخواجا قال في حديث لـ "زوايــا": إن " عائلات الخربة تعرضت لأبشع عملية التهجير القسري ضمن مخطط "إسرائيلي" احتلالي استعماري للسيطرة على أراضيهم، مستخدماً اسلوباً جديداً بهدم ومصادرة جميع مقتنيات المواطنين لإخفاء حجم جريمته النكراء.
وأضاف أن الاحتلال صادر خزانات المياه، الخيام وخلايا الطاقة الشمسية، وضرب حصارا بعد إعلان المنطقة عسكرية مغلقة.
ولم يكتف الاحتلال بالهدم بل منع من خلال حواجزه إدخال أية مساعدات للأهالي من خيام ووسائل مساعدة لهم في ظل ظروف جوية صعبة.
وينبه الخواجا إلى أن الاحتلال يريد السيطرة على هذه الأرض التي تقدر مساحتها ب ٦٠ الف دونم معظمها أرض سهلية وخصبة وغنية بآبار المياه.
اقرأ أيضاً في زوايــا: الرحلة إلى المجهول..فتحات الجدار مصائد العمال الفلسطينيين
ومن ناحية ثانية تعتبر "خربة حمصة" أول منطقة حدودية مع الأردن فاذا استولى عليها سينتقل إلى المناطق الاخرى مثل الحديدية والفارسية.
ويشير الخواجا إلى أن هذه الارض هي الأضعف من حيث الكثافة السكانية ويطمع الاحتلال بالاستيلاء عليها فارغة من خلال عملية التهجير، لتحقيق اهدافه السياسية بضم الأغوار.
وليد عساف رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، علق على ما يجري في الخربة قائلاً:" نحن على مفترق طرق في منطقة حمصة الفوقا بشأن مشروع الضم والتهجير القسري، مضيفاً أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم بشكل دائم ونحن نعيد البناء بشكل دائم. مشيراً إلى أن عمليات الهدم طالت 2500 منشأة في الأغوار، وقمنا بإعادة بنائها.
وأكد أن المعركة في الأغوار تهدف إلى تهجير قسري للسكان، وأن هذا التهجير هو جزء من مقدمات عمليات الضم في الأغوار وهو مشروع سياسي خطير تريد "إسرائيل" ارتكابه وجريمة حرب تريد تنفيذها في ضم الاغوار وجريمة سياسية تنتهك فيها حقوق الشعب الفلسطيني المستقبلية".
مجتمع دولي على المحك
وفيما يبدو أنه الامتحان الأصعب للمجتمع الدولي الذي عبر عن رفضه لجريمة الاحتلال وعبر عنه ممثل الاتحاد الأوروبي لدى زيارة ممثلي دول الاتحاد ودول أخرى للتجمع، يرى الفلسطينيون بأن هيبة هذه الدول على المحك.
ويقول السكان في المنطقة أنهم ليسو بحاجة إلى خيمة وإنما إلى موقف سياسي يضغط على دولة الاحتلال "الإسرائيلي" ويوقف غطرستها.
ويتساءل عبد الرحيم بشارات أمام حشد دولي زار الخربة برفقة رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، أيعقل أن يعجز هذا المجتمع الدولي عن وقف جرائم اسرائيل؟!.
وتُصر قيادة السلطة الفلسطينية على بقاء المواطنين في أرضهم متوعدة بإعادة بناء ما تم هدمه من قبل الاحتلال "الإسرائيلي".
وتحدث الرئيس محمود عباس إلى رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان وليد عساف مطالبا إياه بتوفير كل ما يحتاجه الاهالي.
وقال رئيس الوزراء محمد اشتية إن ما تقوم به "إسرائيل" هو تحدي لما تصدره الامم المتحدة من جهة وما قالته الولايات المتحدة أنها تدعم خيار حل الدولتين فان ما تقوم به "إسرائيل" يقوض هذا الحل ويخرق القانون والاتفاقات الدولية وكذلك الاتفاقات الموقعة مع منظمة التحرير الفلسطينية.
اقرأ أيضاً: “زوايا” تكشف خفايا المصالحة بين عباس ودحلان
الجدير ذكره، أن القيادة الفلسطينية والفصائل الفلسطينية كافة، أعلنوا عن رفضهم لقرار الضم الإسرائيلي، وهددوا بالتصعيد مع الاحتلال في حال أعلن عن الضم الذي كان يدعمه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، إلا أن نتنياهو لم يجرؤ على تنفيذ وعده بإعلان الضم، ليغادر نتنياهو البيت الأبيض الداعم الأكبر لنتنياهو ويبقى الفلسطيني في الأغوار يدافع عن أرضه أمام آلة الاحتلال التدميرية.