حوار عشراوي: المنظمة شكل بلا جوهر والانتخابات جاءت بضغوط

د. حنان عشراوي
د. حنان عشراوي

أكدت د. حنان عشراوي، المستقيلة من عضوية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أن المنظمة أصبحت بدون دور حقيقي، بفعل هيمنة السلطة عليها، الأمر الذي أضر بالمنظمة وجعلها شكلية.

وأوضحت عشراوي، في حوار خاص مع موقع "زوايا"، أن دور الحكومة والسلطة طغى على دور المنظمة وغيبها، حتى أصبحت السلطة هي عنوان كل شيء، وهي التي توقع الاتفاقيات، والتي تنسج العلاقات الدولية، وتحصل على الأموال، وتوزع الموازنات المالية، حتى السفارات التي من المفترض أنها تابعة للمنظمة، أصبحت مرجعيتها وزارة الخارجية.

وأضافت عشراوي، السفارات تقول إنها تتبع منظمة التحرير، ولكن لا يوجد أي تواصل معها، ولا تعرف المنظمة شيئا عنها، فلا يوجد حلقة تواصل معهم.

وقالت: "أصبحت اللجنة التنفيذية للمنظمة أصبحت شكلية، ولا أحد من أعضاء التنفيذية يعرف ماذا يحدث"، مؤكدة أن تنفيذية المنظمة هي "خارج نطاق صنع القرار"، الأمر الذي أضعف الموقف الفلسطيني.

وشددت على ضرورة إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

واستدركت أنه في حال لم يكن هناك إرادة حقيقية لتجديد المنظمة من ناحية تركيبية ومن ناحية شخوص ومسؤوليات وبرامج لن يكون هناك تجديد حقيقي.

وتابعت: "تمت تقوية السلطة على حساب المنظمة، وأخذت السلطة القرار السياسي والاقتصادي والمالي، وأصحبت المنظمة شكلا بدون أي صلاحيات أو ضمان أو تفويض حقيقي، لذلك لابد من إجراء الاصلاحات الداخلية في المنظمة".

اقرأ أيضاً: “زوايا” تكشف خفايا المصالحة بين عباس ودحلان

وأوضحت عشراوي أنه عندما تم توقيع إعلان المبادئ (اتفاقية أوسلو عام 1993) كان الهدف أن توقع منظمة التحرير  نيابة عن الشعب الفلسطيني والسلطة، ولكن الآن انقلبت الأمور، وتساءلت "إذا كانت السلطة هي نتيجة قرار للمنظمة، وهي أداة من أدواتها، فلماذا جعلناها تطغى على المنظمة وتضعف مكانتها؟".

وأردفت قائلة: "المفترض أن المنظمة هي التي تملك شرعية التمثيل، وهي التي تملك القرار السياسي، والسلطة هي العنوان الإداري والخدماتي، والوضع الحالي يصب في صالح من يقولون لنا أنتم ليس لديكم عنوان وطني شامل ولا حق تمثيل سياسي وتقرير المصير، بل يمكن أن تقوموا بقضايا إدارية تحت الاحتلال، وهذا خلل سياسي حقيقة".

الانتخابات وحدها ليست حلاً

وعن انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني المنتظرة في نهاية شهر آب/أغسطس القادم، قالت عشراوي: "الانتخابات وحدها ليست الحل، لأن أعضاء المجلس التشريعي المنتخبين يتم انتخابهم تلقائيا كأعضاء في المجلس الوطني، ولذلك يجب تمثيل فلسطينيي الشتات في المجلس ويكون لهم حق الاختيار والترشيح".

وقالت: "الأمر الذي يحتاج إلى بدائل عن الانتخاب حيثما أمكن، ما يعني جهداً كبيراً في تسجيل الفلسطينيين لدى السفارات الفلسطينية في الخارج وإجراء الانتخابات في مقر السفارات".

تدخلات دولية

هذا وأكدت عشراوي، أن هناك تدخلات دولية بشأن إجراء الانتخابات، موضحة أن القضية الفلسطينية دائما ما كانت تتعرض لتدخلات دولية في عدة مجالات، فقضية استقلال القرار الوطني الفلسطيني كانت قضية واضحة لمنظمة التحرير.

وأوضحت "هناك تدخلات بعض منها على حماس بغزة، وبعضها على فتح والمنظمة في الضفة، فمثلا الاتحاد الأوروبي ضغط بشكل كبير لإجراء الانتخابات، لأنه كان يوجد تشكيك دولي في شرعية النظام السياسي الفلسطيني، وكان يقال لنا متى آخر انتخابات أجريتموها".

وتابعت أن التدخل التركي القطري لدى حركة حماس، جعلها تقبل بالانتخابات، مضيفة "واضح أن هناك تدخلات خارجية، لأنه لو كانت هناك إرادة داخلية لتمت المصالحة منذ زمن، وجرت انتخابات منذ وقت بعيد".

ضمانات دولية للاعتراف بنتائج الانتخابات

وبشأن اعتراف المجتمع الدولي بنتائج الانتخابات وعدم تكرار سيناريو انتخابات 2006، التي شهدت فوز حركة حماس ورفض المجتمع الدولي نتيجتها، قالت عشراوي: "إن عدم اعتراف المجتمع الدولي بنتائج الانتخابات الماضية كانت بمثابة فضيحة له".

وأكدت أنها وخلال لقاءاتها مع الممثلين الدوليين، "أجمعوا كلهم على أنهم سوف يضمنوا الاعتراف بنتائج الانتخابات القادمة".

وفيما يلي نص الحوار كاملاً:

س: إلى أي درجة يمكن أن تشكل الانتخابات فرصة لطي صفحة الانقسام وتحقيق النجاح؟

ج) واضح أنها مؤشر إيجابي للتغيير في الوضع السائد، ولكن هي ليست الحل لكل القضايا، وليست المفتاح الوحيد لإنهاء الانقسام، هناك عدة متطلبات لإنهاء الانقسام، والانتخابات واحدة منها، ونحن بحاجة إلى ترميم الوضع الداخلي وإصلاح على عدة مستويات للوصول إلى مصالحة حقيقية.

نرحب بالانتخابات، ولكن يجب أن تجري بشكل ديموقراطي حقيقي، وقوانين حقيقية تدعم مشاركة الشباب والمرأة، وتفتح الباب للتغيير الفاعل، ولا تكون مجرد وسيلة لتقاسم المصالح أو توزيع المناصب أو إعادة اجترار الوضع القائم.

والكل يشجع الانتخابات ويريدون الوصول إلى آلية التغير هذه للإصلاح وإعادة إحياء النظام السياسي وتفعيل الشرعية لهذا النظام، ولكن هناك متطلبات لهذه الأمور حتى تكون انتخابات ديموقراطية حقيقية، بما فيها تحميل الاحتلال المسؤولية أولا وأخيرا عن التدخل السلبي والإعاقات، وفي ذات الوقت يجب أن نكون على مستوى المسؤولية للإعداد للانتخابات، لضمان انتخابات نزيهة وحقيقية تفتح الباب للتصويب والإصلاح لتكون بداية مرحلة جديدة.

س: هل كانت هناك تدخلات دولية وضغوط لإجراء الانتخابات؟ وهل يمكن أن يكون لها تداعيات سلبية على النتائج؟

ج) هناك تدخلات دولية طبعا، القضية الفلسطينية دائما كانت تتعرض لتدخلات دولية، في عدة مجالات يعني قضية استقلال القرار الوطني الفلسطيني كانت قضية واضحة لمنظمة التحرير. ولكن باستمرار هناك تدخلات، بعض منها على حماس بغزة، وبعضها على فتح والمنظمة في الضفة، فمثلا الاتحاد الأوروبي ضغط بشكل كبير لإجراء الانتخابات لأنه فعلا كان هناك تشكيك دولي في شرعية النظام السياسي الفلسطيني وكان يقال لنا متى آخر انتخابات أجريتموها.

اقرأ في كتٌاب زوايا: لماذا لا يوجد نِدّ قويّ لنتانياهو في إسرائيل؟

وباعتقادي أن خروج ترامب من الساحة، وتغيير الإدارة الأمريكية أدى إلى تفعيل الإرادة للانتخابات، لإرسال رسالة لأمريكا أننا بصدد إعادة ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، وأيضا تدخلات قطر وتركيا أثرت على موقف حماس، حتى قبلت بالانتخابات، وواضح أنه هناك تدخلات خارجية، لأنه لو كانت هناك إرادة داخلية لتمت المصالحة منذ زمن، وجرت انتخابات منذ وقت.

الآن عدة عوامل مجتمعة تدخل أدت لهذا القرار وقبول رؤية جامعة لهذه الانتخابات، وهي بحاجة إلى معالجة بعض القضايا فيها، لأنها ليست مثالية وكاملة، ولكن نأمل ان تتم دون تدخل "إسرائيلي" سلبي، وأن تفتح المجال أمام جيل جديد.

س) هل تتوقعين اعتراف المجتمع الدولي بنتائج الانتخابات؟

ج) هذه كانت فضحية للمجتمع الدولي عندما أصروا على إجراء الانتخابات السابقة في العام 2006، وبعدها رفضوا الاعتراف بنتائجها، وبالعكس فرضوا العقوبات على الشعب الفلسطيني، هم فضحوا الرياء الدولي عندما تغنوا أنهم مع الديموقراطية لكن شريطة ضمان النتائج كما نريد. الآن الكل يشعر بنوع من الحرج نتيجة هذا التاريخ، والعديد من الممثلين الدوليين الذين التقيتهم أجمعوا على أنهم سوف يضمنوا الاعتراف بنتائج الانتخابات المقبلة.

وأيضا هناك جهات تتحدث مع أمريكا حول قضية حماس والاعتراف بالنتائج، من حيث ما هي الصيغة التي سوف يتم القبول بنتائج الانتخابات، وهناك ضغط على الإدارة الامريكية لقبول النتائج، لأنها لا يمكن أن تقوم بصناعة لنتائج على مقاسها.

الدول جميعها سوف تقبل النتائج، لكن القصة الداخلية كيف سوف تتفاعل مع النتائج؟ وكيف تكون لها مصداقيتها؟ وليست إعادة إنتاج نفس المنهج، هذا هو السؤال.

من ناحية ثانية اذا كانت النية أن يترشح الكل في قائمة واحدة هذه لن تكون انتخابات، فالمهم أن يمارس الشعب حقه في الاختيار، لمسائلة من انتخبهم، وليس أن نفرض عليه قائمة موحدة من الجميع، وكأنها نوع من التزكية، وتحرم الشعب من ممارسة حقه في الاختيار، وهي أيضا تحرم المستقلين الذين قد يترشحوا، لأنه إذا ترشحت كل الفصائل في قائمة واحدة ستشكل قائمة عملاقة، وستستطيع أن تضمن خسارة أي طرف ثاني يحاول أن يدخل الساحة.

س: إلى أي درجة يمكن أن تفتح الإدارة الأمريكية إمكانية إعادة إحياء عملية السلام؟

ج) أولا خروج ترامب من الساحة هو أمر لا أقلل من أهميته على الإطلاق، لأنه كانت هناك خطط للولايات المتحدة للقضاء على القضية الفلسطينية ومستقبل وحقوق هذا الشعب، وإعطاء الفرصة لإسرائيل لبناء ما تسمى "إسرائيل الكبرى"، والسيطرة على أراضينا، بإعطاء غطاء لفعل ذلك.

فخطورة ترامب وجماعته بمن فيهم فريدمان وكوشنير وغيرهم من إدارته، أن هذا النظام كان معاديا، وخطط ترامب للسلام الاقتصادي ومحاولة إخضاع الإرادة الفلسطينية والعربية لصالح إسرائيل، هذه قضايا كانت خطيرة، فخروج ترامب أمر مهم جدا بالنسبة لنا، لمنع التدهور أكثر، ولمنع هذا المجال الهدام الذي كان يسير فيه ترامب.

أيضا يجب علينا عدم توقع أنه جاءنا مخلص اسمه بايدن، لأن السياسة الأمريكية في السابق كانت دائما منحازة لإسرائيل، وكان التحالف الإستراتيجي مع إسرائيل هو الطاغي، فترامب أخذه لدرجة أبعد، لأنه أصبح شريكا مع إسرائيل في الاحتلال، وهناك تخوف إذا ما عاد بايدن للسياسة السابقة، التي أثبتت فشلها، هذا أمر غير مقبول ولن يؤدي إلى أي حل.

لكن هناك محاولات لفهم جديد، وأقول بصراحة في الرأي العام في الولايات المتحدة ما بين الأقليات والجامعات والأكاديميين والتقدميين والحركة النسوية وحركة السود، هناك شبكة تضامن حقيقي مع قضيتنا، ونحن على تواصل معها وحتى حركات يهودية تأخذ مواقف داعمة للقضية الفلسطينية، هؤلاء جميعا يشكلون موقفا ضاغطا على صانع القرار.

وفي المقابل هناك قوى تقليدية في الحزب الديموقراطي حاولوا أن يسلبوا قرار الحزب، فمنعوا ظهور حتى كلمة احتلال ولا حق تقرير المصير ولم يذكروا القدس، الأمور ليست بالسهلة، ونحن نقول أصبحنا جزء من الخطاب لدى الحركات التقدمية والحركات الداعمة لحقوق الإنسان هناك، وما زالت قوى لا بأس بها التي تحاول العودة إلى تحالف إستراتيجي وإلى إعادة موقع إسرائيل، باعتبارها الحليف الأساسي، فهذا أمر يجب أن نكون واعيين له، ولا نندفع بالأوهام.

التعامل مع الإدارة الأمريكية الجديدة يتطلب أدوات جديدة وخطاب جديد، وألا نعيد تكرار نفس الأسلوب، أنا أقول بصراحة لأننا يجب أن نرفض أن نكون امتدادا في العلاقة الإستراتيجية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، ونرفض أن تطلب منا الولايات المتحدة تنازلات وكأنها وكيل لإسرائيل، وانما يجب إعادة صياغة الحوار مع الإدارة الأمريكية على أساس تكافؤ الحقوق، نحن لدينا حق وبالتالي يجب أن نعيد صياغة العلاقة على هذا الأساس.

وعملية صنع السلام بحاجة إلى إعادة رؤية شاملة وإعادة صياغة، لا نريد أن نعود إلى مفاوضات مباشرة بغطاء أمريكي، وحتى عندما تحدثنا إلى الرباعية الدولية أيضا فشلت، واستخدمتها الولايات المتحدة كأداة تضعها بالفريزر، كانت عندما تريد أن تظهرها تفعلها، وإذا أرادت أن تتحرك وحدها تجمدها.

أيضا الحديث عن مؤتمر دولي للسلام، لماذا لا يكون بالأمم المتحدة نفسها وعلى أساس احترام للقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة، ونعيد صياغة الحوار بشكل مختلف مع أمريكا، ولا نسمح لها أن تكرر نفس الإنحياز لإسرائيل، لأنها سياسة فشلت منذ سنين، الآن الوضع تغير، والأمر بحاجة لإعادة صياغة. مع ضرورة تفعيل دور حلفائنا، لأنهم وضعونا على جدول أعمال المفاهيم الحقوقية والإنسانية واحترام الضعيف ومسائلة القوي، هذه لم تكن موجودة سابقا، فيجب أن تكون لنا الإرادة للتعامل معها بشكل مختلف.

المصدر : رام الله- خاص زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo