تقرير تشغيل الخريجين بين حكومة متخمة وقطاع خاص يعاني

خريجون يطالبون بفرص عمل
خريجون يطالبون بفرص عمل

يواجه خريجو الجامعات الفلسطينية معضلة مركبة بين عمل حكومي متخم بالموظفين، وقطاع خاص يعاني من ضعف الاستثمار، في ظل تراجع كبير لأعداد القوى العاملة، خلال العام الماضي، بسبب توقف وإغلاق الكثير من الشركات والأعمال، جراء تدابير الإغلاق للحد من جائحة كورونا.

ويظهر تقرير جهاز الإحصاء الفلسطيني للربع الثاني من العام الماضي، أن سوق العمل كان الأكثر تأثرا خلال جائحة كورونا، إذ انخفض عدد العاملين من 1,009,900 عامل في الربع الأول من العام إلى 888,700 عامل في الربع الثاني، أي تقلص بمقدار 121 ألف عامل، أو ما نسبته 12 بالمئة، قبل أن يعود للارتفاع بنسبة 5 بالمئة في الربع الثالث ليصبح 936 ألف عامل.

وتتوزع القوى العاملة في فلسطين على ثلاثة قطاعات رئيسية، كما يلي: 20.7 بالمئة في القطاع الحكومي، و66 بالمئة في القطاع الخاص، و13.2 بالمئة يعملون في "إسرائيل والمستعمرات"، بحسب آخر مسح لجهاز الإحصاء الفلسطيني في عام 2019.

وهذا الانخفاض في القوى العاملة، أضاف "جيشا" جديدا من العاطلين عن العمل إلى أرقام البطالة المرتفعة أصلا، لا سيما في صفوف خريجي الجامعات والشباب عموما.

8 آلاف فرصة عمل سنويا

ووفق تقديرات جهاز الإحصاء الفلسطيني، فإن عدد خريجي مؤسسات التعليم العالي الفلسطينية تجاوز الـ40 ألف خريج وخريجة سنويا، خلال السنوات من 2015 إلى 2018.

ويستوعب السوق المحلي معدل 8 آلاف فرصة عمل للأفراد (20-29 سنة)، أي أقل من ربع الخريجين الذين يتم توظيفهم، فهل العدد المتبقي من الخريجين يمكن استيعابه في القطاعين الحكومي والخاص؟

يرى رئيس دائرة تشريعات العمل في الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطيني محمد العاروري أن القطاع العام، أصبح مثخنا بأعداد الموظفين، بالتالي لا يمكن أن يستوعب أعدادا أخرى، لذلك يجب البحث عن بدائل أخرى.

اقرأ المزيد: محنة الإعلام.. الصحفيون تحت مقصلة المال

في المقابل، يوضح النقابي العاروري، أن القطاع الخاص يواجه مشاكل تحد من استيعابه للأعداد الكبيرة من الخريجين، فالاقتصاد الوطني هش ومرتبط بالاحتلال، الذي يسيطر على المعابر والموارد، بالإضافة إلى اجتياح الاستيطان للأراضي في المناطق المصنفة "ج" في الضفة الغربية، وبالتالي فالغالبية الساحقة من الاقتصاد الفلسطيني عبارة عن منشآت صغيرة وعائلية، وليست شركات كبيرة تستوعب مئات أو آلاف العاملين.

ويؤكد أن عشرات الآلاف من الخريجين يلتحقوا بصفوف البطالة سنويا، لأن سوق العمل المحلي لا يستوعبهم، بالإضافة الى أن التعليم لدينا في مجمله أكاديمي وليس مهني، وعليه يصطدم الخريجون بعدم توفر فرص عمل لهم.

أين الحل؟

وفي حديثه لموقع "زوايا، يرى العاروري أن المطلوب هو البحث عن سياسات سوق العمل، ووضع استراتيجية وطنية لتنمية الاقتصاد الوطني، ومكافحة الفقر والبطالة، وخلق فرص عمل، تحديدا في الزراعة لحماية الأرض وتشغيل الخريجين والعمال.

وقال: "تم إعداد الخطة الوطنية (2021-2024)، وأبدت عدد من الدول المانحة استعدادها لدعم هذه الخطة، والتي من ضمنها دعم التعاونيات الزراعية".

أما رئيس اتحاد جمعيات رجال الأعمال الفلسطينيين، أسامة عمرو، فيؤكد أن "القطاع الخاص لا يستطيع استيعاب عدد الخريجين السنوي من الجامعات في الوقت الحالي، حيث يوجد أكثر من 40 ألف خريج سنويا على الأقل، وحتى يتم استيعابهم على مدار سنوات يجب أن يكون لدينا نمو في الناتج الإجمالي المحلي بنسبة 7 بالمئة على الأقل على مدار 15 عاما".

ويضيف في حديثه لموقع "زوايا"، "على العكس يوجد لدينا نمو سلبي، عدا عن أن العاطلين عن العمل الذين تصل نسبتهم 30 بالمئة من نسبة القوى العاملة في الضفة وغزة، بالتالي نحتاج  لسنوات حتى يتم تشغيلهم"، مشيراً إلى أن ضعف الاقتصاد بشكل عام يمنع توفر فرص عمل للخريجين.

ويوضح أنه "حتى يزداد النمو أكثر من 7 بالمئة سنويا، يجب ضخ استثمارات تقدر بمعدل ملياري دولار إلى ثلاثة مليارات دولار سنويا في مشاريع رأسمالية، إضافة الى الرأسمال الموجود في الاقتصاد الفلسطيني".

ويرى عمرو أن السياسات الحكومية لا تخدم دعم الاستثمارات وزيادة النمو، والقوانين الاستثمارية لا تزال قاصرة عن تشجيع المستثمرين المحليين أو من الخارج من أجل ضخ الأموال في الأراضي الفلسطينية.

ويشير إلى أن الصين عملت على زيادة في النمو 10 بالمئة، وبعد 20 عاما لا يزال لديهم بطالة، بالتالي نحن بحاجة إلى سنوات طويلة من النمو حتى نستطيع تقليل إلى البطالة لتصبح ضئيلة.

وبالإضافة إلى كل ما سبق، يقول عمرو إن "بقاءنا تحت الاحتلال وتحت الشروط السيئة للاتفاقيات الموقعة معه، وعدم قدرتنا على السيطرة على الأراضي في المناطق المصنفة "ج" حسب تقسيمات اتفاقية أوسلو، فمن الصعب أن تجد مكانا تستثمر فيه".

التوجه للتعليم المهني

من جانبه، يؤكد الناطق باسم وزارة العمل، رامي مهداوي، أن مؤسسات القطاع الخاص تستطيع استيعاب النسبة العالية من الخريجين من خلال فتح مشاريع استثمارية جديدة، كما جاء في حديثه لموقع "زوايا".

ويشير إلى أنه من عدة تحديات التي تواجه الاستثمار وتشغيل الخريجين، أولا: الواقع السياسي الذي يفرض قيوده على تطور المشاريع الصغيرة ونموها، وثانيا: عزوف الشباب عن الذهاب الى التدريب المهني والتقني، على الرغم من أن سوق العمل الفلسطيني بحاجة إلى الآلاف من المهنيين والتقنيين في مختلف القطاعات.

وفي هذا الصدد، يقول مهداوي إن التدريب المهني هو جزء من سياسة الحكومة، والتي قررت إنشاء جامعة مهنية وتقنية، حيث بدأت عملية المأسسة واختيار رئيس جامعةـ وإنشاء هيئة التدريب المهني والتقني، للمساعدة في تخفيض نسب البطالة.

ويضيف مهداوي أن الحكومة اتخذت قرارات في القطاع العام لاستيعاب جزء من الخريجين الجدد، بتشجيعها التقاعد المبكر للموظفين الحكوميين.

ويختم بالقول: "عملت الحكومة على تشجيع الاستثمار من خلال السياسات التي تتبعها، وبعد المصادقة على الخطة القطاعية لقطاع العمل واستراتيجية التشغيل، تعمل وزارة العمل على عقد مؤتمر دولي من أجل توجيههم إلى المشاريع التشغيلية في فلسطين".

المصدر : خاص زوايا: إبراهيم محمد

مواضيع ذات صلة

atyaf logo