الاحتلال يحارب أراضي الفلسطينيين في الضفة بالمواد السامة

مواد سامة
مواد سامة

لم يقتصر العدوان الإسرائيلي على الإنسان الفلسطيني فحسب، بل تعدت أشكاله لتصل إلى استهداف الأرض التي يقيم عليها، ويأكل من خيرها، وذلك بإغراقها بالمواد السامة والخطيرة عبر أدوات لا هم لها سوى الربح المادي غير آبهة بالنتائج الخطيرة على الصحة والمجتمع.

وهنا نتحدث عن محاولات إغراق الاحتلال الإسرائيلي أراضي الضفة الغربية، وخاصة في المنطقة المصنفة (ج) التي لا تخضع تحت سيطرة السلطة الفلسطينية، بالمواد السامة والمسرطنة والكيميائية والمخلفات الطبية.

وعادة ما تحاول سلطات الاحتلال إغراق الأراضي الفلسطينية بنفاياتها، سواء كانت نفايات صلبة أو كيماوية أو نفايات طبية، والتي بمجملها إما تحدث شللا لقدرة الأرض الإنتاجية، أو تأتي بالضرر على حياة المواطنين.

ضبط تهريب النفايات باستمرار

ويقول رئيس سلطة جودة البيئة جميل مطور في مقابلة مع موقع "زوايا": "بين الحين والآخر نرصد كميات مختلفة إما في شاحنات أو في أراضي نفايات مصدرها الاحتلال، وهذه النفايات "الإسرائيلية" الخطرة التي تضبط يتم إعادتها إلى الجانب "الإسرائيلي" وفقا لاتفاقية بازل الدولية".

ويشير مطور إلى أن معظم المحافظات تتعرض إلى عمليات تهريب هذه النفايات، والتي تحمل مواد خطرة سواء كانت كيماوية أو مواد قابلة للاشتعال وكذلك نفايات طبية، وهذا ما شكل نوعا من الاشتباك الدائم مع الاحتلال، لمنع إدخال هذه المواد إلى الأرض الفلسطينية.

ويوضح مطور بأن بعض النفايات تأتي على شكل أتربة ومواد إنشائية للتخلص منها في الأرض الفلسطينية، وتحمل عناصر ثقيلة أو سامة وخطرة ومواد بلاستيكية وصور أشعة أو مخلفات طبية وبراميل وأوعية كيماوية تحوي بقايا هذه المواد.

وبخصوص النفايات الإلكترونية، يؤكد مطور بأن هناك أيضا خطراً حقيقيا على تلوث الهواء في المناطق الفلسطينية خاصة أن البعض يقوم بحرقها لاستخراج بعض المعادن منها كالنحاس.

ويلفت المطور الى أن هناك بعض المستفيدين في الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي من استمرار هذه التعديات، من خلال استخدام وسائل التهريب لها للأراضي الفلسطينية، حيث يرضى بعض ضعاف النفوس من السماسرة بالقليل من الأموال من أجل جلب هذه المواد.

ويستغل السماسرة بعض المناطق المصنفة "ج" التي لا توجد بها سيطرة أمنية فلسطينية من أجل تهريب هذه المواد، بالإضافة الى أن الاحتلال يغض الطرف عن هذه الممارسات، لأنه لا ينظر إلى الأرض الفلسطينية على اعتبار أنها يجب أن تكون محمية.

ويتشارك في هذه الجريمة أشخاص في الضفة وفلسطينيين يحملون جنسية "إسرائيلية"، كما يؤكد مطور أنه في كثير من الأحيان تم ضبط سائقي شاحنات فلسطينيين يحملون الجنسية "الإسرائيلية" بالتعاون مع بعض السماسرة بالضفة.

ووصل الحد بالاحتلال "الإسرائيلي" لجلب بعض الأتربة الزراعية على أساس أنها تراب طبيعي من حيث الشكل والمظهر، ولكن بعد فحص التربة تبين وجود عناصر ضارة عناصر الزئبق والزنك، وتم ضبط هذا الموضوع وايقافه.

ويوضح مطور أن الاحتلال أقام مصنعا للسماد العضوي في مناطق الأغوار وحاول ترويجه للمزارعين، ولكن بعد متابعة الجهات المختصة تبين أنه غير مطابق للمواصفات، وتوقف المزارعون عن استخدامه بعد مشاهدة الضرر على محاصيلهم الزراعية.
اقرأ أيضاً: “زوايا” تكشف خفايا المصالحة بين عباس ودحلان

وفيما يتعلق بالنفايات الالكترونية أوضح مطور بأن هذه الظاهرة تنتشر عادة في مناطق جنوب الخليل وتحديدا في منطقة "إذنا"، حيث يقوم بعض التجار بجلب نفايات إلكترونية ويتم حرقها لاستخراج النحاس منها، الأمر الذي ترك ضررا كبيرا على البيئة في هذه المنطقة.

