المسرح الماكر.. تصاعد الجريمة بين فلسطينيي الـ48 برعاية الاحتلال

احتجاجات على ارتفاع الجريمة في فلسطين المحتلة
احتجاجات على ارتفاع الجريمة في فلسطين المحتلة

جاء مقتل القيادي في الحركة الإسلامية، محمد أبو نجم، في مدينة يافا، ظهر الأحد، حلقة مروعة ضمن مسلسل "الجريمة والعنف"، الذي يعصف بالمجتمع الفلسطيني في الداخل المحتل عام 1948.
جريمة مقتل أبو نجم، والتي نُسبت إلى مجهولين، أقضت مضجع سكان مدينة يافا، ورفعت حصيلة قتلى الجرائم في الداخل المحتل إلى ستة ضحايا في أقل من شهر.
وبحسب موقع "عرب48" فإن ضحايا الجريمة في البلدات العربية منذ مطلع عام 2021، هم: مأمون رباح (21 عاما) من جديدة المكر، فواز دعاس (56 عاما) من الطيرة، سليمان نزيه مصاروة (25 عاما) من كفر قرع، صائب أبو حماد (21 عاما) من الدريجات بالنقب، محمّد إغباريّة من أم الفحم (21 عامًا)، محمد أبو نجم (40 عاما) من يافا.
وبعد مقتل نجم بساعات، خرجت جماهير فلسطينية في مظاهرات غاضبة بمدينة أم الفحم، عقب تشييع جثمان الشاب محمد إغبارية، منددة بتفلت السلاح بيد "عصابات الإجرام"، في ظل صمت مريب من شرطة الاحتلال وأجهزته الأمنية، إزاء هذه الجرائم المتصاعدة.



معدلات مرعبة

تشير الأرقام إلى تفاقم ظاهرة الجريمة، في أوساط المجتمع الفلسطيني في الداخل المحتل، فخلال شهر كانون أول/ديسمبر 2020 وحده قتل 15 شخصا، بمعدل ضحية واحدة كل يومين.
وهذا التصاعد المخيف بالأرقام، استدعى المجتمع الأهلي لدق ناقوس الخطر والخروج بتظاهرات عارمة وإغلاق شوارع حيوية، لإجبار سلطات الاحتلال، على اتخاذ تدابير تحد من الجريمة، في حين تبدو القضية "مستعصية" على الحل الجذري، وفق حديث خبراء لموقع "زوايا".
وتظهر الأرقام أن عدد ضحايا جرائم القتل في صفوف فلسطينيي الداخل المحتل، بلغ خلال العام الماضي 99 ضحية بينهم 16 امرأة، وهذه الأرقام لا تشمل ضحايا جرائم القتل في مدينة القدس وهضبة الجولان المحتلتين.
وبالرجوع الى السنوات الماضية يتبين حجم تصاعد الجريمة، ففي العام 2015، وقعت 58 جريمة قتل بين الفلسطينيين في الداخل المحتل، الذين يبلغ تعدادهم 1,7 مليون نسمة.
وفي العام 2017، ارتفع العدد إلى 72 جريمة قتل، ثم إلى 81 في العام 2018، وبلغ ذروته في العام 2019 بعدد 92 جريمة قتل، حتى وصل إلى نحو 100 قتيل خلال عام 2020.

مسببات بارزة

ويرجع الفشل في السيطرة على الجريمة وتصاعد معدلاتها إلى عدة أسباب، أبرزها: تنصل مؤسسة الاحتلال الرسمية عن أداء مهامها في كبح جماح العصابة المنظمة داخل المجتمع الفلسطيني، وغض الطرف عن الانتشار الهائل للسلاح غير القانوني، الذي يشكل وقود الجريمة.
من جانبه، يقول الكاتب والباحث في الشؤون الاسرائيلية، انطوان شلحت، في حديث لموقع "زوايا"، إن "السلطات الإسرائيلية تدفع نحو تفشي العنف داخل المجتمع العربي، من خلال إهمال مسألة وجود سلاح غير قانوني، طالما أن هذا السلاح لا يوجه ضد أمن الدولة، بل يفاقم العنف".
وحسب دراسة لموقع ميكوميت العبري، فإن 400 ألف قطعة سلاح منتشرة بين أيدي العصابات والأفراد داخل المجتمع الفلسطيني في الداخل المحتل.
ويقول شلحت إن الجريمة، وإن بدت خلفياتها اجتماعية ظاهريا، لكن الحقيقة هي أن هناك عصابات جريمة منظمة تديرها، معربا عن اعتقاده أن المؤشرات تدل على أن الجريمة المنظمة حوربت في المجتمع اليهودي، لذلك انتقل نشاطها وعملها إلى داخل المجتمع العربي.
وخلصت دراسة أعدتها جامعة حيفا من قبل المركز العربي اليهودي إلى أن مسببات الجريمة عديدة وظهورها بهذه الحدة هو نتيجة "عملية تراكمية".
وأول هذه المسببات، وفق الدراسة، هو معدلات الفقر، حيث إن ما يقارب 40 بالمئة من الشباب العربي ما بين 18 عاما حتى 24 عاما يعانون الفراغ، فلا يعملون ولا يدرسون، وهو ما جعل هذه الفئة عرضة لدخول عالم الجريمة.
وتلفت الدراسة إلى أن السبب الآخر يتمثل في "انعدام الرادع المؤسساتي"، الذي يمنع العنف والجريمة. وقالت: "تتعامل الشرطة الإسرائيلية مع المجتمع العربي كتهديد أمني وليس كمواطنين يحق لهم تلقي خدمات مدنية متساوية، لذلك اقتصر عملها برصد ما يحدث فـي البلدات العربية، ومعالجة بعض الحوادث، ولكنها لم تقم بعمل جدي للجم العنف وإرساء الأمن".
وحسب الدراسات فإنه وخلال العامين 2014 - 2015، كانت نسبة ضحايا محاولات القتل لكل 100 ألف إنسان في "الوسط غير اليهودي" أكثر من ثلاثة أضعاف نسبتهم بين اليهود. وفي العام 2016، ازداد هذا الفارق إلى نحو أربعة أضعاف.

استغلال سياسي

ولم تنحصر قضية العنف في نطاق مشكلة فلتان عصابات منظمة من الشرطة الإسرائيلية، إنما انتقلت لتكون أداة يستغلها السياسيون الإسرائيليون في مواجهة توحد المجتمع العربي داخل الكنيست (البرلمان الإسرائيلي).
يقول الباحث شلحت إن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو "يستغل مسألة العنف والإجرام، كأداة من أجل تثبيت حكمه. فكل الاعتبارات تخضع لمصالحه الشخصية، وكذلك الأجندة السياسية الداخلية والخارجية"، مضيفا أن "أجندة نتنياهو هي محاولة الهروب من المحاكمة وإلغائها لو أمكن له ذلك".
وأوضح أن نتنياهو لا يتورع عن استغلال أي شيء من أجل هذه الاجندة، لذا استغل مسألة الجريمة كأداة استمالة لعدد من أعضاء الكنيست العرب إلى جانبه، بحجة أنه سيقدم المساعدة المطلوبة لمكافحة الجريمة.
وهدف نتنياهو أيضا إلى "إحداث شق داخل القائمة المشتركة، والتي شكل وجودها نقطة مفصلية، يمكن أن يبنى عليه في معارك الفلسطينيين في الداخل"، وفق قول الباحث شلحت.

المصدر : زوايا - فارس كعابنة

مواضيع ذات صلة

atyaf logo