شدد القيادي الجزائري، د. محمد العماري، المكلف بالإعلام في جبهة التحرير الوطني الجزائرية، على أن تصالح حركتي فتح وحماس مهم وضروري لدحر الاحتلال.
وفي مقابلة خاصة بموقع "زوايـــا"، أكد القيادي الجزائري على أن الجبهة تحافظ على مسافة واحدة من كافة الأطراف الفلسطينية.
وشدد على أن الجبهة تحرص على دعوة جميع الفصائل الفلسطينية إلى وجوب التوحد ونبذ الخلافات وتعزيز اللحمة الفلسطينية، لأننا نعتبر بناء على تجربة الثورة الجزائرية المسلحة، أن مفتاح الانتصار هو تجميع الجهد الوطني على قاعدة واحدة.
وتطرق العماري في حواره مع "زوايا" إلى خطوة التطبيع المغربي مع الاحتلال الإسرائيلي، محذرا من خطورته على حدود الجزائر، وما يحمله من تداعيات على أمن واستقرار المنطقة، واعتبره "تهديدا لاستقلال بلاده".
وأوضح العماري، أن موقف الجبهة ثابت ومبدأي في رفض أي خطوة تطبيعية مع الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن الجبهة تقبل بمبادرة السلام العربية، كإطار للحل يقوم على إقامة دولة فلسطين المستقلة بعاصمتها القدس الشريف.
كما شدد العماري على أنه "من العار أن يحتفل المغرب بقرار من الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته بالاعتراف بسيادته على أراضي الصحراء الغربية، وأضاف "هذا القرار باطل ولا يستند للقانون الدولي، وينتهك الموقف الرسمي الأمريكي المعلن، ومن العار أن يرتبط هذا الاعتراف بالتطبيع مع ما يسمى إسرائيل".
وفيما يلي نص المقابلة كاملة:
ماذا يعني تصريح رئيس الوزراء الجزائري بعد تطبيع المغرب أن "الكيان الصهيوني على حدود الجزائر"، وماذا يترتب على ذلك؟
فعلا لقد صرح الوزير الأول عبد العزيز جراد أن الكيان الصهيوني بات على حدود الجزائر، بعد إعلان المملكة المغربية تطبيع علاقاتها مع العدو الصهيوني، هذا الأمر يتطلب أن ينتبه الجزائريون إلى المخاطر الحقيقية، التي باتت تهدد الأمن واستقلال السيادة في الجزائر، وأن يدرك كل جزائري ما الذي يعنيه وجود الاحتلال الإسرائيلي على حدود بلادهم، بعد إقامة علاقات كاملة مع المغرب تشمل النواحي الثقافية والتجارية والدبلوماسية والاقتصادية والتنسيق الأمني والاستخباراتي، وهذا يشكل خطرا كبيرا على الجزائر، التي لا تخفي بالأصل، اعتبار أن دولة الكيان عدوا، كما قال الرئيس الراحل هواري بو مدين أن استقلال الجزائر لن يكتمل إلا بتحرر فلسطين، وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشريف.
موقف جبهة التحرير متقدم، ويراه البعض صدامي بخصوص التطبيع.. كيف أسس هذا الموقف؟
نحن في حزب جبهة التحرير الوطني لدينا موقف ثابت ومبدأي نعلنه ولا نخفيه هو أننا مع نضال ومقاومة الشعب الفلسطيني من أجل تحريره أرضه وإقامة دولته، ونقبل ضمن المنظومة العربية بمبادرة السلام العربية للملك عبد الله رحمه الله، التي تقضي تطبيع العلاقات العربية مع الكيان الاسرائيلي مقابل انسحاب من الحدود والأراضي التي احتلها عام 1967.
وحزب جبهة التحرير الوطني موقفه مشرف ومتقدم وقوي ويشرف أبناء الحزب وقيادته وكل الجزائريين، ونحن نحتمي بموقف الدولة الجزائرية من القضية الفلسطينية، ولا نشعر بأي اعتبار أن فلسطين دولة أخرى، ونعتبر أننا فلسطينيون، ومنذ ثورة التحرير وبداية الدولة الجزائرية وشعبها موقفهم موحد مع فلسطين ظالمة أو مظلومة، وآخر هذه المواقف ما قاله الرئيس الحالي عبد المجيد تبون أن الجزائر ترفض مسار التطبيع ولا تباركه، والتشديد على أن فلسطين هي قضية مقدسة لدى الجزائريين.
لماذا لم تحاول الجزائر، التي تحظى باحترام كافة الأطراف الفلسطينية، رعاية جهود المصالحة، لإنهاء فصل أسود من الانقسام على القضية الفلسطينية؟
في كل بيانات الحزب نحرص على دعوة جميع الفصائل الفلسطينية إلى وجوب التوحد، ونبذ الخلافات، ولم الشمل، وتعزيز اللحمة الفلسطينية، لأننا نعتبر بناء على تجربة الثورة الجزائرية المسلحة أن مفتاح الانتصار هو تجميع الجهد الوطني على قاعدة واحدة، والاتجاه نحو هدف مشترك لتحرير الأرض، ولا يمكن للفصائل أن تنجح في الضغط على "إسرائيل" طالما هي مفككة ومشتتة يضرب بعضها بعضا.
لذلك واجب على الإخوة الفلسطينيين بمختلف تياراتهم، أن يوحدوا شملهم، وعليهم تأجيل الخصومات إلى ما بعد إقامة الدولة الفلسطينية والتنافس داخل المؤسسات، إنما الآن الأرض محتلة ولذلك يجب أن يكون الهدف الأكبر والأوحد تحرير الأرض، ونحن سنكون سعداء بأي خطوات في هذا المسار التصالحي الوطني، وندعمه ونباركه.
هل تحافظون في جبهة التحرير على علاقة متوازنة مع حركتي حماس وفتح، أم تعتبرون حركة فتح أقرب لكم؟
في الجزائر عموما، وخاصة حزب التحرير الوطني، نحن نقف على مسافة واحدة من جميع الفصائل، ولا نميز بين طرف وآخر، ونراهم شركاء في القضية الفلسطينية ولا بد أن يراعوا المشكلات والواقع بوصفهم إخوة، ونحاول أن نلم الشمل وقول كلمة الخير والتآخي، ولكن بناء على تجربة الثورة الجزائرية المسلحة نعتبر أن أقرب الحلول للقضية الفلسطينية التمسك بخيار المقاومة ونقصد بالمقاومة بمختلف أصنافها: المقاومة على الأرض، والسياسية والإنسانية، والبرلمانية، حيث يجب توظيف كافة أشكال المقاومة في الضغط على العدو والدول الكبرى، من أجل انصاف الشعب الفلسطيني.
ما رأيكم بالمقايضة التي جرت بين التطبيع مع تل أبيب بالاعتراف الأمريكي بسيطرة المغرب على الصحراء الغربية؟
من العار على إخواننا في المغرب أن يحتفلوا بما يسمونه إنصافا من الرئيس المنتهية ولايته ترامب بقرار الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية، هذا قرار باطل لا يستند للقانون الدولي، وينتهك الموقف الرسمي الأمريكي المعلن، ومن العار أن يرتبط ذلك بالتطبيع مع ما يسمى "إسرائيل"، هذه إهانة. ونحن نتابع انتفاضة الشعب المغربي الحر ضد التطبيع، ورفض الاحتفاء بإقامة العلاقات مع "إسرائيل".
أما فيما يتعلق مع الصحراء الغربية إن من لا يملك أعطى لمن لا يستحق، ما لا يملكه ترامب ولا القانون الدولي ولا تملكه السلطة على أرض الواقع، حتى لو اجتمعت الدنيا كلها ضد الشعب الصحراوي سيبقى يقاوم، ونحن في ثورتنا الجزائرية واجهنا كل القوى الكبرى التي تحالفت مع الاستعمار، وفي النهاية انتصر الشعب الجزائري.
ما التحديات التي يفرضها التطبيع الإسرائيلي المغاربي على أمن الجزائر.. وفرص التقارب مع المغرب؟
العلاقات بين المملكة المغربية و"إسرائيل" تشكل خطرا حقيقيا على الجزائر. ونحن لا نتدخل بقرارات وخيارات دولة وحكومة المغرب، لكن هذا يشكل خطرا حقيقيا على أمن وسيادة واستقرار الجزائر، والتطبيع مع الكيان الغاصب يشكل إضعافا لأي جهود تقارب وتجاوز الخلافات بين الجزائر والمغرب ولكل دول المنطقة.
المغرب لا يريد أن يفهم أن مسألة الصحراء الغربية هي قضية تصفية استعمار، وهي قضية عالجتها الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، وأن خلاف المغرب مع جبهة البوليساريو، وليس مع الجزائر، التي ترى أن الحل هو التمسك بالشرعية الدولية وإقامة استفتاء لتقرير مصير الشعب الصحراوي، وعندما يختار الصحراويون أن يكونوا مغاربة نحن أول من يبارك، ولو اختاروا أن يكون لهم دولتهم المستقلة نحن أول من يبارك أيضا.. نحن لسنا طرفا في الصراع بين المغرب وجبهة البوليساريو، هنا قضية احتلال أرض وشعب يكافح من أجل تقرير المصير، ونحن في الجزائر تاريخنا النضالي مشرف جدا في التضامن مع الشعوب، التي تكافح من أجل تقرير مصيرها، وندعمها في المغرب وكمبوديا وإندونيسيا، لأننا عانينا من الاستعمار الفرنسي، ونعرف جيدا ما الذي يحتاجه المقاوم والمناضل السياسي لتحرير أرضه.