أكد رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين السابق، عيسى قراقع، على أن قضية الأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال تشهد تصعيدا خطيرا من قبل الاحتلال الإسرائيلي، يتمثل في محاولة النيل من المكانة النضالية والقانونية للأسرى، وتجريدهم من صفة أسرى يناضلون من أجل الحرية.
وقال قراقع في حوار خاص مع موقع "زوايا" : "إن الاحتلال الإسرائيلي صعد من الهجمة ضد الأسرى سواء بسحب امتيازاتهم، أو الانقضاض على حقوقهم داخل السجون، وتعقيد ظروفهم الإنسانية والمعيشة".
وأضاف أن العدوان الإسرائيلي على المكانة الشرعية والقانونية للأسرى مستمر، وزاد شراسة في العام الأخير، من خلال استمرار الاحتلال في احتجاز أموال الأسرى، كما صعد من الهجمة عندما قامت حكومة الاحتلال بتهديد البنوك العاملة في فلسطين بضرورة إيقاف حسابات الأسرى لديها، والاستيلاء ومصادرة ممتلكات بعضهم من الأراضي المحتلة عام 1948 أو من مدينة القدس.
وأوضح أن الهدف ليس ماديا بقدر ما هو تجريم نضال المعتقلين الفلسطينيين، ووسمهم بـ"الإرهاب"، وبالتالي تجريدهم من مكانتهم القانونية كأسرى حرية وأسرى حرب، لذلك كان الصراع على مشروعية النضال الوطني الفلسطيني، من خلال هذه الهجمة على المعتقلين.
ويوضح قراقع، أن البنوك الفلسطينية رضخت لتهديدات الاحتلال، وتخلت عن دورها الوطني، مشيراً إلى أن هذه البنوك تعمل تحت السيادة الفلسطينية وبإشراف سلطة النقد الفلسطينية، وبالتالي يجب أن تكون جزء من الحالة الوطنية الفلسطينية، وكان عليها أن تملك الأدوات الإدارية والقانونية، للرد على التهديد الإسرائيلي، وأن تقف إلى جانب قضية الأسرى.
ونبه قراقع الى أن السلطة الفلسطينية تتعامل مع الأزمة على صعيدين، الأول: بأن هناك ضغوطا أمريكية وإسرائيلية وحتى من بعض الأطراف الأوروبية ما زالت متواصلة وبشكل كبير جدا في هذا الملف.
والموقف الفلسطيني من تلك الضغوط هو "الرفض"، سواء من الرئاسة أو الحكومة ومنظمة التحرير، وأنه لن تنتقص القيادة من حقوق الأسرى، والوقوف إلى جانب عائلاتهم كجزء من النضال الوطني، وهو ما بدى واضحاً مع تأكيد الرئيس محمود عباس على الالتزام بصرف رواتب الأسرى والشهداء والجرحى، رفضاً للطلب الإسرائيلي الأمريكي، رغم احتجاز الاحتلال أموال المقاصة الفلسطينية.
ومن ناحية أخرى، تواصل القيادة الفلسطينية ما يعرف بجبر الضرر عن عائلات الأسرى، لأنهم ضحايا هذا الاحتلال، والمجتمع الفلسطيني تعرض للتدمير بفعل جرائم الاحتلال، ووفق اتفاقية جنيف والقانون الدولي كان يجب على الاحتلال أن يقوم بتعويض هذه الأسر وجبر الضرر عنها، ولكن القيادة الفلسطينية تقوم بذلك كنوع من واجبها تجاه شعبها، وهي محمية بذلك وفقا للقانون الدولي.
اقرأ أيضا: وزير القدس الأسبق لـ”زوايا”: السلطة مقصرة بحق القدس والدعم العربي شحيح جدا
وكان الاحتلال قد أمهل البنوك العاملة في فلسطين حتى شهر كانون ثاني/يناير لإيقاف حسابات الأٍسرى الفلسطينيين، الأمر الذي رفضته الحكومة الفلسطينية، وحذرت البنوك من الانصياع لهذا التهديد.
ويقبع نحو 4500 أسير فلسطيني في سجون الاحتلال، بينهم نحو 360 أسيرا إداريا، ونحو 250 طفلا وأكثر من 40 أسيرة.
انحسار الزخم الشعبي لقضية الأسرى
وأكد قراقع بأن هناك انحسارا في الاهتمام الجماهيري والشعبي بقضية المعتقلين الفلسطينيين، على الرغم من أنه خلال عام 2020 سقط شهداء من الحركة الأسيرة، وتصاعدت عمليات القمع، وانتشار فيروس كورونا، وعدم توفير الإجراءات الصحية اللازمة للمعتقلين، واستمرار الوحشية الإسرائيلية، إلا أن التضامن مع القضية لم يكن بالمستوى المطلوب، بسبب جائحة كورونا، إلى جانب وجود عوامل داخلية وخارجية لعبت دورا في إهمال القضية.
وتابع قراقع: "لكن هذه القضية يجب أن تبقى ذات أولوية، لأن الهجمة على حقوق الأسرى وأوضاعهم المعيشية كبيرة، وهي جزء من الهجمة هي على مشروعية النضال الوطني، ما يستدعي تصديا أكبر بحجم التحدي الذي يواجهه المعتقلين".
الفصائل غائبة
وحول دور الفصائل في نصرة قضية الأسرى، قال قراقع: "أصبح هناك هوة بين المجتمع وبين الفصائل الفلسطينية، وبالتالي لم تعد قادرة على استقطاب الشعب الفلسطيني ووضع برنامج وطني وجماهيري من أجل التصدي لممارسات الاحتلال".
وأعرب عن أسفه من أن الفصائل لم تجدد نفسها وبرامجها، ولم تنزل أكثر إلى الشارع الفلسطيني، لتقود في هذه المعركة، مشددا "هناك تراجع على مستوى الحركية الوطنية لدى الفصائل".
وأضاف قراقع: "لهذا يجب أن نعتمد على مؤسسات المجتمع المدني، والمؤسسات والأطر النقابية، لتحريك الشارع الفلسطيني، لسد الفراغ الذي أحدثته التنظيمات بشكل عام".
تفكك الحركة الأسيرة
وفي سياق متصل، أشار قراقع إلى حالة التفكك التي تعتري الحركة الأسيرة الفلسطينية، قائلاً: "إن الحركة الأسيرة منقسمة ومشتتة، ولا يجمعهم برنامج واحد بكل أسف، وإنما تحركات ومعارك فردية، وهذا يدل على أن الحركة الأسيرة مجزأة، وهذه نقطة ضعف تستغلها سلطات الاحتلال".
وأضاف، برغم كل النداءات والمناشدات لقيادة الأحزاب والفصائل داخل السجون من أجل أن تعمل كقيادة موحدة، وأن تخوض معارك موحدة ويكون التعامل الجماعي وليس الفردي، وتنتهي مظاهر الحزبية والفردية داخل السجون، إلا أن هذا الشيء الجديد والطارئ على الحركة الأسيرة تستغله سلطات الاحتلال للانقضاض أكثر على الأسرى.
وختم بالقول: "المطلوب وحدة وطنية داخل السجون بقيادة مشتركة، وإعادة الاعتبار للعمل الجماعي في مواجهة ما يتعرض الأسرى له".