الغزيون والكهرباء.. موجة الصيف وأزمة الغلاء

شركة توزيع كهراء غزة
شركة توزيع كهراء غزة

كل التوقعات تصب في اتجاه ارتفاع تسعيرة الكهرباء في الضفة الغربية وقطاع غزة، وذلك نظراً لارتفاع تعرفة الكهرباء لدى الاحتلال الإسرائيلي بنسبة 15%، بسبب الارتفاع العالمي على أسعار الفحم والغاز والنفط.

ومما يعزز هذه التوقعات، ما صرح به رئيس سلطة الطاقة في الضفة الغربية ظافر ملحم قائلاً "في حال ثبت الارتفاع الجديد فسيتم مراجعة التعرفة بناءً عليه، وتقديم توصية للحكومة بخيارات وبنسب مختلفة كي تتخذ الحكومة قرارها قبل الأول من آب/ أغسطس".

أزمات مركبة

كل الأنباء سالفة الذكر، كان لها وقع كبير على سكان قطاع غزة، في ظل ما يعانوه من أزمات مركبة، ومنها أزمة انقطاع كبيرة للتيار الكهربائي، منذ أن دمرت طائرات الاحتلال الإسرائيلي في 28 يونيو/ حزيران عام 2006 محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع.

فضلاً عن شكوى المواطنين التي انصبت على الحلول المؤقتة التي ترهق جيوبهم مثل الطاقة الشمسية البديلة، وكذلك معاناتهم من ارتفاع أسعار الكهرباء المحدودة التي تغذي منازلهم بواسطة "المولدات الكهربائية" التجارية، ومحاولات الاستغلال المتكرر من أصحاب هذه المولدات التجارية للمواطنين دون حسيب أو رقيب، حيث رصدت "زوايا" جزءاً من هذه الشكاوى، والتي طفت على مواقع التواصل الاجتماعي.

1.jpeg

 

2.jpeg

 

3.jpeg

5.jpeg

4.jpeg


6.jpeg

7.jpeg

8.jpeg

 

9.jpeg


ويتضح أن التذمر الأوسع هو من غلاء أسعار كهرباء المولدات التجارية وفرض الحد الأدنى من أصحابها على المواطنين، علماً أن سبق لحكومة غزة أن حددت سعر الكيلو 3.3 شيكل وحد أدنى 40 شيكل، غير أن الكثير من أصحاب هذه المولدات أخلوا بالاتفاق ورفعوا سعر الكيلو إلى 4شيكل أو يزيد وعادوا لفرض الحد الأدنى 50 شيكل، متذرعين بغلاء أسعار المحروقات وتكاليف الإنتاج.

من جهته، تحدث مصدر مطلع على النقاشات الحكومية المتعلقة بتعقيدات مشكلة المولدات الكهربائية، حيث ذكر لـ"زوايا" أن أول مشكلة تتمثل في عدم وجود جسم ممثل لأصحاب المولدات ولا أحد يلزم الآخر، والمشكلة الثانية هي الفئات الضعيفة التي لا يتجاوز استهلاكها 15ش ومطلوب تحديد حد أدنى لها.

اقرأ أيضاً: استطلاع: فارق1% بين الشيخ والسنوار والبرغوثي يتصدر فرص الرئاسة

وثالث مشكلة –حسب المصدر-عند التقييم الذي أقرته اللجنة الحكومية قبل عام ونصف وأقرت الحد الأدنى 40ش مع سعر كيلو 3.3، وذلك قياساً على منطقة غزة التي كلها مولات ومحلات وشركات ومصالح كبرى.

ولفت المصدر بأن عدد مشاريع المولدات الكهربائية الموجودة في قطاع غزة 160 مشروع، مشيراً إلى أن سلوك أصحاب هذه المشاريع كمستثمرين موحد وهناك اتفاق ضمني بينهم لتوزيع الأماكن وهذا ما يقوي شوكتهم.

وأعرب المصدر عن استغرابه من تهرب أصحاب المولدات من ترخيص جمعية لهم حتى يتم الاتفاق والإلزام لهم في أي قرارات بالخصوص، داعياً إلى أهمية إلزام جميع المولدات تركيب طاقة شمسية بالتوازي مع المولد لتقليل تكاليف الإنتاج التي يتذرعون بها ويمكن توصيل 30% من طاقة المولد من الطاقة الشمسية.

غزة على طريق "الارتفاع"

وفي ظل ما سبق من شكوى وغضب شعبي في القطاع، تثار تساؤلات حول الأسباب التي تستدعي ارتفاع أسعار الكهرباء؟ وما البدائل المتوفرة للتخفيف من هذه الأزمة؟ وما هي الجهود المطلوبة في مجال الطاقة البديلة؟، وهل من تفسيرات مقنعة لارتفاع تسعيرة كهرباء المولدات التجارية؟.

بدوره، ذكر محمد ثابت مدير العلاقات العامة والاعلام لشركة الكهرباء، أن ارتفاع الأسعار عالمياً بعد الحرب الروسية الاوكرانية طال كل شيء تقريبا، ومن بينها قطاع المحروقات بشكل عام مثل الفحم والبترول، وبالتالي انعكس ذلك على الطاقة المنتجة ومن أبرزها الكهرباء.

وأشار ثابت في حديث لـ"زوايا" أن هذا الغلاء طال كل دول العالم وأكثرها تأثراً هي القارة الأوروبية ومن ثم الدول الأخرى، منبهاً أن ما زاد الأمر سوءاً هو عدم وضوح الرؤية المستقبلية والتوقعات المتضاربة للأفق السياسي والأمني والاقتصادي، والذي فاقم عدم استقرار الأسواق والبورصات العالمية، وأثر على العقود الآجلة للنفط وغيرها من القطاعات المهمة.

ويرى ثابت أن "دولة الاحتلال كأي دولة طالتها الأزمة العالمية، وأعلنت بأنها سترفع تعرفة الكهرباء لديها، ونحن كفلسطينيين نشتري الكهرباء والوقود وكافة مستلزماتنا من خلالهم، وبالتالي انعكس ذلك على أسعار مشترياتنا منهم مثل الكهرباء والوقود المورد للأراضي الفلسطينية".

ونوه ثابت إلى أن ظافر ملحم رئيس سلطة الطاقة الفلسطينية في الضفة الغربية، أعلن بأنه من المتوقع رفع سعر تكلفة الكهرباء أول آب القادم، والسبب هو ارتفاع ثمن فاتورة مشتريات الطاقة من الجانب الاسرائيلي، وبالتالي إن لم تتمكن الحكومة في رام الله من تحمل هذه الفوارق في الأسعار سيتم تحميلها للمواطنين أو ستكون مناصفة بين الطرفين الحكومة والمواطن، حسب ما نقل ثابت عن ملحم.

وذكر ثابت أن تعرفة الكهرباء المباعة للمواطنين في قطاع غزة لم تتغير منذ العام 1998م، وحاليا تجري دراسة وتقييم للواقع الجديد، موضحا أن القطاع يشتري الكهرباء من الجانب الإسرائيلي، وثمن 120 ميجاوات يبلغ تقريباً 40 مليون شيكل شهرياً، كما أن الوقود المورد لغزة سواء للمحطة أو للمحطات الخاصة وللمواطنين سيرتفع بلا شك، وبالتالي هذه الزيادة ستكون مرهقة لكافة القطاعات، وستنعكس بشكل مباشر على حياة المواطنين في النهاية.

ووفقاً لحديث ثابت، فإن القانون الفلسطيني ينص على أن الحكومة هي الجهة التي يصدر عنها قرار رفع أو خفض التعرفة، بمعنى أن هذا القرار يمر عبر عدة مستويات ولا تستطيع شركة توزيع الكهرباء رفع التعرفة منفردة، لأن هذا القرار سيادي وتجري دراسة تأثيره وانعكاساته على كافة المستويات قبل اتخاذه.

وأشار إلى أنه منذ شهر فبراير/شباط لغاية بداية أغسطس/آب القادم من المتوقع أن ترتفع أسعار الكهرباء بنسبة 15.9% في الضفة الغربية، متسائلا "هل نحن في قطاع غزة نعيش بمنأى عن كل هذه المتغيرات المحيطة بنا؟"، "هذا سؤال يعلم الجميع إجابته"، كما يقول ثابت.

وبسؤال ثابت في ظل استمرار أزمة الكهرباء في غزة، عن البدائل المتوفرة للتخفيف منها والجهود الواجبة في مجال الطاقة البديلة تحديداً؟، فقد رد ثابت أن "أزمة الكهرباء هي أزمة معقدة منذ سنوات وعنوانها الرئيس هو عنوان سياسي، وحل هذه الأزمة يتوقف على تنفيذ مشاريع استراتيجية من شأنها جلب كميات كهرباء إضافية لغزة، لأن الكميات المتوفرة حالياً بالكاد تكفي لتطبيق جدول ثمان ساعات، وهذا الجدول يعتريه عجز خارج عن السيطرة في فصل الصيف والشتاء، حيث أن المتوفر في أحسن الظروف من 180-200 ميجاوات والطلب يتراوح ما بين 420- 670 حسب فصول السنة".

وأوضح ثابت أن شركة توزيع كهرباء محافظات غزة هي شركة مملوكة للدولة وليست شركة خاصة كما يعتقد البعض، وقد أنشئت بقرار وزاري رقم 11/1999 من قبل الرئيس الراحل ياسر عرفات، ومهمتها الأساسية تنحصر في استلام كميات الكهرباء من سلطة الطاقة وتوزيعها على محافظات القطاع الخمس، بمعنى أنها مسؤولة عن التوزيع وليس التوفير.

ورغم ذلك وبسبب انسداد الأفق أمام حل جذري لأزمة الكهرباء، فقد أوضح ثابت أن الشركة ساهمت في إيجاد حلول جزئية حسب مقدرتها، حيث تم التوقيع مع شركة من القطاع الخاص لشراء 2 ميجاوات طاقة شمسية عبر حقل في مدينة خان يونس، كما قامت بإنشاء "قسم سكادا" ومهمته التحكم في شبكة الكهرباء عن بعد.

وأضاف أنه تم تركيب قواطع أوتوماتيكية على الخطوط لتنفيذ هذا التوجه ولاستثمار أمثل للطاقة الواردة للقطاع وترجمتها لساعات إضافية قدر الإمكان، بالإضافة لعمليات أخرى متعددة مثل تركيب العدادات الذكية، حيث تمكنت الشركة لغاية الآن من تركيب 20 ألف عداد واشترت 60 ألف عداد سيتم تركيبها خلال الفترة القادمة.

اقرأ أيضاً: على عكس المأمول: أموال المانحين رسخت الاستيطان والفصل العنصري

وفي ذات السياق، أكد ثابت أن لديهم خطة طموحة لتركيب كافة اشتراكات قطاع غزة خلال فترة من 3-4 سنوات، وهذا بالتوازي مع إجراءات أخرى مثل تطوير كافة عملياتنا الفنية والإدارية والتحول نحو النظام المحوسب لاختصار زمن المعاملات وتوفير الوقت والجهد.

استغلال أصحاب المولدات

ومن وجهة نظر تحليلية، فقد أوضح الكاتب والمختص في الشأن الاقتصادي محمد نصار، أن الأزمة الروسية الأوكرانية ألقت بظلالها على الاقتصاد العالمي في الأشهر الثلاثة الماضية، وأن أكثر القطاعات التي تأثرت بهذه الأزمة هو قطاع النفط، مفسراً أن روسيا تعتبر من أكبر مصدري النفط والغاز إلى أوروبا، والحديث عن العقوبات الاقتصادية على روسيا كان له تأثير كبير على أسعار النفط التي أصبحت غير مستقرة، وبالتالي فإن التقلبات في أسعار النفط سيكون له أثر كبير على أسعار قطاع الكهرباء المعتمدة على النفط، وبصراحة تكون استجابة السوق لارتفاع الأسعار سريعة، ولكن استجابته لانخفاض الأسعار تكون بطيئة.

وفي الحالة الفلسطينية على وجه الخصوص، يتساءل نصار بلسان حال المواطن العادي عن عدم انخفاض سعر الوقود محلياً على الرغم من انخفاض أسعار البترول عالمياً؟، فقد ذكر أن الجواب يعود لسببين رئيسيين، الأول لأن أسعار الوقود في الأراضي الفلسطينية ترتبط بأسعار الوقود في "دولة الاحتلال"، حيث أن أحد بنود بروتوكول باريس الاقتصادي ينص على "أن لا تتجاوز أسعار المحروقات في الأراضي الفلسطينية (الضفة الغربية وقطاع غزة)، نسبة 15٪ عن أسعار المحروقات، وخاصة البنزين المقررة داخل إسرائيل".

وأضاف: "كما أن وزارة المالية في الأراضي الفلسطينية تفرض "ضريبة البلو" وهي ضريبة تبلغ نسبتها 40٪ من قيمة سعر لتر الوقود، يضاف إليها ضريبة القيمة المضافة التي تفرضها وزارة المالية أيضاً بنسبة 16٪، ثم نسبة أرباح محطات الوقود البالغة 9٪ من سعر اللتر الواحد، أي أن الخزينة الفلسطينية تحصل على 56٪ من سعر لتر الوقود المباع في السوق، وبالتالي فإن الحكومة تحاول أحياناً الاستفادة من فرق السعر لفترة محدودة".

وفيما يتعلق بكهرباء المولدات، فقد اعتبرها نصار "تجارة ازدهرت في السنوات الأخيرة مع تفاقم أزمة الكهرباء في قطاع غزة"، مضيفاً "أعتقد أننا كمواطنين نتقدم بالشكر لأصحاب المولدات على هذا العمل الوطني عندما كانوا في البداية يحصلوا على هامش ربح معقول، ولكن مع الوقت بدا أن هناك استغلال من بعض أصحاب المولدات من قبيل رفع سعر الكيلو واط أو وضع حد أدنى يجب أن يتم دفعه من قبل المستهلك شهرياً".

ولفت إلى أن "حكومة غزة" حاولت في أكثر من مرة خلال العامين الماضيين إلزام أصحاب المولدات بتسعيرة موحدة، ولكن يبدو أن هذا الملف يسيطر عليه بعض أصحاب المصالح، حسب نصار.

وللمساهمة في حل مشكلة الطاقة الكهربائية في قطاع غزة، وفي ظل معاناة وعدم قدرة فلسطين على استغلال الغاز على شاطئ بحر غزة، وسيطرة الاحتلال على المعابر الفلسطينية، فقد أكد نصار على أنه لابد من تشجيع مشاريع الطاقة البديلة وخاصة الطاقة الشمسية، وتسهيل عمل الشركات العاملة في هذا المجال، والعمل على اتخاذ بعض الإجراءات التي تعزز استخدام الطاقة البديلة، مثل وجود شرط باستخدام الطاقة البديلة عند منح التراخيص للمشاريع التجارية مثل المولات وغيرها.

ولفت إلى أهمية البدء التدريجي بتحويل المؤسسات العامة نحو استخدام الطاقة البديلة، واستغلال التمويل الدولي الذي تمنحه بعض المؤسسات من أجل تطوير العمل في هذا المجال.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo