تقرير “بزنس التعليم” معضلة أولياء الأمور في المدارس الخاصة بالضفة

طلبة في مدارس خاصة
طلبة في مدارس خاصة

باتت المدارس الخاصة في فلسطين ملجأ لعشرات الآلاف من الطلبة، الساعين وراء تعليم ذي جودة عالية يؤهلهم للحصول على منح ووظائف مرموقة مستقبلا، ورغم ذلك، فإن مؤسسة زوايا” رصدت مواجهة الأهالي للعديد من الإشكاليات بالمدارس الخاصة كما في المدارس الحكومية.

مع بدء جائحة كورونا بدأت تلك المشاكل تظهر على السطح، تحت ما يُوصف بأنه “بزنس التعليم”، إذ تصاعدت شكاوى الأهالي مع الإغلاقات التي أثرت على دخل بعضهم، مما حال دون استكمال أبنائهم التعليم في المدارس الخاصة.

الجائحة كشفت العيوب

عضو المجلس المركزي لأولياء الأمور في المدارس الخاصة عبد الرحمن الكيلاني، قال لـ“زوايا”، إن جائحة كورونا كشفت عن عيوب كثيرة لم تكن ظاهرة في العقود التي تبرمها المدارس الخاصة مع أولياء الأمور، منوها إلى أن توجه أولياء الأمور لهذه المدارس جاء نتيجة نقص وعيوب بالمدارس الحكومية واكتظاظها الهائل وعدم اكتراث الحكومة بتقديم مساعدات لتحسين جودة التعليم.

وأوضح أنه في ظل الإغلاقات بسبب جائحة كورونا توجه الطلبة إلى المدارس فترة قصيرة وتغيبوا فصلا كاملا، إلا أن المدارس الخاصة طالبت الأهالي بالدفعات المالية كأن الدوام كان اعتيادي، كما رفضوا التواصل مع أي لجنة أو جسم تم تشكيله للتحدث معهم بهذا الخصوص.

وتابع: “توجهنا لوزارة التربية وكتبنا تفويضات رسمية الكترونية من الضفة وغزة بالحديث بأسماء أولياء الأمور وتم تشكيل حراك ولجنة تنسيقية لذلك، وعندما أصبح التفويض بشكل رسمي اضطروا للجلوس معنا في التربية وتحدثنا بأريحية حول الضرائب والمصاريف العالية التي تقع على عاتقنا”.

 وتبين وفقا للكيلاني “وجود ثغرات قانونية في العقود وتدخل مالكي المدارس بالعملية التعليمية، وقد يكون المالك لا يحمل شهادة علمية، ما يعني تدخل رأس المال في التعليم، وذلك في ظل غياب رقابة وإشراف الوزارة على هذا القطاع بصورة مطلقة”.

وأوضح الكيلاني أنهم طلبوا خصما بنسبة 60% من قسط العام الدراسي (2019-2020) لأن خدمة التعليم لم تقدم للطلبة، أي دفع 40% من القسط للتمكن المدرسة من دفع الرواتب وتسديد النفقات غير التشغيلية مراعاة لظرف كورونا، لكن أصحاب المدارس الخاصة رفضوا رفضا قاطعا”.

وكانت النقابة العامة لأصحاب المدارس الخاصة ورياض الاطفال في فلسطين، أعلنت أنه سيتم خصم 25 % من أقساط الفصل الثاني للعام الدراسي 2019/2020 على أن يحول الخصم لصالح ولي امر الطالب للعام الدراسي الجديد 2020/2021، وذلك بعد إلغاء الخصومات على الأخوة أو أي خصومات أخرى، بحيث يتم إلغاء رسوم خدمات ” after school “، الغذاء، الأنشطة اللامنهجية، المسابح، عن أشهر الطوارئ أذار، نيسان،أيار من العام الدراسي (2019-2020)

عشرات آلاف الشواقل للقسط

وبيّن أن الأقساط الدراسية السنوية في بعض المدارس الخاصة مرتفعة جدا، حيث تبدأ الأقساط من 5 آلاف شيقل وتصل إلى عشرات الآلاف من الشواقل، وذلك يعتمد على المدرسة والمرحلة الدراسية، مع العلم أن المدارس لا ترفع الأقساط وفق نظام غلاء المعيشة.

ولفت الكيلاني أنه مع بداية العام الدراسي 2020-2021، أجبرت المدارس الخاصة، الأهالي على التوقيع على تعهدات دفع القسط كاملا سواء تم التعليم أو توقف، وتبع ذلك هجرة كبيرة للطلبة من المدارس الخاصة إلى الحكومية، حيث انتقل في محافظة رام الله والبيرة وحدها 1939 طالب وطالبة للمدارس الحكومية، ولولا اعتماد التعليم المدمج (الوجاهي والإلكتروني) لما استطاعت المدارس الحكومية استيعاب هذا الكم الهائل من الطلبة.

وأشار إلى أن مجلس أولياء الأمور تعرض لضغوطات حتى لا يتم تشجيع الأهالي على النقل الجماعي للطلبة من المدارس الخاصة للحكومية، لأن “الحكومية” ليس لديها القدرة الاستيعابية لهذا العدد من الطلبة.

تدخل مالكي المدارس في التعليم

ومن المشاكل الأخرى التي واجهت أولياء الأمور في المدارس الخاصة، تدخل مالكيها بسير العملية التربوية بحيث يمكن لصاحب المدرسة أن يفصل المعلم أو ينقل الطالب، ويطال التدخل كل حيثيات العملية التعليمية، منوها إلى أن المدرس يخضع لقوانين وزارة التربية، وفق الكيلاني.

واعتبر الكيلاني أن المدارس كانت تلعب دورا مهما في التثقيف الوطني والتدريس في السابق، لكن هذا الدور اختفى اليوم مع وجود رأس المال.

جودة التعليم

ورأى الكيلاني أن توجه أولياء الأمور إلى المدارس الخاصة، جاء اضطراريا نتيجة تراجع التعليم في المدارس الحكومة وضعفه واكتظاظ الصفوف الدراسية فيها، مما يقلل من نسبة حصول التلميذ على الفرصة الكافية من التعليم، في المقابل يحصل الطلبة على الفرصة الكبيرة في التعليم والمهارات واللغات المختلفة، إلى جانب عدد محدود من الطلبة في الصف الواحد.

واعتبر أن التعليم الحكومي في فلسطين كان يحظى بسمعة جيدة لدى الأخوة العرب، وكانت فلسطين في السنوات الماضية تصّدر التعليم والمعلمين لبعض الدول العربية، وكانت المدرسة ليست فقط لمجرد التعليم بل للتثقيف الوطني أيضا.

الضرائب تلاحق المدارس الخاصة

أما زياد عايش، رئيس نقابة المدارس الخاصة ورياض الأطفال في محافظة رام الله والبيرة، فاعتبر أن أهم المشاكل التي تواجه المدارس الخاصة، أولا: عجزها عن دفع رواتب موظفيها بسبب عدم التزام أولياء الأمور بتغطية التزاماتهم المالية، وثانيا: الضرائب التي تدفعها للحكومة وهي ضريبة الدخل وضريبة الأملاك، وضريبة البلديات وضريبة القيمة المضافة، بالإضافة إلى أن المدارس الخاصة تشتري الكتب من وزارة التربية على نفقتها الخاصة وليس بتبرع من الوزارة.

وحول الخصم من الأقساط الدراسية في العام الأول للجائحة، قال عايش لـزوايا إنه لا يوجد أحد يستطيع إلزام المدرسة بالخصم من القسط، لأنه جزء من العقد السنوي، بالتالي المدرسة ملتزمة بدفع رواتب المعلمين والالتزامات الأخرى من نفقات تشغيلية.

 وأكمل قائلا: “مع ذلك أعطيت كل مدرسة الخيار في الخصم وبالنسبة التي تريد، ولقي ذلك تجاوبا من جميع المدارس الخاصة”.

وحول اتهامات أولياء الأمور بأن مالك المدرسة هو من يصدر القرارات فيها وليس المدير، نفى عايش ذلك قائلا: “كل المدارس تخضع لقانون التربية وإشرافها، ويوجد نظام ومدير للمدرسة يلتزم بذلك، وليس صحيحا أن صاحب المدرسة يتدخل بكل شيء فيها، ولم تصلنا أي شكوى بذلك من أولياء الأمور أو من التربية ولا من أي معلم أيضا”.

التعليم حق

من جانبه، أوضح الناطق باسم وزارة التربية والتعليم د. صادق الخضور لـ“زوايا أنه يوجد نحو 450 مدرسة خاصة في الضفة الغربية تضم نحو 80 ألف طالب وطالبة، وتضمن مدارس تتبع ملكية خاصة وجمعيات أهلية وكنائس.

أما فيما يتعلق بشكوى أولياء الأمور فيما يخص الأقساط، فقال إن هذه القضية كانت في العام الأول لجائحة كورونا، حيث اجتمعت “التربية” مع إدارات المدارس الخاصة وطلبت منهم مراعاة ظروف الأهالي، بخصم نسب معينة من الأقساط ولقي ذلك تجاوبا من قبل معظمها، وتم التواصل مباشرة مع المدارس التي لم تستجب.

وأضاف: “نحن في التربية نعتبر أن التعليم حق ولا يجوز حرمان الطالب من تلقي التعليم تحت أي ظرف خاصة بسبب الظروف المادية، وعندما كانت تظهر إشكاليات في ذلك كنا نتدخل وأبلغنا المدارس حينها أنه لا يجوز حجز ملفات الطلبة ومنعهم من الانتقال للمدارس الحكومية”.

وعلى الرغم من شكاوى الأهل بشأن ضعف رقابة وزارة التربية على المدارس الخاصة وآليات الإدارة فيها وتدخل مالكيها في اتخاذ القرار، أكد الخضور أن الوزارة تتابع أي شكوى تصلها بهذا الخصوص، وتتدخل دائما لحلها وتجبرها على الالتزام بقرار وقوانين الوزارة.

إشكالية التعليم في القدس

وخلال العدوان الأخير الإسرائيلي على قطاع غزة، اشتكى أولياء الأمور في مدرسة “شميدت” الألمانية بالقدس المحتلة، من تبني بعض معلمي المدرسة الرواية الإسرائيلية فيما يخص القضية الفلسطينية ومحاولة إقناع بعض الطلبة بها، الأمر الذي أدى لاحتجاج الأهالي على ذلك، مما دفع إدارة المدرسة لإغلاقها لأيام.

وتعليقا على مدى التزام المدارس الخاصة بالقدس بقوانين وزارة التربية والمنهاج الفلسطيني، أوضح الناطق باسم وزارة التربية والتعليم أنه يوجد في القدس نحو 50 مدرسة خاصة، تخضع لقوانين وزارة التربية.

وأضاف أن الوزارة عقدت أكثر من اجتماع مع هذه المدارس بغية التحقق من التزامها بالمعايير وبالمنهاج الفلسطيني وكان هناك تفهم من القائمين عليها وتم الالتزام بالمنهاج الفلسطيني لأن بناء الهوية الفلسطينية يمثل رسالة من خلال المنهاج.

وأوضح أن “مديرية التربية في القدس تتابع بشكل دائم المدارس الخاصة في القدس، ونتحمل دورنا في ذلك، ونحرص على الالتزام بالضوابط، حيث أن المدارس الخاصة مكملة لدور وزارة التربية والتعليم”.

وأشار إلى أن المدارس الخاصة في القدس تتعرض لهجمة ومحاولة لمنحها نظام ومنهاج غير المنهاج الفلسطيني، وما نلمسه في معظم الحالات أن هناك تجاوبا من قبل القائمين على هذه المدارس مع وزارة التربية.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo