يهدد خطر الحرمان من التعليم خمسون طالبا وطالبة يتلقون تعليمهم في مدرسة أم قصة، الواقعة في مسافر يطا جنوب محافظة الخليل، بسبب الإجراءات الجديدة التي تنتهجها حكومة الاحتلال الاسرائيلي، حيث باتت تمهل المنشآت والمباني الواقعة في منطقة C، والتي من بينها مدرسة أم قصة مدة ست وتسعين ساعة لهدمها، ويصبح قرار الهدم بعدها نافذاً، وهي مدة قصيرة لا يستطيع خلالها أصحاب تلك المنشآت السير في الخطوات القانونية لمنع الهدم.
https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=202206701624534&id=102888934889645
يأتي ذلك في وقت تصاعدت فيه حدة الانتهاكات الاستيطانية خلال عام 2020، حيث تشير إحصائيات مركز أبحاث الأراضي إلى أن الاحتلال هدم 850 مبنى ومنشأة، بزيادة 200 منشأة، عما تم هدمه في عام 2019، بواقع 650 منشأة.
ويقول مدير مركز أبحاث الأراضي جمال العملة: "إن أصحاب الأراضي والمنشآت لم يعد لديهم الوقت الكافي للاعتراض القانوني على هدم مساكنهم، حيث كان يمنح أصحاب تلك المساكن في السابق 40 يوماً لتقديم الاعتراض، لكن اليوم أصبحت حكومة الاحتلال تحصر ذلك في أربعة أيام فقط".
وفي حديثه لموقع "زوايا" أكد على أن 40 يوماً لم تكن تكف أصحاب المنشآت للاعتراض على القرار، الأمر الذي يجعل الاعتراض خلال أربعة أيام أمرا مستحيلا.
ويوضح العملة أيضا، أن معدل قلع الأشجار ارتفع خلال عام 2020 إلى 45 بالمئة، وارتفعت نسبة مصادرة الأراضي فيه إلى 24 بالمئة.
وكشف العملة عن قيام المستوطنين بتأسيس مؤسسة أطلقوا عليها اسم "ريغابيم"، والتي تقوم بمراقبة نشاط البناء والإسكان والزراعة الفلسطيني في المناطق المصنفة "C"، من أجل حث إدارة الاحتلال العسكرية على هدم منشآت الفلسطينيين، مبينا أن حكومة الاحتلال تبنت تلك المؤسسة غير الشرعية ومولتها بالكامل لصالح تنشيط الحركة الاستيطانية في المناطق المهددة بالمصادرة والاستيلاء .
من جانبه، ذكر الباحث الحقوقي راجح التلاحمة إلى أن سلطات الاحتلال أصدرت أمراً عسكرياً عام 2018 يحمل الرقم (1797) القاضي باستهداف وهدم كل منزل لم يمض على السكن فيه 30 يوماً، أو لم يستكمل بناءه خلال ستة أشهر، مشيراً إلى أن العديد من المنازل هدمت بناء على هذا القرار.
ويظهر التلاحمة، خلال حديثه لموقع "زوايا"، مدى تغول المستوطنين في إجراءاتهم الجديدة، كاشفاً عن إجراء جديد متمثل في الطلب من صاحب المنشأة المهددة بالهدم القيام بحصر الإرث وإبداء الموافقة من جميع الورثة في الأرض المنوي مصادرتها، الأمر الذي يعد شبه مستحيل نتيجة صعوبة توافقهم، بسبب أعدادهم الكبيرة، إضافة إلى أن معظم هذه الأراضي مسجلة منذ الخمسينيات من العام المنصرم ويصعب حصر ورثتها.
ويشير التلاحمة إلى أن ما تسمى بمحكمة العدل العليا تطلب رسوماً باهظة لقبول طلب الاعتراض من أصحاب الأراضي المهددة، مبيناً أن غالبية هؤلاء هم من سكان الأرياف وظروفهم المادية صعبة، الأمر الذي يحول دون قدرتهم على الترافع في محاكم الاحتلال الإسرائيلية، التي لا تنصفهم في غالب الأحيان، إلا إنه لا طريق لديهم إلا اللجوء إليها.
مدير الوحدة القانونية في مؤسسة "سانت ايف" للمركز الكاثوليكي لحقوق الإنسان، هيثم الخطيب، يقول إن سياسة الاحتلال مؤخراً تمثلت في حرمان الفلسطينيين من إمكانية حماية مبانيهم، سواء بإجراءات الترخيص أو التوجه إلى القضاء لمجرد تأخير تنفيذ أوامر الهدم.
ويعزي الخطيب، في حديثه لموقع "زوايا"، عدم قدرة المؤسسات الحقوقية على تحقيق أي إنجاز لصالح الفلسطينيين إلى أن "دولة الاحتلال والمشرع الخاص بها، والإدارة المدنية وأذرعها، تخدم سياسة الاحتلال الرامية إلى تنفيذ أمر واقع على الأرض"، وقال: "تجلى ذلك واضحاً في عدم إنصاف محاكم الاحتلال الإسرائيلية للفلسطينيين، ومماطلة المحاكم في هذا النوع من القضايا".
وحول الدور المطلوب فلسطينيا، قال الخطيب: "إن المرحلة الحالية تقتضي تكثيف البناء في مناطق "C" قدر المستطاع، وسكنها في أسرع وقت، وتجهيز الملف القانوني للأبنية قبل الشروع في بنائها، ليحول ذلك دون استمرار سلطات الاحتلال في مصادرة مزيد من الأراضي وهدم البيوت".
وتصاعدت الهجمات الاستيطانية الممنهجة، مع محاولات إدارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب تمرير مخطط الضم، وإن كانت المعطيات السياسية تشير الى أن سلطات الاحتلال تراجعت عنه، لا سيما بعد فوز بايدن في الرئاسة الأمريكية، إلا أن علمليات الهدم تشير إلى أن الضم مستمر فعليا ويطبق على الأرض على قدم وساق، عبر التصرف في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفق إرادتها، ومنع المواطنين من تطويرها بأي شكل من الأشكال.