وينبه مطور إلى أنه بعد إجراء المتابعة والجولات لضبط هذه المناطق وعمليات توعية مكثفة للمواطنين تم تقليل نسبة هذه النفايات الواردة ومنع حرقها أيضا، الا أنه تبقى هناك بعض الحالات سواء بالتهريب او حرق هذه المواد.

ويردف مطور بأن "إسرائيل" في السنوات الماضية حاولت أن تتعامل مع أراضي الضفة الغربية على أنها مكب لنفاياتها، وكانت تغرق الأرض بكميات كبيرة من النفايات، لكن بعد متابعات كبيرة من قبل الجهات الفلسطينية أصبح هناك إجبار لـ"إسرائيل" بمحاربة التهريب، إلا أن هناك تجار وسماسرة وأطراف عندهم أو عندنا مستفيدة من تهريب هذه النفايات.

واختتم مطور بأن "الإسرائيلي" لا يتطلع إلى الأرض الفلسطينية أنها يجب أن تكون محمية ولا يتصرف بجدية وذلك محكوم بسلوك الاحتلال لاستهداف الأرض الفلسطينية سواء بالنفايات أو بالتدمير والتجريف وقطع الأشجار وكذلك المصادرة.

تتركز في المناطق المصنفة (ج)

وعادة تتركز عمليات تهريب النفايات في المناطق المصنفة "ج"، التي لا توجد بها سيطرة أمنية فلسطينية، مستغلين بعض المنافذ التي يغض فيها الاحتلال الاسرائيلي الطرف عن تهريب هذه المواد.

وتعد مناطق الأغوار ومناطق جنوب الضفة الأكثر تهريبا لهذه المواد والنفايات، التي تجلب عادة من خلال شاحنات "إسرائيلية" في معظمها لفلسطينيين يحملون الجنسية الإسرائيلية ويتم إعادتهم وشاحناتهم إلى داخل الأراضي المحتلة.

من جانبه يؤكد مدير زراعة أريحا أحمد الفارس في تصريح لـ"زوايا" أن الاحتلال يتخذ من مستوطنة "فصايل" موقعا لجلب نفاياته إليها، ومن خلال متعهدين لفرز هذه النفايات يتم جلبها لأراضي المزارعين ومحاولة ترويجها على أنها سماد عضوي.
اقرأ في كتٌاب زوايا: لماذا لا يوجد نِدّ قويّ لنتانياهو في إسرائيل؟

ويتابع الفارس بأنه بعد أن نفذت حملات توعية وتحذير المزارعين من مخاطر هذه النفايات التي تسوق بأسعار زهيدة، أصبح لدى المزارعين حالة من الوعي بعدم استخدامها.

وأشار الفارس إلى أن الجهات المختصة حصلت على تعهدات خطية من المزارعين أو بعض الموردين لهذه النفايات، ويتم تحويلهم للقضاء الفلسطيني حال خالفوا التعليمات، نظرا لضرر هذه النفايات التي تضم مواد خطرة ونفايات ثقيلة.

وانخفضت هذه الظاهرة بشكل كبير لدى المزارعين بنسبة لا تقل عن 90% باستثناء بعضهم، الذين يجلبون هذه المواد بشكل مهرب، مستغلين المساحة الواسعة من الأراضي في الأغوار، والتي يمكن أن ينفذوا من خلالها.

واستطاعت فلسطين الاستفادة من اتفاقية "بازل" المتعلقة بالتحكم في النفايات الخطرة والتخلص منها عبر الحدود على المستوى المحلي والدولي في حماية البيئة الفلسطينية من عمليات التهريب للنفايات، التي ينفذها الاحتلال "الإسرائيلي" في أراضي الضفة الغربية.

ومن خلال الاتفاقية سجلت فلسطين عديد الخروقات "الإسرائيلية" في مجال البيئة، وبموجب أحكام الاتفاقية استطاعت أن تجبر الاحتلال على إعادة ما يتم ضبطه من نفايات "إسرائيلية" في الأراضي الفلسطينية وإعادة الشاحنات إلى مصدرها.

وانضمت فلسطين الى الاتفاقية في العام 2015 بعد توقيع الرئيس محمود عباس على الانضمام اليها.

المصدر : رام الله- خاص زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo