عمال النظافة .. يصنعون الجمال ويعاقبون بالفصل بدون حقوق

عمال النظافة في غزة
عمال النظافة في غزة

يضرب الشاب رامي الرضاوين كفا على كف، بينما يجلس أمام منزله المتواضع بالقرب من مسلخ البلدية الجديد جنوب مدينة غزة، لا معيل له ولأسرته المكونة من ثمانية أفراد برفقته زوجته البالغ من العمر42 عاماً، بعد أن فقد مصدر دخله البسيط الذي لا يفي إلا لسد الرمق.

ويقول الرضاوين لـ "زوايا" بينما يحمل بعض من أوراق إنهاء عمله والاستغناء عنه من بلدية غزة عقب تعرضه لحادث أثناء عمله في تجميل أحياء المدينة وإزالة ما خلفه البشر من نفايات،" منذ العام 2012 تم الاستغناء عن خدماتي بشكل منفرد ودون أي حق لي بالاعتراض أو المطالبة بحقوقي بعد أن أصبت أثناء عملي بعقد مؤقت"

ويتابع الرضاوين أثناء إظهار إجحاف عقده الذي لم يمنحه الفرصة للتعافي من إصابته ولا أي من حقوقه التي تنص عليها كل قوانين الدنيا خاصة أنه سقط عن عربة جمع النفايات أثناء عمله الرسمي، بأن البلدية استغنت عنه وأنهت عقد العمل المؤقت دون التفات لحالته.

وتعرض رامي الرضاوين للإصابة أثناء عمله في تجميع النفايات الصلبة ما تسبب له بكسر في الحوض وبدلا من علاج إصابته حيث يحرمه عقده من التأمين الصحي تفاجئ بإصدار قرار الاستغناء عن خدماته.

ويضيف الرضاوين:" أعمل عامل نظافة على بند البطالة منذ عام 2008، حيث قمنا بالإمضاء على عقود ضمن مشاريع صندوق الإقراض لمجالس البلديات، وكانت العقود لا تضمن أدني الحقوق في حالات الإصابات أثناء العمل، أو تأمين الصحي، ما جعلني غير قادر على المطالبة بأي تعويض".

ولم تكن حالة الرضاوين هي الوحيدة في الوقت الذي تحتاج هذه الفئة التكريم يتم السطو على حقوقها بحجة عقود مخالفة لكل القوانين المتعلقة بالعمل وحقوق العمال.

فالمواطن أبو سليمان الملالحة البالغ من العمر 55 عاماً، والذي يسكن القرية البدوية جنوب غزة، وابً إلى ثمانية أبناء، كان عرضة لذات الاستهداف عندما فقد أصبعه في يونيو الماضي ليلقى مصير الرضاوين بالاستغناء عنه رغم مرور 12 عاما له في عمله.


واكتفت البلدية بإصدار أمر إنهاء عمله بحجة أنه " أصبح غير صالح إلى تأدية العمل"، وكأن البلدية تجز رقاب عمالها دون منحهم حتى حق الألم.

وتشترط البلدية على هذه الفئة من العمال تحمل تكاليف جلب الدابة والعربة وصيانتها، وإذا نفقت الدابة يتحمل خسارتها العامل.

ويبلغ ثمن دابة مناسبة لهذا العمل نجو 1900 شيكل بما يعادل 400 دينار أردني، في الوقت الذي لا يتقاضى فيه العامل إلا 950 شيكلا أجرة شهرية على بند المشاريع، وفي حال انتهاء المشاريع يتم تحويل العمل على بند البلدية برواتب لا تتعدى 700 شيكل.

ويعمل في بلدية غزة نحو 235 عاملا على بند العقود المؤقتة، هم يسدون الجزء الأكبر من النقص في جمع النفايات الصلبة في المدينة يجمعون حوالي 250 طنا، ويقوموا بالعمل ضمن 35 نقطة تجميع مركزية موزعة في المدينة، بواقع 6 ساعات عمل 6 يوميا.

اقرأ أيضاً: “زوايا” تكشف خفايا المصالحة بين عباس ودحلان

البلدية تبرر الفصل بالقانون!

ويؤكد ماجد سكر رئيس قسم ترحيل النفايات الصلبة في بلدية غزة، بأن قسم ترحيل النفايات يوميا يقوم بتجميع 700 طن من النفايات، حيث يبلغ اجمالي عدد العاملين في القسم 450 عاملا بينهم 200 فقط على بند العقود الثابتة.

ويعقب سكر على خلفية فصل العمال، بان البلدية يحق لها بموجب العقود المبرمة إنهاء خدمة أي عامل وفق رؤية البلدية في الاستغناء عن خدماته العمالية في حال رأت البلدية عدم صلاحيته للعمل، وبموجب العقد لا يستطيع العامل المطالبة بالطعن ضد العقد، والاساس في إجراءات الفصل تتمثل في عدم قدرة الشخص على أداء الخدمة المطلوبة منه.

الفصل مخالف للقانون

بدوره يؤكد عبد الله شرشرة، المستشار القانوني، بأن ما تتعرض له هذه الفئة التي أمضت أكثر من عام في عملها هو مخالف لقانون العمل خاصة حرمانهم من المستحقات المالية حال انتهاء عقودهم.

وإضافة لذلك يوضح شرشرة في حديث لـ "زوايا" بأن إصابة العمل، بحسب المادة 119، من قانون العمل فإنه إذا حالت الإصابة دون أداء العامل لعمله يستحق ما قيمته 75% من أجره اليومي عند وقوع الإصابة طيلة عجزه المؤقت بما لا يتجاوز 180 يوماً.
وفي ضوء الإشكاليات المالية التي تواجهها الهيئات المحلية، وتدنى الإيرادات المالية لبعض البلديات بنسبة كبيرة جدا، أصبح الموظفون المثبتون، والمتعاقدون كموظفي البطالة يعانون من إشكاليات تتعلق بالحماية والأمن الوظيفي، فعلى سبيل المثال بلدية غزة، وهي كبرى بلديات قطاع غزة من حيث عدد الموظفين والمتعاقدين البالغ عددهم 1400 موظف حتى سبتمبر الماضي، هي مدينة للموظفين، والمتعاقدين بما يزيد عن 271 مليون شيكل.

القانون ضمن للعقود المؤقتة حقوق

ويوضح أحمد المغربي المستشار القانوني للمركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات إن قانون العمل الفلسطيني رقم 7 لعام 2000 شملت نصوصه القانونية أي عمل تعاقدي لعام كحد أدني للمطالبة بالحقوق العمالية التي كفلها القانون والتي ادناها نهاية الخدمة والتي تصرف أجر شهر عن كل سنة.

ويتابع أن عقود البلديات تندرج ضمن عقود الإذعان والتي تقوم على قاعدة طلب خدمة عمل تتضمن مجموعة من المهام وعليها يكون القبول من العدم من العامل المبرم معه الاتفاق، ولكن الحديث حول بنود العقود فهي غير منصفه بحق العمال ولكن بموجب قانون العمل يستطيع العامل المطالبة بحقوقه العمالية.

اقرأ في كتٌاب زوايا: لماذا لا يوجد نِدّ قويّ لنتانياهو في إسرائيل؟

ووفق قرار مجلس الوزراء رقم 11 لسنة 2012 بشأن اعتماد الحد الأدنى للأجور في جميع مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية أن الحد الأدنى للأجر الشهري في جميع القطاعات 1450 شيقل، وأعلن اتحاد الغرف التجارية ممثلا بالمجلس التنسيقي لمؤسسات القطاع الخاص بالتوافق مع وزارة العمل في يناير 2021 إلى رفع قيمة الحد الأدنى للأجر الشهري إلى 1950 شيقل.

المصدر : خاص زوايا: غزة - مصطفى الدحدوح

مواضيع ذات صلة

atyaf logo