تقرير "تهديد" الرئيس في حال استمرّ الاحتلال..هل مِن خطة تنفيذية؟

محمود عباس
محمود عباس

ولّد تهديد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، في خطابه بالأمم المتحدة الشهر الماضي، بخطوات مفتوحة بينها سحب الإعتراف بإسرائيل، في حال لم تنسحب من الأراضي المحتلة خلال عام واحد، العديد من التساؤلات بشأن توفر الخطة التنفيذية أو أدوات جادّة؟..
كما، تساءل مراقبون عن مدى استعداد القيادة الفلسطينية لدفع الأثمان في اليوم التالي لنهاية المهلة الممنوحة، والغاية الأساسية من وراء تهديد الرئيس عباس؟

الموعد ليس مُقدّساً..وإنما العبرة بإعلان وما سيتبعه

عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة "التحرير" الفلسطينية د.احمد مجدلاني قال لموقع "زوايا"، إن التاريخ المحدد في وعيد الرئيس "ليس مقدساً"، وإنما العبرة في إعلان الرئيس، من منطلق أنه لم يعد هناك مجال للقبول بالوضع الحالي. وأضاف أن إعلان الرئيس يستند إلى تحضيرات فلسطينية على أربع مستويات: سياسية-دبلوماسية، قانونية في المحافل الدولية، داخلي على صعيد ترتيب منظمة التحرير وإنهاء الإنقسام، بينما يتمثل المستوى الرابع في تفعيل المقاومة الشعبية، كجزء مساند للجهد السياسي الفلسطيني على هذا الصعيد.

وشدد مجدلاني على أنّ إعلان الرئيس مبني على منهجية وبرنامج عمل، ينطلق من التحضير لعقد اجتماع للمجلس المركزي، بدءاً من تشكيل لجنة للتحضير له، بما في ذلك التهيئة لمخرجات المجلس المرتقب.. وتابع: "المجلس المركزي، لن يكون فقط مجرد خطابات، من دون معرفة الهدف والنتائج مسبقاً على الصعيد السياسي، وأيضاً الإداري فيما يخص منظمة التحرير".

العمل جارٍ على بلورة الخطة

بدوره، أكد مسؤول الإعلام في حركة "فتح" منير الجاغوب، ان الرئيس عباس حدد في خطابه عاما لإنهاء الإحتلال أو الذهاب لقرار التقسيم عام 1947، أو خيار الدولة الواحدة.. لكن الجاغوب، أن خطة العمل ليست جاهزة، وإنما تناقش حركة "فتح" مع فصائل منظمة التحرير سبل بلورة خطة لمعالجة حالة التردي السياسي الموجودة؛ إذ أن العملية السياسية متوقفة.

اقرأ أيضاً: قطاع غزة بعد العدوان.. تأخر الإعمار ينذر بشتاء قاس

وحول استعداد للأثمان التي يمكن دفعها نتيجة أي خطوات فلسطينية يمكن اللجوء إليها في سياق تهديد الرئيس بأن الخيارات مفتوحة رداً على استمرار اسرائيل بسياسة عدم الإلتزام بالاتفاقات المبرمة بين الجانبين، أجاب الجاغوب: "هل هناك ثمن اكبر من الاحتلال الذي نتعرض له، وشهيته المفتوحة في الاستيطان وإنهاء حل الدولتين؟".

وبين الجاغوب لموقع "زوايا" أن "حركة فتح مستعدة لشيء ما، طالما حدد الرئيس موعدا بإنهاء الاحتلال". مؤكداً أن الحركة مستعدة لأي سيناريو، وأنها بدأت بتوسيع حالة المقاومة الشعبية عبر فتح بؤر لذلك، لا سيما في مسافر يطا وبيتا وغيرها. لكنّه أقر بأن الحالة الشعبية لا زالت بحاجة إلى استنهاض أكبر.

الخطيب: "لا أتوقع خطة..لكن تهديد الرئيس واقعي"

بيدَ أنّ استاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت د.غسان الخطيب، ليس متأكداً حول وجود خطة فلسطينية إتصالاً بتهديد الرئيس، بل أنه لا يتوقع وجودها، في ظل عدم وجود معلومات أو مؤشرات تدلل على ذلك، بالرغم من أنا نشهد بعض الحراك على هذا الصعيد.

ولكن من ناحية أخرى، عبّر الخطيب في حديثه لموقع "زوايا" عن اعتقاده بأن تهديد الرئيس واقعي، ليس لأنّ لديه خطة بهذا المجال، بل لأن هذه السلطة والأمر الواقع الذي أنشأته إسرائيل غير قابل للإستمرار والدوام لمدة طويلة..فهو معرض للإنهيار؛ بسبب كثير من الوقائع والظروف التي تجعله غير قابل للبقاء إلى الأبد، وإذا لم يتحقق انهيار الأمر الواقع المُفصل على المقاس الإسرائيلي العام القادم حسب التهديد المذكور، فربما ينهار في العام الذي يليه، وفق الخطيب.
 
لذلك، رأى الخطيب، من ناحية مبدأية، أنّ الوضع الحالي المريح لإسرئيل ويعيشه الفلسطينيون الآن، هو غير قابل للإستمرار لمدة طويلة وهو آيل للإنهيار. وتابع "هذا بالحقيقة لن يكون بمصلحة إسرائيل وهي الطرف المستفيد أساساً من هذا الواقع".

"التحذير" للأطراف الدولية الفاعلة 

وبدا الرئيس عباس، أنه قصد في تهديده، أن يحرك المياه الراكدة بشأن العملية السلمية، ويوجه تحذيراً للأطراف الدولية الفاعلة أكثر من كونها رسالة موجهة للداخل الفلسطيني أو لإسرائيل نفسها. وفي هذا السياق، شدد الخطيب على أن الرئيس عباس يحاول إيصال رسالة للجهات التي يمكن لها أن تؤثر على إسرائيل.

غير أنه، قال إن أثر هذا النوع من الرسائل محدود؛ لأن القدرة على الفعل من الناحية الفلسطينية محدودة. وبالتالي، فإنّ هذه المحدودية بالقدرة على الفعل والشلل في الفعل الفلسطيني نتيجة الإنقسام كسبب أساسي، تخلق انطباعاً لدى القوى المؤثرة في العالم بأن الموضوع الفلسطيني لم يعد يشكل عاملاً ضاغطاً.. وهو ما يعني أنه ليس اولوية لها، ما يجعلها توزع اهتمامها واستثماراتها السياسية في أماكن أخرى بالعالم على حساب الإهتمام بالشأن الفلسطيني، وفق غسان الخطيب.

لكن..ماذا سيحدث في اليوم التالي لإنتهاء مدة الرئيس؟

يُجيب الخطيب: "لا أعتقد أنه سيحدث شيء، وتقديري يجب ألا نأخذ تصريح الرئيس حرفياً، فعندما يتحدث عن سنة، لا يقصد سنة بالمعنى الحرفي، وإنما أراد القول إن الوضع لم يعد قادراً على الإستمرار للأبد، وأنه قريبا آجلا أم عاجلا، هذا الوضع المفصل على مقاس الإحتلال قابل للانفجار والإنهيار في أية لحظة، سواء بعد سنة او سنتين.. هكذا افهم جوهر فكرة الرئيس من تهديده".

وعاد الخطيب، ليؤكد أنه لا يتوقع أن يكون لدى القيادة الفلسطينية مخطط أو قدرة أو امتلاك أوراق رئيسية لتلعبها..مشيراً إلى أنها في حال نجحت القيادة الفلسطينية في معالجة الإنقسام وتمكنت من تجديد الشرعية عبر الانتخابات، عندها ربما تكون قادرة على الفعل، ولكن إلى حين ذلك، "أشك بقدرتها على القيام بخطوات ذات تأثير، للخلاص من الإحتلال أود دفع الأطراف الدولية الفاعلة على الضغط على اسرائيل، وإعادة إحياء المسار السياسي على أساس حل الدولتين.
 
الحال، أن هناك فصائل في منظمة التحرير، تبدو غير مقتنعة بإمكانية الإتفاق على خطة عملية لتصحيح الحالة السياسية القائمة. وفي هذا الإطار، يرى أمين عام المبادرة الوطنية د.مصطفى البرغوثي أنّ انعقاد "المركزي" لن يحلّ مشكلة وإنما بالقيام بأمور عاجلة، أبرزها وضع برنامج كفاحي استراتيجي موحد، وإجراء الإنتخابات بعد تحديد موعدها.

جدير ذكره، أن إسرائيل لاقت تهديد عباس ببرودة، فيما أبدت الإدارة الأمريكية غضباً من خطاب عباس في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ودعته في رسالة، عبر المسؤول بالخارجية الأمريكية هادي عمرو، إلى التوقف عن إطلاق مثل هذه التهديدات التي تؤدي إلى التصعيد والإضرار بالوضع الراهن، وأن يُركز في ترتيب البيت الفلسطيني وتقليل الفجوة بين السلطة والشارع وتحسين الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية للسكان، تمهيداً لإطلاق المسار السياسي، حينما تحين الفرصة لذلك.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo