مأزق الانتخابات الفلسطينيّة

عدنان داغر
عدنان داغر

تتشكّك فئات واسعة من أبناء الشعب الفلسطيني في جدية وصحّة إجراء الانتخابات، في شهر أيار/مايو المقبل، فهذه ليست المرة الأولى التي يُعلن فيها عن انتخابات، من دون أن تتم.

وتدور نقاشات واسعة بين مختلف الفئات والأوساط الفلسطينية، في الضفة الغربية وقطاع غزة، بل وحتى في الخارج، وفي المناطق الفلسطينية المحتلّة عام 1948، حول موضوع الانتخابات، وتتمحور بين مؤيّد لها ومتحمّسٍ لخوضها، وبين معارض لها، وما بينهما من جمهور صامت ومتشكّك أو منتظر، وكلّ طرف يسوق حججه وبراهينه على صحّة رأيه وموقفه.

وفي واقع الحال، فإنّ الشعب الفلسطيني وقواه وأحزابه في مأزق! فالانتخابات لن تأتي باستقلال وطني وجلاء الاحتلال عن الضفة الغربية وقطاع غزة، وتبقى محكومة بسقف اتفاقات أوسلو وملحقاته، التي لم تجلب للشعب الفلسطيني سوى الكوارث والمآسي، المتمثّلة في ابتلاع الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية، وتكثيف الاستيطان ونهب الأراضي، وتهويد القدس وثلّة فاسدة لا يهمّها سوى المحافظة على مصالحها. ناهيك بأنّها لن تأتي بشخصيات جديدة ونهجٍ مقاوم فعلاً، لا قولاً للاحتلال.

اقرأ أيضا: مجمود جودة يكتب.. زيت غزة

ومن ناحية أخرى، فإنّ المقاطعة تتيح للمتسلّقين ولنهج التفريط الوصول إلى "التشريعي" ومواقع صنع القرار، للتحكّم بالقضايا المعيشية والحياة اليومية لأبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتؤدّي في ما تؤدّيه، إلى تهميش كلّ أبناء الشعب الفلسطيني خارج الضفة الغربية وقطاع غزة.

(تقول إحدى الدعايات السياسية: إنّ الانتخابات هي التي ستجعل العالم يحترمنا ويحسب لنا ألف حساب، وهي دعاية تنطلق من إذاعة محلية محسوبة على تيار سياسي، يُعرّف نفسه بأنّه "ليبرالي").

وفي مواجهة هذا التضليل، والاستهانة بوعي "الناخب"، لا بدّ من السؤال: كيف ستفعل الانتخابات ذلك؟!
وممّا يزيد الناس حيرة وشكّاً في النتائج "الإيجابية" للانتخابات، التي يتحدّث عنها المتحمّسون لها، هو وجود قناعة راسخة لدى غالبية أبناء الشعب الفلسطيني، أنّ الانتخابات لن تغيّر في واقع الانقسام المقيت شيئاً، فلا "حماس" مستعدّة للتنازل عن غزة لـ"فتح"، ولا هذه الأخيرة مستعدّة للتنازل عن الضفة الغربية لـ"حماس"، مهما كانت نتائج الانتخابات، وأيّاً كان الفائز فيها.

ما الذي يريده طرفا الانقسام من الانتخابات؟ السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وحزبها المهيمن "فتح"، يريدان تجديد ثقة متآكلة على مدار سنوات سابقة، أمّا "حماس"، فتريد "شرعنة" هيمنتها على قطاع غزة، إضافة إلى البحث عمّن يحمل عبء التمويل عنها في قطاع غزة، وسواء هنا أو هناك، لن تغيّر الانتخابات من الأمر شيئاً. هذا إذا أهملنا العوامل الدولية والإقليمية في الضغط على ضرورة إجراء الانتخابات.
أصل المقال

المصدر : عدنان داغر

مواضيع ذات صلة

atyaf logo