ورقة سياسية تحذر: الاعتماد المفرط على سوق العمل الإسرائيلي يعزز التبعية للاحتلال

عمال فلسطينيين يتوجهون الي  الداخل المحتل
عمال فلسطينيين يتوجهون الي الداخل المحتل

كشفت ورقة سياسية أن تدفق المزيد من العمالة الفلسطينية إلى السوق الإسرائيلي لها نتائج سلبية على الاقتصاد الفلسطيني المحلي، وأن الاعتماد المفرط عـلى سـوق العمـل الإسرائيلي، هـو سـمة مـن سمات التبعيـة الاستعمارية للاقتصاد الإسرائيلي.

وأكدت الورقة التي أعدها معهد أبحاث السياسيات الاقتصادية الفلسطيني "ماس" وحملت عنوان "مستقبل العمالة الفلسطينية في سوق العمل الإسرائيلي" أن أبرز متطلبات التأسيس لاقتصاد فلسـطيني مسـتقل تكمـن في التخلـص مـن مسـار التبعيـة الاقتصادية الـذي فرضتـه "إسرائيل".

وطالبت الورقة التي أعدها الباحثان "وليد حباس" من مركز مدار للدراسات الإسرائيلية، و"عصمت قزمار" من معهد "ماس" بممارسة كافـة الضغـوط الممكنة عـلى إسرائيل لإجبارها على الالتزام بالترتيبات الـواردة في المادة الرابعـة مـن بروتوكـول باريـس الاقتصادي، باعتبـاره الإطار الناظم للعلاقات الاقتصادية بين الجانبين، والاستمرار بمطالبـة إسرائيل بتحويـل المستحقات المتراكمة لخزينـة السـلطة مـن اسـتقطاعات ضريبة الدخـل عـن العمال في إسرائيل، والتـي تمتنع عـن تحويلهـا خلال السـنوات الماضية، وإعـادة الاعتبار لهـذه المستحقات كجـزء أساسي مـن أمـوال المقاصة كما ينـص بروتوكـول باريـس.

اقرأ أيضاً: مؤرخٌ يدعو لتفعيل حق الفلسطينيين في نيل الجنسية والمواطنة

واعتبر الباحثان أن الارتفاع المضطرد الذي شهد العقد الماضي في عدد العمال الفلسطينيين في إسرائيل يمهد الطريق لإعادة العمل بسوق العمل الموحدة من خلال آليات مختلفة، أكثر صرامة، وهو ليس منعزلاً عن سياق أوسع من الإجراءات الإسرائيلية السياسية والعملية التي تهدف إلى تعميق وإدامة حالة التبعية الاقتصادية الفلسطينية، وضم الضفة الغربية.

وأضافا أن الأمر يأتي في سياق المساعي العلنية لفرض أطروحات السلام الاقتصادي، وهو ما يمثل أصلا أحد الثوابت الأساسية في السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين تحت الاحتلال، واستعرضا في هذا السياق الأرقام الصادمة حول ارتفاع عدد العمال الفلسطينيين في سوق العمل الإسرائيلية ومساهمتهم المتزايدة في توليد الدخل القومي، بموازاة تعاظم دور الإدارات الاحتلالية في التحكم بالقوة العاملة الفلسطينية، وتداعيات ذلك على مسار التنمية الفلسطينية وجهود بناء اقتصاد وطني منفك عن التبعية الاستعمارية".

وبينا أن العامل الأساسي والحاسم في تحديد حجم العمالة في إسرائيل هو سياسات السيطرة والاستغلال الاستعمارية الإسرائيلية، وليس قوى السوق الحرة.

وتطرقت الورقة إلى القرار الحكومي الذي أصدرته حكومة بنيامين نتنياهو السابقة عام 2016، بزيادة حجم توظيـف العمال الفلسطينيين في إسـرائيل مـن منطقـة الضفة، وتحسـين طريقـة إصـدار تصاريـح العمـل وضمـان ظروف عمل عادلة للعمال الفلسطينيين".

وأكدت أن هذا القـرار يؤسس لمرحلة تحاول إسرائيل مـن خلالها انتهاج سياسة جديـدة فيما يخص العمال الفلسطينيين، عبر زيـادة حجـم العمـال الفلسـطينيين بتخصيـص كوتـا للعمـال القادميـن مـن غـزة، وتغييـر طريقـة إصـدار التصاريـح والتـي يلعـب السماسـرة فيهـا دوراً ملموسـاً فـي اسـتغلال العمــال، واقتطــاع جــزء مــن أجورهــم، وتغيير ظـروف العمـل مـن خـلال تطويـر نظـام دفـع أجـور العمـال بحيـث يتـم تدريجيـا اسـتبدال آليـات الدفـع النقـدي بآليـات دفـع بنكيـة عـن طريـق حـوالات مـا بيـن البنـوك الإسـرائيلية والفلسـطينية.

وفي هذا السياق طالبت ورقة "ماس" بتحويـل المستحقات المتراكمة مـن ضريبة المعادلة والتـي تمتنع إسرائيل عـن تحويلهـا منـذ سـنوات، ودراسة إمكانية تخصيـص أي اسـتقطاعات يتـم تحصيلهـا مـن إسرائيل للقيـام بمشاريع استثمارية مـن شـأنها توفير فـرص عمل جديدة.

كما دعت إلى العمـل عـلى تحريـر العامـل الفلسـطيني مـن حالـة الارتهان للمشـغل الإسرائيلي ولسماسرة التصاريـح التـي يخلقهـا نظـام التصاريـح الحالي مـن خـال ربـط العامل بمشغل واحـد، والإسراع في إنشــاء مؤسســة ضمان اجتماعي فلســطينية والتحضير لآلية واضحــة وشــفافة لتحويــل مســتحقات العمال مـن مؤسسـة الضمان الاجتماعي الإسرائيلية.

وحث الباحثان من خلال الورقة على إعـداد خطـة واضحـة للعمـل على سحب العمالة الفلسطينية في المستوطنات، أو عـلى الأقل الحـد مـن توسـعها خلال السـنوات القادمـة وأن تتخـذ خطـوات اسـتباقية مسـتعجلة في هـذا المجال بالتركيز عـلى الأطفال والنساء، ســواء باســتيعابهن ضمــن مشــاريع قائمة، أو تنظيمهــن في تعاونيــات زراعيــة وتقديــم الدعــم اللازم لهــن.

وشهد العقد الماضي ارتفاعاً مضطرداً في عدد العمال الفلسطينيين في إسرائيل ونسبتهم من إجمالي العاملين، ووفقا لإحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، وصل عدد العمال في إسرائيل إلى 173,400 في الربع الأول من 2022، بالإضافة إلى 31,000 يعملون في المستوطنات الإسرائيلية.

المصدر : متابعة-زوايا
atyaf logo