دعت لكشف المستور

مؤرخة إسرائيلية: مجزرة "كفر قاسم" مشهد مكرر لجرائم النازيين والأمريكيين

كفر قاسم
كفر قاسم

دعت صحيفة "هآرتس" العبرية "إسرائيل" لتطهير ذاتها بإخراج الوثائق التاريخية إلى النور والتعامل معها بشجاعة، معتبرة ذلك مساهمة في تقليص الفجوة بين الفلسطينيين والإسرائيليين في طريقهم لتسوية ممكنة للصراع.

وقالت "هآرتس" إن إسرائيل تعترف اليوم بأنها قامت بالتستّر على مستندات تاريخية بشكل غير قانوني، وأنها تعاين الموضوع مجدداً نحو وقف التستّر والكشف عنها.

ومن جملة هذه المستندات التي يتم التستّر عليها وثائق تتعلق بالمفاعل النووي الإسرائيلي في ديمونا، وأخرى خاصة ما يرتبط بالجرائم التي ارتكبت خلال النكبة الفلسطينية عام 1948 يحتوي بعضها شهادات جنرالات إسرائيليين على ارتكاب مذابح اقترفت بحق الفلسطينيين وتدمير قرى فلسطينية، وطرد الفلسطينيين البدو من النقب، كجزء من عمليات منهجية لطمس وثائق خاصة بالنكبة والصهيونية.

وتوضح "عيديت زرطال" المؤرخة والباحثة الإسرائيلية في هذا السياق أن "إسرائيل" عالقة في مأزق من الكذب على ذاتها، وأن جهات إسرائيلية تعتقد أن إسرائيل ارتكبت بحق الفلسطينيين ما يشبه ارتكاب النازيين بحق اليهود قبل النكبة بسنوات.

وفي مقال مطوّل نشرته "هآرتس"، قالت "زرطال" إنه في مسألة التشابه أو الاختلاف بين أحداث النازيين وبين جرائم ارتكبها يهود بحق الفلسطينيين وفقًا لما قاله "شالوم عوفر" ضابط إسرائيلي أحد المتهمين الرئيسيين في قضية مجزرة كفر قاسم، حيث ضبطته المحكمة مذنباً بقتل 41 مواطنا عربيا: "نحن نفذنا الأمر مثلما نفذ الجندي الألماني الأمر أثناء الحرب عندما أمروه بذبح اليهود".

اقرأ أيضاً: ترجمة خاصة هكذا تم ازالة الخط الأخضر

وتابع:" لقد كنا مثل الألمان، فهم أوقفوا الشاحنات وأنزلوا اليهود وأطلقوا النار عليهم، ونحن كذلك لا يوجد فرق، وبحسب المؤرخة الإسرائيلية فإن عوفر لم يظهر الندم، لا في المحكمة ولا في أي مناسبة أخرى، بل قال: "كان هناك أمر، ولم يكن أي مجال لتفكير آخر"، كما استذكرت قول جندي إسرائيلي يدعى مخلوف هارش شارك في مذبحة كفر قاسم: "أنا جندي أُنفذ الأوامر، ولو أن أي واحد منا رفض الأمر لقتلوه".

وتابعت:" الجنود الأمريكيون، الذين قَتَلوا في آذار 1968 في قرية ميلاي في فيتنام مدنيين، معظمهم من الشيوخ والنساء والأولاد، (الشباب غابوا عن القرية بسبب العمل)، ذكروا هم أيضا "أفعال النازيين" في حديثهم عما فعلوه، ووصفوا بعد ذلك وادي القتل وأكوام الجثث التي تركوها خلفهم، بمصطلحات وأوصاف تم أخذها من أحداث الحرب العالمية الثانية".

وذكرت "زرطال" بقول أحد المسؤولين الأمريكيين في التلفاز الرسمي الأمريكي أنه بعد محاكمات "نورنبيرغ" وهي عبارة عن (سلسلة من المحاكم العسكرية التي عقدتها قوات الحلفاء بعد الحرب العالمية الثانية) لم يعد بالإمكان استخدام ادّعاء الامتثال للأمر كدفاع عن أعمالك.

وأوضحت "الباحثة الإسرائيلية" في مقالها أنه في نظرة عليا على المنظور التاريخي الأكبر، وعلى الأيديولوجيا المنظمة للأحداث وعلى خلفيتها وسياقها السياسي، وبشكل خاص على حجم القتل، فإنه التشابه كبير بين ما قام به الألمان ضد اليهود والأمريكان ضد الفيتناميين ونحن ضد الفلسطينيين في كفر قاسم، لأنه في هامش الأحداث عملوا ليس كشياطين أو وحوش، ولا كمجانين بالضرورة، بل كأشخاص عقلانيين وعاديين، وكان مثل هؤلاء الضحايا والقتلة أيضاً. ومثلما قال بريمو ليفي: "جميعهم إنسانيون بدرجة مخيفة".

وكشفت "زرطال" أنه في الأحداث الثلاثة نفذت الأغلبية الساحقة من الجنود مهمة القتل كما هو مطلوب، ولكن كان هناك أيضاً من لم يفعل ذلك.

ورأت أن عمليات القتل تتم بمساعدة تلقين منهجي للقتلة، فرض رعب، تحريض وشيطنة للضحية الموعودة، وفي موازاة ذلك تتم تنقية المهمة من أي اعتبار إنساني وأخلاقي، فبنو البشر هم مخلوقات غير متوقعة وغريبة، وغسل الأدمغة وعملية إزالة المشاعر الأخلاقية التي يمرون بها ليست دائما تفعل فعلها، على الأقل ليس على الجميع.

اقرأ أيضاً: دون حلول منصفة.. معامل بلوك بغزة عمرها 25 عاماً مهددة بالإغلاق!

وتابعت:" هناك وجه شبه كبير بين الأحداث الثلاثة التي تمت مناقشتها، ولكن كان من بين الجنود والقادة أشخاص رفضوا بتصميم تنفيذ الأوامر وقتل المدنيين العاجزين من مسافة صفر، مهما كانوا. هم يضيئون مثل النجوم في السماء ويعيدون لنا ولو قليلا الثقة بالعالم وبمن يمشون على أرجل.

وتستذكر:" في الحرب العالمية الثانية، تملص نحو 10 – 20% من الجنود الألمان من تنفيذ المهمة، وتظاهروا بالمرض أو طلبوا بشكل صريح إعفاءهم من وظائف "عملياتية"، وتمت الموافقة على طلباتهم دون عقاب.

الأمر نفسه تكرر عندما منع قائد كتيبة حرس الحدود، التي عملت في المثلث، النقيب "شموئيل ملنكي"، جنوده من إطلاق النار، بل عدم إطلاق أي رصاصة، دون مصادقة منه، وأمر بمساعدة القرويين الذين تأخروا على الوصول بسلام إلى القرية. "سندخلهم إلى البيوت دون التعرض لهم"، قال للجنود.

كان جميع القتلى في كفر قاسم ضحية للفصيل الثاني، الذي تهرب قائده من اتخاذ موقف، وتحمل نائبه "غبرئيل دهان" ونائبه "شالوم عوفر" المسؤولية عن تنفيذ الأمر كما هو وفعلوا ذلك بحرص. كان هناك رافضون آخرون في تلك الليلة، كل واحد بطريقته، ووجدوا طريقة هادئة للالتفاف على الأمر وتخفيفه، ولو فقط من أجل عدم المس بالقرويين الأبرياء.

وفي ختام مقالها طالبت الباحثة الإسرائيلية إسرائيل للكفّ عن سياسة التسّتر على جرائمها في الماضي، خاصة تلك التي ارتكبها الاحتلال منذ 1948، وإيداعها داخل صناديق خاصة بعيدا عن عيون الباحثين.

المصدر : متابعة-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo