كتاب ومحللون: إسرائيل تخوض معركة سيادة والعلم الفلسطيني يرعبها

فلسطيني يرفع علم فلسطين في وجه الاحتلال
فلسطيني يرفع علم فلسطين في وجه الاحتلال

أجمع كتاب ومحللون فلسطينيون أن دولة الاحتلال ظهرت بشكل مأزوم وهزيل خلال مسيرة الأعلام الإسرائيلية التي حاولت من خلالها فرض سيادتها على مدينة القدس المحتلة، وأنها اضطرت إلى نشر الآلاف من عناصر الشرطة، وحولت المدينة إلى ثكنة عسكرية وأغلقت جميع الطرق المؤدية إلى باب العمود، لتأمين المسيرة وهو ما شكل دليل قاطع بعدم وحدة القدس كعاصمة لإسرائيل.

وقال الكاتب "عاطف أبو سيف" وزير الثقافة الفلسطيني إن ما يجري في القدس في الأشهر الأخيرة أكبر من مجرد رفع علم الاحتلال هنا أو هناك، ويجسد حقيقة الصراع على السيادة في المدينة المقدسة التي يريد الاحتلال أن يمحو أثر الوجود الفلسطيني فيها.

وأكد أن أزمة دولة الاحتلال بعد أكثر من نصف قرن من احتلال القدس أنها لم تنجح في تغيير هوية البلاد وشكلها، ناهيك عن عدم مقدرتها التحكم في الديموغرافيا والوجود الفلسطيني هناك.

وأشار "أبو سيف" إلى شكاوى الكثير من الكتاب الإسرائيليين حول فقدان الطابع اليهودي عن أغلب المدن والقرى المحتلة، ما دعا أحد الكتاب للمناداة بضرورة تهويد الأفق في البلاد، مضيفًا أن هذه معضلة إسرائيل النفسية وأنه بعد مرور أكثر من سبعة عقود على النكبة وبناء المستوطنات في كل مكان، فإن حجراً صغيراً في الأرض كفيل بأن يكشف أن الموجود الحقيقي في هذه البلاد رغم كل شيء هو الفلسطيني.

اقرأ أيضاً: كيف فشلت السلطة الفلسطينية في إدارة ملف القدس؟

وشدد أبو سيف أن القصة ليست مسيرة أعلام إسرائيلية أو رفعها على الطرقات بل هي انعكاس لأزمة وجود وهوية، وطالب بتفعيل الجهد من أجل محاربة أي محاولة لتشويه هذه الحقيقة من خلال إبراز كل ما هو فلسطيني في هذه البلاد، وفي قلب كل ذلك العلم الفلسطيني الذي يُلَف به شهداء شعبنا.

القدس ليست موحدة

من جهته قال الكتاب "أشرف العجرمي" وزير الأسرى الأسبق إن "الصهيونية- الدينية" انتصرت بفرض وجهة نظرها على الحكومة الإسرائيلية، وإجبارها على الموافقة على مسيرة الأعلام بشكلها الاستفزازي وبالدخول من باب العامود، مشيراً إلى أن عددًا ليس قليلاً من الكتاب والمحللين الإسرائيليين أقروا بأن القدس غير موحدة وأنها مقسمة وفيها جماهير فلسطينية تعيش في ظروف بائسة، ولكنها تقاوم وتفرض معادلات تجعل الحكومات الإسرائيلية تخشى ردود فعلها. 

وأوضح أن النموذج الذي قدمه الفلسطينيون خاصة في القدس أفشل محاولات إسرائيل لتغيير الأمر الواقع في الأقصى وتقسيمه زمانياً ومكانياً، مضيفًا أن شعبنا في كل أماكن تواجده في الضفة المحتلة وغزة والداخل المحتل والشتات توحد خلف القدس.

وتساءل العجرمي لماذا ننجح في الأمور المتعلقة بالأقصى ونفشل في أماكن أخرى في القدس وفي الضفة؟. وتابع في الحقيقة هناك نجاح إسرائيلي وفشل فلسطيني كبير، حيث تعمل إسرائيل على مدار الساعة في موضوع التهويد والاستيطان، ونحن نرفع شعارات ومطالبات لا حصر لها دون جدوى.

وأكد أننا كفلسطينيين بحاجة ماسة لجهد كبير وضخم ومثابر في توسيع نطاق المقاومة الشعبية التي تثبت المرة تلو الأخرى أنها قادرة على إجبار الاحتلال على التراجع.

الرد من جنس العمل

ورأى "رجب أبو سرية" الكاتب والمحلل السياسي أن مسيرة الأعلام عبرت عن برنامج الحكومة الإسرائيلية التي ترفض التفاوض وحل الدولتين، وتسعى إلى تهويد القدس وأسرلة الأرض الفلسطينية، لمنع إقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967.

وشدد على أن صراع الإرادات بين الفلسطينيين والإسرائيليين لم ينته وما زال قائما، وأن إرادة الاحتلال والممثلة برفع المستوطنين للأعلام الإسرائيلية بحماية الشرطة، يجب أن تواجه بإرادة المقاومة الشعبية برفع العلم الفلسطيني في كل الفضاء الفلسطيني.

وطالب "أبو سرية" أن يكون الرد على مسيرة الأعلام من جنس العمل، وأن يقوم الفلسطينيين في الذكرى الخامسة والخمسين لاحتلال القدس والضفة وقطاع غزة، بمسيرات أعلام فلسطينية تجوب كل شبر من أرض فلسطين المحتلة بما في ذلك داخل أسوار المدينة المقدسة ، تأكيدًا على خيار التحرر والانعتاق من الاحتلال، وأن يكون الحل ميدانيًا بعد أن فشل الحل السياسي.  

الرُعب من العلم 

"توفيق أبو شومر" الكتاب والصحفي الفلسطيني بدوره بين أن هناك رموزا ودلائل يخشاها المحتلون الصهاينة، من أبرزها ظهور علم فلسطين، الأمر الذي دفع الكنيست الإسرائيلي للمسارعة لسنِّ قانونٍ يحظر رفع العلم الفلسطيني في كل المؤسسات والدوائر الحكومية الإسرائيلية.

وأضاف هذا الرعب من العلم لا يرجع إلى خوفهم من قيام دولة فلسطينية مستقلة فقط، ولكنه يرجع إلى أن علم فلسطين يُلخص الثورة العربية الكبرى ضد الاستعمار، التي اشتعلت عقب الحرب العالمية الأولى 1914-1919، ومنها اقتبست معظم دول العرب ألوان أعلامها.

اقرأ أيضاً: "عربات النار".. مناورة إسرائيلية ضخمة وسط ملفات ساخنة

كما يرجع سبب هذا الرعب بحسب "أبو شومر" إلى أن الحركة الصهيونية لم تكن حركة قومية يهودية تهدف لتأسيس "دولة للشعب اليهودي"، بل إنها كانت ذراعاً للإمبريالية العالمية، فهي إنتاجٌ إمبريالي هجين في معمل أوروبا وأميركا، وما فلسطين بموقعها الجغرافي والديني والحضاري سوى قلب العالم العربي، لذا يجب احتلالها لمنع العرب من تأسيس إمبراطورية عربية تهدد الإمبريالية التجارية والصناعية العالمية.

وخلص الكاتب إلى أن الفلسطينيين نجحوا في الدفاع عن وحدة العرب وتراثهم الحضاري، وأن قضيتهم لا تقتصر على الدفاع عن فلسطين وحدها.

وبحسب "عبد الغني سلامة" الباحث والكاتب الفلسطيني فإن الفلسطينيين ظلوا موحّدين تحت راية فلسطين بألوانها الأربعة، منذ النكبة مرورا بسنوات الثورة والعمل الفدائي والانتفاضات الشعبية، لم يعرفوا راية غيرها، حتى جاءت بعض أحزاب الإسلام السياسي، واستفحل التعصب الأيديولوجي، فتشتت المشهد، وتفتتت الوحدة.

وأكد أنه لا يمكن أن تعود فلسطين إلى قلب الحدث، وتتوهج روح شعبها النضالية، إلا عندما نثبت لأنفسنا أن فلسطين وقضيتها أهم من الحزب، وأنّ الوطنية أعلى وأولى من الانتماء الطائفي، والأيديولوجي، والحزبي، وهذا يتطلب رفع علم فلسطين وحسب.

وتابع الكاتب:" يعتبر العلم من أهم رموز الدولة، واحترامه أول دروس المواطَنة، فهو يعبّر عن الهوية والانتماء، وهو الأيقونة الثابتة والخيمة التي يستظل بظلها الجميع، حيث يشعر كل مواطن أن بلده بخير، كلما رأى علمها يخفق عالياً.

ويسرد العَلَم مرويات التاريخ، ويصف تحولات الجغرافيا، ولكن بسمات حية متحركة تسافر عبر الزمان والمكان، وتجعل من هوية الوطن مساحة خصبة للتعايش الكريم. وهذا السموّ الذي يمتلكه العَلم شكلاً ومضموناً، إنما ينبع من قيمته الوطنية بشقيها التجريدي والفعلي، فهو ليس مجرّد قطعة قماش ترفرف مع حركة الريح، بقدر ما هو تفسير ذكي وموجّه نحو الارتباط الجسدي والروحي بالمكان والشعب، يعزز الانتماء للأرض، ويشعل جذوة الحنين، ويشكل منبعا للذاكرة، وحافزا للأحلام.

المصدر : متابعة-زوايا
atyaf logo