ثمان كنائس وأديرة بلا صلوات منذ حرب 1967 (صور)

كنائس
كنائس

على بعد عشرات الأمتار من مكان تعميد السيد المسيح عليه السلام، صمتت أجراس الكنائس وأغلقت الأديرة أبوابها، مرغمة بفعل الألغام والعبوات الناسفة التي وضعها الاحتلال فيها قبل 53 عاماً.

في عام 1967 سيطر جيش الاحتلال على مناطق واسعة من الأغوار الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها منطقة المغطس، التي تعتبر إحدى أكثر الأماكن قدسية لدى المسيحيين في العالم، وقام بعزلها عن محيطها الفلسطيني والأردني كونها تقع قرب الحدود الأردنية، من خلال زرع ألغام فيها وفي الكنائس والأديرة الموجودة هناك.

وتظهر الجداريات بداخل الكنائس والأديرة، وجدرانها ونوافذها حجم الأضرار والثقوب فيها، الناتجة عن الرصاص والقذائف، التي أطلقها الاحتلال نحوها دون مراعاة لقدسيتها، أو حتى مراعاة مكانتها لدى مسيحيي ودول العالم، كون بعضها يتبع الكنيسة الإثيوبية والروسية والرومانية وغيرها.

يقول مدير المركز الفلسطيني لمكافحة الألغام التابع لوزارة الداخلية الفلسطينية، العميد أسامة أبو حنانة، إن المركز بالتعاون مع منظمة “هالو ترتس” الدولية بدأوا قبل عامين بإزالة الألغام والمتفجرات من ثماني كنائس وأديرة ومحيطها بمساحة 155 دونما، في منطقة المغطس.

ويوضح أبو حنانة، في حديثه لموقع "زوايا"، أن العملية استمرت مدة تسعة أشهر، وتمت إزالة 370 لغما مضادا للدبابات والأفراد موزعة في محيط الكنائس، بالإضافة إلى شراك حربية "قنابل موصولة بأسلاك تنفجر عند تحريكها"، كانت داخل الكنائس والأديرة.

ويضيف أن الكنائس كانت من الداخل متعرضة لأضرار جسيمة بسبب الرصاص والقذائف منذ حرب 1967.

ويشير إلى أن المنظمة حصلت على خرائط للألغام من الاحتلال، وعملت على إزالتها بالطريقتين اليدوية والميكانيكية، حيث واجهت صعوبة في إزالة الألغام، التي دفنت في الأرض لمسافة تزيد عن نصف متر بفعل عوامل الطبيعة، لذلك تم استخدام جرافات وكسارات مضادة للانفجارات لاقتلاع الألغام.

وإزالة الألغام تمت بالتنسيق مع مجلس الكنائس الأعلى، واللجنة الرئاسية العليا لشؤون الكنائس ووزارة السياحة أيضا، لإعادة تأهيلها مجددا، وفتح أبوابها أمام الزوار والسياح الأجانب، وفق ما أكد العميد أبو حنانة.

كما تم اللقاء بمسؤولي الطوائف المسيحية والكنائس، وتم إخبارهم أن الكنائس بحاجة لإعادة تأهيل مجددا من قبلهم.

إلى جانب ذلك، شرع المركز الفلسطيني لمكافحة الألغام بالتعاون مع “هالو ترست” بربط منطقة الكنائس والأديرة بمنطقة نهر الأردن، من خلال مشروع آخر لإزالة الألغام في تلك المنطقة.

وتعد منطقة المغطس إحدى أهم الأمكان المقدسة للمسيحيين حول العالم، ففيها تم تعميد السيد المسيح على يد يوحنا المعمدان، حينما كان عمره 30 عاما، مع العلم أن المسيح ولد في 4 سنة قبل الميلاد، حيث كان ينشر الديانة المسيحية وكان بجانبه 12 تلميذا يساعدونه في ذلك، وفق الدكتور حنا عيسى، الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات.

ويقول د. حنا عيسى إن يوحنا المعمدان طبيب وكان تلميذا للمسيح، وهو من مدينة عين كارم في القدس، وهو التلميذ الوحيد الذي لم يأكل الخبز قط، وهذه الرواية التي جاءتنا بها من داخل المغطس، وهي سر من أسرار المسيحية، حيث لا يصبح الشخص مسيحيا إلا عندما يتم تعميده.

ويضيف، أن المسيحيين حول العالم أخذوا منطقة المغطس كعلامة مميزة في تاريخ المسيحية وانطلاقتها نحو العالم ككل، ولهذا السبب هذا مكان مقدس لنا، وتبنى فيه الكنائس والأديرة تيمنا بالسيد المسيح، كما يأتي إليها السياح الأجانب من كل دول العالم سنوياً، إذ يفوق عددهم المليون سائح سنويا.

ويوضح أن وضع الاحتلال ألغاما كثيفة فيها، حال دون وصول السياح إليها بعد حرب عام 1967، لكن بعد مفاوضات استمرت لعشرات السنين بين بطريركية الروم الأرثوذكس وسلطات الاحتلال وتدخل السلطة الفلسطينية تم إزالة هذه الألغام ، وإعادة العمل بهيكلة الكنائس، وترميمها مجددا، ومن ثم بدأ الاندفاع السياحي إلى هذه المنطقة، لكنه توقف مؤخرا نتيجة جائحة كورونا.

وللاحتلال تاريخ طويل في الاعتداء على المقدسات الإسلامية والمسيحية، وتقييد حرية العبادة بمزاعم الأمن، وأخرى لأسباب عنصرية ينفذها المستوطنون في جميع أراضي فلسطين المحتلة.

كما للمواطنين المسيحيين تاريخ طويل في النضال ضد الاحتلال ومساندة المقاومين، إذ يقول د.حنا عيسى "نحن كمسيحيين لا نميز بالنضال بين مسيحي ومسلم، لأننا قضية واحدة وظرف واحد وثقافة واحدة وانتماء واحد، ومن هذا المنطلق ننطلق في نضالاتنا اليومية".

وكان أبرز داعمي المقاومة المطران كابوتشي مطران كنيسة الروم الكاثوليك في القدس عام 1965، الذي عُرف بمواقفه الوطنية المعارضة للاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، وعمل سراً على دعم المقاومة.

وقد اعتقلته سلطات الاحتلال في آب/أغسطس 1974، أثناء محاولته تهريب أسلحة للمقاومة من الأردن إلى الضفة الغربية المحتلة، وحكمت عليه محكمة عسكرية بالسجن 12 عاماً، وأفرج عنه بعد 4 سنوات بوساطة من الفاتيكان، وأبعد عن فلسطين في تشرين الثاني/نوفمبر 1978، وقد أمضى حياته بعد ذلك في المنفى في روما حتى وفاته.

 

المصدر : خاص زوايا: إبراهيم محمد

مواضيع ذات صلة

atyaf logo