حوار وزير القدس الأسبق: السلطة مقصرة بحق القدس والدعم العربي شحيح جدا

حاتم عبد القادر
حاتم عبد القادر

قال القيادي الفتحاوي في مدينة القدس حاتم عبد القادر، إن السلطة الوطنية الفلسطينية مقصرة بحق مدينة القدس، ولا تخصص لها الميزانية الكافية، لتأمين أدنى مقومات الصمود في المدينة.

وفي مقابلة خاصة بموقع "زوايا"، أكد وزير القدس الأسبق على أن السلطة الوطنية الفلسطينية منذ نشأتها (1994) لم تنفذ مشروعا واحداً في مدينة القدس.

وأشار إلى أن الخطاب الرسمي الفلسطيني والعربي تجاه القدس "لا يعد واضحاً وليس كافياً، في ظل ما تتعرض له المدينة المقدسة من مخططات تهويد، ومحاولات التقسيم الزماني والمكاني للمقدسات".

وتطرق عبد القادر في حواره مع " زوايا" إلى الانتخابات التشريعية المزمع عقدها في أيار/مايو القادم، قائلاً انه متحمس للانتخابات لكنه ليس متفائلا.

اقرأ أيضا: السفير أحمد الرويضي لـ”زوايا”: القدس منكوبة والعرب لا يكترثون

وأرجع عدم تفاؤله إلى عدة أسباب، أهمها: وقوع المجلس التشريعي الفلسطيني القادم بين فكي كماشة السلطة التنفيذية من جهة والقضائية من جهة أخرى، بسبب التغيرات التي أجراها الرئيس محمود عباس مؤخرا على القانون الأساسي الفلسطيني وقوانين السلطة القضائية.

وتاليا نص الحوار كاملا:

الكل الفلسطيني والعربي يتغنى بالقدس والوقوف بجانب قضيتها العادلة.. هل يوجد عمل حقيقي لتعزيز صمود المقدسيين؟

لا يوجد دعم حقيقي للقدس فهو شحيح جدا، ولا يتجاوز عدة ملايين من الدولارات في العام الواحد، انا لا أريد أن أقلل من شأن الدعم العربي للقدس، لكنه متلخص للأسف في إسعافات أولية وتأمين الخبز وغيره من الأمور البسيطة، القدس ليست بحاجة إلى الخبز، فهناك العديد من المشاكل التي يعاني منها المقدسيون، هدم المنازل نموذجا لذلك. وفي هذا الإطار كل ما تقدمه الدول العربية عشرة آلاف دولار تصرف بعد عام من هدم المنزل، وهذا مبلغ لا يكفي لإزالة أنقاض الهدم في وقت يبقى فيه المقدسي عاما كاملا يسكن في العراء دون أن يلتفت إليه أحد.

هل توجد موازنة واضحة المعالم من قبل الحكومة الفلسطينية مخصصة للقدس؟

لا أرى أن هناك ميزانية حقيقية وواضحة للقدس، حسب معلوماتي، ما يصرف على القدس سنويا لا يزيد عن خمسة عشر مليون شيكل، وهذا رقم بسيط جدا إذا ما قورن بما يصرفه الإسرائيليون على القدس، فإذا عملنا مقارنة بسيطة فإن ما يصرف على القدس من السلطة الوطنية الفلسطينية يساوي عشر في المئة مما تصرفه  الجمعيات الاستيطانية على الحراسات فقط.

هل الظروف التي دفعتكم للاستقالة عام 2009 كوزير للقدس قائمة حتى الآن؟

أعتقد أنها لا زالت قائمة، فمنذ وفاة الرئيس ياسر عرفات لم نلمس جهدا حقيقيا لدعم صمود المقدسيين لا على المستوى السياسي ولا الاجتماعي، بما يضمن صمود المواطنين، لذلك أنا أرى أن القدس أصبحت شعارا لا يوجد له أي مضمون، وتمثل ذلك في شقين، أولاً: القدس كانت خارج خطة التنمية الفلسطينية، ثانيا: ليس هناك إستراتيجية واضحة تكفل الحد الأدنى من احتياجات الصمود، أيضا القدس غائبة على الصعيد الإعلامي، ولذلك نحن نرى أن الاحتلال خلال الـ15 عاما الماضية  أغلق العديد من المؤسسات بذريعة عدم توفر الإمكانيات المادية، مع العلم أنني وضعت خطة متواضعة، لدعم المجال التجاري في المدينة المقدسة عندما كنت وزيرا للقدس تمثلت في فتح المؤسسات والنقابات والصفوف الدراسية والمؤسسات الإعلامية التي أغلقت، لأن القدس كما تعلمون كانت مركز إشعاع اعلامي وثقافي، إلا أن السلطة الوطنية الفلسطينية لم توفر الدعم الكافي لذلك.

ما الذي يمكن أن تقدمه السلطة الفلسطينية وفصائل العمل والوطني والإسلامي وعلى رأسهم حماس لأهلنا في القدس ؟

أعتقد ان دعم المقدسيين هو واجب السلطة، هناك ميزانية للسلطة وعلى القدس أن تأخذ حقها في هذه الميزانية، عندما تكون الميزانية أقل من صفر فاصلة واحد في المئة فهذا أمر كارثي، فالسلطة منذ إنشائها حتى الآن لم تقم ولو مشروعا واحد في القدس، بالعكس القدس تشهد تراجعا غير مسبوق بسبب الإجراءات الاسرائيلية أولا، والتقصير من السلطة ثانياً، أما فيما يتعلق بالفصائل الأخرى لا أرى انها عملت شيئا للقدس يلمسه المواطن المقدسي بشكل واضح، مع التأكيد على أن ذلك مسؤولية السلطة وليست الفصائل.

ما هي الأوراق التي تملكها السلطة الوطنية الفلسطينية بشأن القدس ولم تقدمها بعد؟

يجب أن يكون هناك ميزانية وإرادة سياسية، والمفروض أن تكون القدس مركزا للتنمية لا أن تشطب من خطة التنمية، هناك 130 ألف مقدسي يسكنون خارج جدار الفصل العنصري في القدس بسبب عدم وجود منازل تأويهم داخل القدس، وهذا يعتبر عملية طرد عنيفة للمقدسيين، نحن أوصينا أيام المجلس التشريعي وحين كنت وزيرا للقدس، أن يكون هناك بنك خاص للمقدسيين، يعطي قروضا من أجل البناء ودعم صمود الناس ولم ينفذ ذلك، وهناك مئات القرارات التي أقرتها لجنة القدس في المجلس التشريعي لم ينفذ منها شيء، وهناك قانون اسمه قانون العاصمة وللأسف حبر على ورق.

نحن نعيش مرحلة التحضير لانتخابات المجلس التشريعي والرئاسة الفلسطينية، ما الذي يمكن أن يقدم للقدس في هذا الإطار، وهل تعتقد أن القدس ستكون أحد أبرز أولويات المرشحين؟

أنا متحمس للانتخابات لكني لست متفائلاً، لأن هذه الانتخابات لن ينتج عنها صيغة واضحة للقدس لعدة أسباب، أبرزها: أن المجلس التشريعي في اعتقادي سيكون محاصر بين فكي كماشة السلطة التنفيذية من جهة والقضائية جهة أخرى، خاصة بعد التغييرات التي أحدثها الرئيس في القانون الأساسي وقوانين السلطة القضائية، وبالتالي لا أعتقد أن الانتخابات ستحدث تغيرا جوهريا فيما يتعلق بقضية القدس، لكن وجود القدس في المجلس التشريعي مهم ومشاركة المقدسيين في الترشح أو الاقتراع مهم أيضا.

اقرأ أيضا: وصاية الأردن على مقدسات القدس.. حماية قومية أم امتداد جغرافي؟

هل الخطاب العربي تجاه القدس واضح في اعتقادك؟

المفروض أن يكون هناك خطابا واضحا تجاه القدس في عدم الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وعدم تقسيم القدس، لكن حتى الآن العرب لم يحددوا خطابهم تجاه القدس، وإنما يتغنون بشعارات دون امتلاكهم إستراتيجية واضحة أو حتى تقديم الدعم للقدس، هناك جامعة الدول العربية وهناك لجنة القدس برئاسة ملك المغرب محمد السادس، لكن لا يوجد تنفيذ لقرارات تلك المؤسسات، وما يقومون به لا ينبع من قناعاتهم بأهمية القدس بقدر ما هو نوع من رفع العتب ليس أكثر.

هل تعتقد أننا فقدنا المدينة المقدسة؟

قد نفقد جزء من القدس وقد نفقد جزء من وجودنا في القدس، ولكن لا ينتهي ولن ينتهي وجودنا فيها، المقدسيون لا زالوا مرابطين في القدس، وإن كنا نراهن على شيء فالرهان فقط على المقدسيين إلى أن يحدث الله بعد ذلك امراً.

ما هو أكثر ما يستفزك في أشكال التقصير بحق المدينة المقدسة؟

أكثر ما يستفزني حالة الصمت السائدة على ما يجري بحق المقدسات في مدينة القدس. المستوى الرسمي الفلسطيني والعربي قلبه معنا كمقدسيين، لكن سيوفهم في مكان آخر للأسف، هذا ما أستطيع قوله باختصار في أكثر الأمور المستفزة في التقصير بحق القدس.

هل فقدتم الأمل في تقديم الدعم للقدس سواء من المستوى الرسمي الفلسطيني وحتى العربي؟

الحقيقة أننا لم نفقد الأمل مئة بالمئة، ولكننا حزينون لما آل لإليه الوضع العربي والإسلامي في مدينة القدس، لكننا نراهن أن ذلك لن يدوم طويلا، فالعرب والمسلمون يوما ما سيستيقظون ويدركون أهمية القدس، ولكن إلى ذلك الحين يبقى الرهان فقط على المقدسيين الذين يواجهون وحدهم المعركة الشرسة التي تشنها "إسرائيل" تجاه القدس.

أخيراً، ما المطلوب وبشكل فوري وسريع لإنقاذ القدس في هذه الفترة العصيبة التي تمر بها؟

المطلوب إنشاء بنك للمقدسيين للبدء في مشاريع إسكان، ودعم المباني التعليمية في القدس، لأن وضع التعليم في القدس سيء جدا، والمطلوب أيضا دعم المشافي، فوضع المدينة بعد تفشي فيروس كورونا سيء جدا، ومطلوب أيضا دعم الحركة التجارية في القدس بشكل واضح، من خلال تقديم قروض للتجار، حيث إن أكثر من 500 محل تجاري مغلقة في القدس بسبب جائحة كورونا، مطلوب كذلك دعم السياحة من خلال فتح الفنادق والتي في معظمها أغلقت أبوابها، والاهتمام بالمؤسسات الإعلامية فمعظم الصحف في القدس تراخيصها لا زالت موجودة كصحيفة الشعب وصحيفة الفجر والمكتب الفلسطيني ومجلة العودة ومجلة البيادر وعلى هذه المؤسسات أن تعود لممارسة نشاطها، حتى صحيفة القدس يجب إعادة مقرها للقدس بعد أن تم نقله إلى رام الله، وعلى النقابات المهنية أن تعود لممارسة نشاطها فهناك أكثر من ثلاثة عشر نقابة عمالية تراخيصها موجودة، لكنها بحاجة إلى إمكانيات حتى تعود لتفعل نشاطها من جديد.

المصدر : القدس المحتلة- خاص زوايا
atyaf logo