كاتب إسرائيلي.. فلسطينيو الداخل حطموا حصارهم ورفضوا نموذج السلام الاقتصادي

فلسطينو الشتات
فلسطينو الشتات

قال العضو السابق في جهاز الشاباك الكاتب الإسرائيلي "دورون ماسا" إن فلسطيني الداخل المحتل عام 1948 لم يطوروا فقط أدوات نضالهم, إنما أيضًا مطالبهم و تصوّراتهم حول العلاقة الأكثر عدالة التي يجب أن يحظوا بها إزاء الدولة والجماعة اليهوديّة المستوطنة في أرض فلسطين.

ووصف "ماتسا" العلاقات المتوترة بين دولة الاحتلال والمواطنين العرب التي تعيش فيها" بأنها إحدى القضايا المركزية المتعلقة بالأمن القومي الإسرائيلي، مشيراً إلى انه ومنذ تحول العرب الفلسطينيون إلى أقلية، ترسخ التوتر البنيوي بين الأغلبية والأقلية"، لافتا إلى أن "الأقلية العربية تسعى إلى التعبير عن تميزها القومي في مواجهة محاولة الحكومات الإسرائيلية طمس معالمها الوطنية".

أن "سياسة المؤسسة الحاكمة، التي رافقها ترسيخ الفجوات بين المجموعتين السكانيتين وواقع الصراع الإسرائيلي– الفلسطيني عزز بشكل أكبر مصلحة الأقلية بتطوير استراتيجية مقاومة".

اقرأ أيضاً: رمضان... فلسطين على أبواب المواجهة الشاملة

وبحسب أطروحة بحثيّة كتبَها "دورون ماتسا" في إطار دراسته العليا تحــت عنوان "سياسات إسرائيل تجاه المواطنين العرب" فإن العنف كان جزءا من سلة استراتيجية المقاومة للأقلية العربية، لكنه كان الاستثناء عن القاعدة، على عكس الانطباع السائد، مضيفًا أن الصدامات التي شهدها يوم الأرض عام 1976، وأحداث أكتوبر عام 2000، لم تكن بمبادرة العرب.

وتابع :"عرب الداخل مارسوا استراتيجيات مقاومة متنوعة، سياسية ومدنية وثقافية، عبروا من خلالها عن مصلحتهم بتغيير الواقع من جهة، وعكست تحولاتهم بالاندماج في الدولة العبرية وعدم السعي إلى مواجهة مع السلطات، من الجهة الأخرى".

يشار إلى أنه بين يوم الأرض وهبة أكتوبر وقعت مواجهات عنيفة بين المواطنين العرب والشرطة، في أعقاب مظاهرات انطلقت بعد مجزرة صبرا وشاتيلا، وفي بداية الانتفاضة الأولى عام 1987، احتجاجا على سقوط شهداء فلسطينيين، وإثر مقتل سبعة عمال عرب بإطلاق نار نفذه الإرهابي اليهودي عامي بوبر، عام 1990، وبعد مجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل، التي نفذها السفاح "باروخ غولدشطاين"، عام 1994، وبعد فتح نفق تحت المسجد الأقصى، عام 1996.

وأكد "ماسا" أن التوتر الذي تفتعله إسرائيل ضد الأقلية العربية ليس متعلقا بالمواجهات والصدامات، وإنما هو بالأساس من سعي الأقلية إلى إبراز وجودها كأقلية قومية بمعزل عن وجود إسرائيل، وكجزء من الشعب الفلسطيني والأمة العربية.

وقال الكاتب الإسرائيلي إن "التوترات الأمنية" في الداخل المحتل "لم تكن حدثًا مدنيا، بل حدثًا وطنيا له معنى محدد في القانون على أنه عمل من أعمال التشويش السياسي على الدولة"، معتبرا أن فلسطينيي 48 عملوا خلال الفترة الماضية على تحطيم نموذج حصارهم"، بالرغم من "الامتيازات" التي حاول الاحتلال ترويجها لهم.

اقرأ أيضاً: جنرال "إسرائيلي" يحرض: 2000 مسلح يعيشون في قلب الدولة العبرية

واعتبر الكاتب أن "كل هذه الأحداث والأسباب كانت مجرد محفزات خارجية دفعت عجلة الأحداث إلى الأمام، وقد عبرت عن تحدٍ صريح من جانب الأقلية العربية، بما في ذلك أجزاء من قيادتها، لنموذج العلاقات الذي تحدده إسرائيل لتنظيم علاقاتها مع العرب".

وأوضح أنه "تم تشكيل جذور هذا النموذج بعد حرب 1948، ولم تتغير حتى يومنا هذا، واستند للفهم بأنه لا يوجد حل حقيقي للقضية العربية في إسرائيل، لأنه لا يمكنها استيعابهم، أو تعريفهم بأنهم أقلية قومية لنفس السبب الذي يجعل هذه البدائل تهدد الطابع اليهودي للدولة وأمنها، وكان البديل الوحيد هو تعريفها بأنها نوع من الجيب الاجتماعي والسياسي داخل الفضاء الإسرائيلي، بما يذكرنا بنموذج الوجود اليهودي في المنفى".

وذكر "ماتسا" أن الحكومات الإسرائيلية اتبعت سياستين تجاه الأقلية العربية، تبدوان متناقضتين، تمثلت الأولى بـ"إقصاء الأقلية العربية عن الحقلين السياسي والثقافي؛ وفي المحور الثاني نفذت الحكومات سلسلة أنشطة لدمج الوسط العربي في الاقتصاد الإسرائيلي". وخلال ذلك، بدأت تُطرح مشاريع قوانين معادية للعرب، بهدف المس بحقوقهم الجماعية، وبينها إلغاء مكانة اللغة العربية، ورفع نسبة الحسم في انتخابات الكنيست، بهدف تقليص التمثيل العربي.

واعتبر ماتسا أن هذا هو التحدي الرئيسي الذي واجه جميع الحكومات الإسرائيلية منذ قيام الدولة العبرية، عندما تم تعريف محتوى الجيب في كل فترة بشكل مختلف: في الستينيات من خلال فكرة التكامل السياسي البيروقراطي لأجزاء من القيادة العربية؛ وفي السبعينيات والثمانينيات من خلال فكرة تقليل الفوارق الاجتماعية والاقتصادية؛ وفي التسعينيات من خلال فكرة المساواة السياسية".

وتابع بأن "الاختلاف الأول يتمثل في أن العنف تجاوز حدود الفضاء العربي شبه المستقل للجليل والمثلث، واندلع في المدن المختلطة، حيث الهامش العربي الذي لم يستفد من النموذج الاقتصادي، وكان لهذا الأمر أهمية كبيرة لأن العرب لم يستهدفوا قوات الأمن فقط، بل اليهود أيضا، والاختلاف الآخر هو الاستجابة البطيئة لإسرائيل، لاسيما أجهزتها الأمنية تجاه هذه الأحداث، وترجع للافتقار العميق لفهم طبيعتها".

وأشار إلى أن "الكثير من الإسرائيليين لم يدركوا أن أحداث 2000 في إسرائيل هي صدام آخر بين العرب واليهود، واقتصر فهمهم لها على أنها أكثر من رد عفوي من قبل العرب على الواقع الأمني الإسرائيلي، رغم أنها خطوة استراتيجية من جانب العرب تهدف إلى سحق فكرة الجيب، وتحدي نموذج التكامل الاقتصادي المصمم لصياغة محتواهم داخل إسرائيل".

المصدر : متابعة- زوايا
atyaf logo