رغم ردود الفعل الشعبية والرسمية الفلسطينية الغاضبة على فيلم "أميرة" الذي يسيء لتضحيات الأسرى الفلسطينيين ومعركة النطف المهربة المُحكمة التي يهربها الأسرى لزوجاتهم بهدف الإنجاب، ولا تحمل الخطأ مطلقاً، وصولاً إلى سحبه وعدم ترشيحه للأوسكار، كشف الأسير سامر المحروم المحكومة بالمؤبد في سجون الاحتلال الإسرائيلي والذي تمكن من تهريب نطف من السجن لزوجته، وأنجبت طفلين بذات الطريقة، أنه تعرض لعقاب شديد من قبل المحققين الإسرائيليين بعدما كشف أمره، وشدد على أن الفيلم يسيء لتضحيات الأسرى، وكان الأجدر بالمخرج أن يتحدث عن تضحيات الأسرى ونضالاتهم في سجون الاحتلال وما يتعرضون له من انتهاكات، والعقوبات التي تفرض عليهم بتهريبهم النطف.
ويقول الأسير المحروم في رسالة منه لعائلته ووصلت موقع "زوايا"، نسخة منها، يرد فيها على الفيلم المسيء للأسرى وأبنائهم من النطف المهربة، :"تعرضت للمحاكمة بالعزل من قبل الاحتلال، على خلفية تهريبي نطفة كانت سبباً في إنجاب ابنتي ياسمين، التي تصغر ابني آدم بثلاث سنوات والذي ولد بنفس الطريقة من النطف المهربة".
ويضيف المحروم، أنه خضع للتحقيق من قبل الاحتلال حول تهريبه النطف، ورفض الإدلاء بأية اعترافات للمحققين الإسرائيليين إلا بعد أن أصدر الأخير عقوبته ضده بسبب إنجاب زوجته لطفلته، مشيراً إلى أنه أخبر المحقق بأنه لو حدث في أي مهرجان أفلام على مستوى العالم وعُرض فيلم لمعاقبة أسير بسبب إنجاب طفل أو طفلة لخجل المحقق من نفسه ولم يجرؤ على الإشهار بأنه هو مصدر العقوبة، فما كان من المحقق إلا أن فرض عليه عقوبة جديدة.
وشدد الأسير المحروم في رسالته، أن فيلم "أميرة"، يسيء بشكل واضح لا لبس فيه للأسرى في سجون الاحتلال، وهو أمر لا يختلف عليه أي إنسان حر وشريف، خاصة عندما تختلط الأمور بقضية الأسرى أو إظهار أن للسجان الإسرائيلي أي دور في هذه القضية.
اقرأ أيضاً: القمة العربية بالجزائر: هل تعيد فلسطين للواجهة؟
ويضيف، أن الفيلم يشكل إساءة للأسرى وكرامتهم ولأسرهم ولأبنائهم من النطف المهربة، مشدداً على أن قضية النطف المهربة هي قضية مقدسة، وعندما تشوه هذه القضية بقصد أو بدون قصد فهي قمة الإساءة وقمة الطعنة العميقة اللعينة لنا، معرباً عن اعتقاده أن القائمين على إنتاج الفيلم ليسول بريئين.
وقال الأسير المحروم :" لو أن مخرج الفيلم أو كاتبه رأى زوجتي وهي حامل بتوأم عندما أعيد اعتقالي بطريقة وحشية، حيث فجر جنود الاحتلال باب المنزل، واقتادوني للسجن بينما تم نقل زوجتي الحامل للمستشفى وسقط حملها جراء عملية الترهيب والتفجير التي قام بها جنود الاحتلال أثناء عملية الاعتقال".
وأضاف، لو أن الفيلم تناول هذه الحادثة من قتل جنود الاحتلال لتوأمين في بطن أمهم، والعقوبة التي فرضت عليه بعد نجاحه في تهريب نطف مهربة، أنجب من خلالها طفلين هما "آدم وياسمين" بفارق ثلاث سنوات بينهما، وقصص أسرى آخرين نجحوا في تهريب نطف وتم معاقبتهم، سيكون حينها فيلماً حقيقياً لأنه يعرض القضية بشكل حقيقي لا غموض فيه، وسيحصل على أعلى من أوسكار أو غيرها لأنها قضية ذات بعد وطني وإنساني حقيقي. لكن بكل أسف ما حصل هو العكس وأساء القائمون على الفيلم لتضحيات الأسرى ونضالاتهم المشرفة.
ونوه الأسير المحروم، أن فيلم أميرة، لا يساوي فقط بين السجان الإسرائيلي والأسير الفلسطيني وما يحمله ذلك من إساءة لنضال الأسرى؛ بل أعطى درجة إضافية للسجان على حساب الأسرى.
وما أن ظهر الفيلم، حتى جاءت الردود الشعبية على مواقع التواصل الاجتماعي، والمؤسسات المعنية بالأسرى الرسمية والحزبية، هاجموا جميعاً الفيلم وطالبوا بتوقيفه على الفور ، ومحاسبة ومعاقبة القائمين عليه وسحبه، كونه فيلم مليئ بالأكاذيب ويسيء لنضال الأسرى.
وأسفرت الجهود التي بذلتها الجهات المختصة العاملة في مجال الأسرى بتواصلها مع الأردن بشكل مكثف عن وقف عرض الفيلم الأمر الذي أحدث تفاعلات عدة على مستوى الشارعين الأردني والفلسطيني، وأعلنت الهيئة الملكية للأفلام في الأردن سحب ترشيح الفيلم للأوسكار للعام 2022.
تهريب النطف تتم وفق عملية مدروسة لا خطأ فيها
وتعليقاً على القضية، قال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدري أبو بكر في حديث خاص لـ "زوايا" :" إن فيلم أميرة يحمل إساءة كبيرة ودحض للرواية الفلسطينية، ولنضال الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف بأن قضية النطف وتحريرها من داخل السجون هي انتصار وتحدي للاحتلال وتشكل امتدادا لحياة الأسرى المحكومين بالمؤبدات ومدى الحياة بأن يكون لهم أبناء خارج السجون.
وأوضح بأن هذه القضية وكل عملية تهريب النطف تتم وفقا لاختبارات ووفق عملية مدروسة وهناك شهود وإجراءات تضمن سلامة العملية بشكل كامل ولا مجال للتشكيك بها، وهذا ما يناقضه الفيلم المذكور علما أن عملية تهريب النطف لا تحمل أية أخطاء.
وبحسب أبو بكر فإن هناك أكثر من مئة طفل ولدوا من خلال النطف المهربة التي نجح الأسرى في تهريبها إلى خارج السجون، وتتم العملية بإجراءات وتحضير مع مركز مختص في الإخصاب، ويتم ذلك بحضور أهل الأسير وزوجته.
وثمن أبو بكر ردة الفعل الشعبية فلسطينيا وأردنيا، مؤكداً أن هذا دليل حالة الوعي والالتفاف حول قضية الأسرى وما حدث من تفاعل أردني دليل على أننا شعب واحد ومصير واحد ودليل على أن قضية الأسرى هي قضية مقدسة والمساس بها يعني المساس بكل العرب.
مطلوب أعمال فنية حقيقية للرد على فيلم أميرة
من جهته، دعا مصطفى شتا مدير مسرح الحرية في محافظة جنين، إلى الهجوم على فيلم أميرة بمنطق ثقافي ودرامي أو مسرحي من خلال أعمال فنية معتبرة، تجسد الواقع الحقيقي الذي يتعرض له الأسرى في سجون الاحتلال والعقوبات التي تفرض عليهم جراء تهريبهم النطف من داخل السجن لخارجه.
وقال شتا :" كوني أسير محرر أعرف تماماً ما يمثله الإساءة لنضال الأسرى وتضحياتهم الكبيرة، لذلك يجب مواجهة هذا النوع من الأعمال بأعمال فنية قوية توثق وتأرشف نضال الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، لدحض أي رواية لاحقة تسيء للأسرى.
ورغم نجاح الضغط الشعبي الفلسطيني والأردني في سحب فيلم أميرة إلا أن هذه الحادثة تؤكد على ضرورة تجسيد نضالات الشعب الفلسطيني في أعمال فنية مرموقة، كجزء من مقاومة الاحتلال الإسرائيلي وفضحه، وإبراز نضالات الأسرى والشعب الفلسطيني لقطع الطريق أمام الاحتلال الإسرائيلي والمتآمرين معه الذين يحاولون الإساءة لكل ما هو فلسطيني وخاصة قضية النطف المهربة للأسرى القابعين في سجون الاحتلال في ظروف مخالفة للقوانين والمعايير الدولية.